IMLebanon

البطاقة التمويلية عند دخول مدار الانتخابات النيابية

كتب حسين زلغوط في “اللواء”:

بالرغم من الضغوط الهائلة التي مارستها الدولة الفرنسية الأسبوع الفائت لتأمين ممر آمن لولادة الحكومة الميقاتية، فإن الكباش الداخلي على توزيع الحصص شكل سداً منيعاً أمام أن تحقق هذه الضغوط الأهداف المرجوة منها، لا بل انه أطاح بكل الآمال التي كانت معقودة على إمكانية أن تبصر هذه الحكومة النور في وقت قريب، وما يبعث على التساؤل هو تعاطي القوى السياسية بخفة مع التقارير الأمنية الواردة إلى لبنان من أكثر من جهة دولية وتحديداً روسيا تحذر من وقوف لبنان على عتبة انفجار كبير سيجعل من تأليف أي حكومة امراً تفصيلياً وثانوياً امام هول ما سيجري.

وإذا كانت بعض الدول مثل فرنسا وصلت إلى مرتبة عالية من الاستياء على الطريقة التي يتم التعامل فيها مع تأليف الحكومة، فإن دولاً أخرى باتت مشوشة الأفكار بفعل عدم درايتها بالأسباب الحقيقية الكامنة وراء التأخير الحاصل في تأليف الحكومة، وهذه الدول لوّحت في بعض الأوقات بإمكانية انكفائها عن ممارسة دور المشجع والمساعد على تجاوز هذه الأزمة التي يتفرع عنها أزمات اقتصادية ومالية تجنح بلبنان إلى الهاوية والمزيد من المآسي والأزمات الإضافية.

ويبدو من خلال المعطيات ان الأسبوع الحالي الذي سيكثف فيه اللواء عباس إبراهيم تحركه باتجاه الجهات المعنية بالتأليف سيكون اسبوعاً حاسماً لا بل مصيرياً حول هذا الاستحقاق الدستوري، فإن هو نجح في تذليل العقبات الموجودة وخصوصاً في ما يتعلق بالثلث المعطل، تكون العجلة الحكومية وضعت على السكة الصحيحة وتتحقق الآمال في تأليف الحكومة، وإن هو فشل في مسعاه فإن ذلك يعني ان الرئيس المكلف سيصعد إلى بعبدا ويخرج من جيبه ورقة الاعتذار، وبذلك تكون البلاد قد دخلت في المجهول، كون ان الرهان كبير في الداخل والخارج على وساطة اللواء إبراهيم في تضييق الفجوة التي ما تزال موجودة بين الرئيسين ميشال عون والرئيس ميقاتي.

وفي هذا السياق ترى مصادر سياسية ان البلد دخل فعلياً مدار الانهيار، وان الأحداث والتطورات المعيشية والاجتماعية سبقت بأشواط عملية تأليف الحكومة، فيما أهل الحل والربط وكأنهم يعيشون على كوكب آخر غير آبهين بما يجري حيث تُشير التقارير إلى ان منسوب الفقر والعاطلين عن العمل في لبنان يرتفع بشكل هائل، وهو يُهدّد بإمكانية حصول انفجار اجتماعي ستكون نتائجه كارثية على لبنان.

وتسأل المصادر عن العقبات التي تحول دون التأليف وهي تراها بأنها لا تساوي شيئاً امام ما يتعرّض له لبنان على كل الصعد، وتقول ما الذي يمنع من وضع خطة طارئة لمعالجة الأوضاع المعيشية أم أن المسؤولين بكل فئاتهم قرروا استخدام ذلك ورقة لكي يلعبوها في الاستحقاق الانتخابي المقبل، متسائلة: هل يريدون الإفراج عن البطاقة التمويلية عند دخول مدار الانتخابات النيابية؟

وتعرب هذه المصادر المطلعة بشكل كبير على مسار العملية التفاوضية الجارية بشأن تشكيل الحكومة عن اعتقادها بأن انعدام الثقة الموجودة بين الأطراف المعنية بهذا الملف هو الذي يؤخر ولادة الحكومة، وما دامت هذه الثقة مفقودة فإن عملية التأليف ستبقى في دائرة التعقيد والمراوحة، وأن جُلّ ما هو مطلوب إقدام الفرقاء المعنيّين على تبادل التنازلات لعلّ ذلك يرمم هذه الثقة ويضع الأمور على المسار الصحيح بعد ان وصل لبنان إلى مرحلة خطيرة لم يسبق ان مرّ بها منذ الاستقلال إلى اليوم.

وتكشف هذه المصادر عن ان الرئيس المكلف كان في وارد الاعتذار الأسبوع الفائت غير ان تدخلات داخلية وخارجية اقنعته بالتريث وإعطاء فرصة جديدة للمفاوضات التي يجريها مع رئيس الجمهورية للتفاهم على توليفة حكومية تضع حداً للأزمة الراهنة، وإذا كانت هذه المصادر ترى انه من المبكر إقفال الأبواب على نتائج سلبية للمفاوضات الجارية في قصر بعبدا، إلا أنها لا ترى في الأفق ما يؤشر إلى ولادة «أيلولية» للحكومة العتيدة، إلا في حال حصل أي تطوّر إيجابي لم يكن موضوعاً في الحسبان.

وتعرب المصادر عن خوفها من ان تكون العقد التي تحول دون تأليف الحكومة قد تجاوزت مسألة المحاصصة في توزيع الحقائب إلى مسألة إحداث تغييرات في اتفاق الطائف أو نسفه من أساسه، حيث ينقل بعض زوّار قصر بعبدا ان رئيس الجمهورية يسعى لأن يكون شريكاً فعلياً في تأليف الحكومة وأن لا يقتصر دوره على المشورة والتوقيع فقط، وإذ صح هذا الأمر فإن الموضوع يكون قد تجاوز مسألة تأليف الحكومة إلى أبعد من ذلك بكثير وهذا سيفتح الأمور على شتى الاحتمالات، وسيضع لبنان برمته على فوهة بركان خصوصاً وأن الجميع يعلم المرحلة القاسية التي عاشها لبنان قبل الذهاب إلى الطائف والاتفاق هناك على المبادئ التي أدّت إلى وقف الحرب.