IMLebanon

الثلث المعطّل… يُجمّد من جديد الحكومة!

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

من كان ليصدّق أنّ حقيبة الاقتصاد هي التي جمّدت مشاورات تأليف الحكومة التي كانت بلغت وفق العاملين على هذا الخطّ، نهايتها السعيدة من خلال الاتفاق على معظم المسائل وحلّ معظم العقد بما فيها آلية اختيار الوزيرين المسيحيين، اللذين لن يسميهما رئيس الجمهورية بالمباشر؟

حتى ساعات ظهر يوم أمس كان الاعتقاد السائد أنّ الحكومة أنجزت على نحو شبه كامل، وكان يُنتظر من دوائر قصر بعبدا أن تحدد موعداً لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ليحمل مسودته الحكومية النهائية لتوقيع مراسيمها وتلاوتها من جانب مدير عام الرئاسة.

فعلاً، كانت المرة الأولى التي شعر فيها طهاة الطبق الحكومي بقابليّة رئيس الجمهورية لإبداء ليونة في مواقفه تجاه ملف التأليف، بما معناه التخلي عن الثلث المعطّل، بخلاف موقف رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي يعتقد أنّ ثمة “مؤامرة دولية تُحاك ضده، ولذا يصرّ على ضمان حصوله على ثلث معطِّل في آخر حكومات العهد تكون آخر أوراقه قبيل الانخراط في الوحول الانتخابية”.

على هذا الأساس تمّ التفاهم على أن تكون حصّة الفريق العوني مكونة من 8 وزراء بينهم الوزير الأرمني ووزير درزي، على أن يتولى رئيس الجمهورية بالتنسيق مع رئيس الحكومة المكلف تسمية بقية الوزراء المسيحيين وفق آلية اقترحها مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، من خلال طرح سلّة أسماء غير محسوبة على أي من الفريقين ويصار الى اختيار اسمين من بينها بالتفاهم بين الرجلين، على أن يتعهد الوزيران الملكان بعدم تقديم استقالتيهما إذا قرّر باسيل إشعال الضوء الأحمر وتقديم وزراء الفريق العوني استقالتهم الجماعية… إلى أن اشتعلت حرب البيانات بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، ما اضطر محطة “المنار” الى التدخّل والتخفيف من حدّة الاحتقان من خلال الإشارة إلى أن بيان الرئاسة الأولى لم يكن يقصد رئيس الحكومة المكلف.

ولكن بالنتيجة، تراجع اللواء ابراهيم بعض الخطوات إلى الوراء، وها هو يعمل على خطّ العلاقة مع سوريا من خلال المشاركة في الوفد الوزاري الذي سيزور دمشق من باب إعادة ترتيب العلاقة على المستوى الرسمي، وبحث مسألة استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن… فيما المشاورات الحكومية مجمّدة.

يقول أحد العاملين على الخطّ الحكومي إنّ شيئاً ما حصل خلال الساعات الأخيرة أدى الى فرملة التأليف، نافياً أن يكون هناك أي طارئ سياسي أو قرار خارجي قد ساهم في عرقلة ولادة الحكومة، لافتاً إلى أنّ السيناريو الوحيد الممكن تكهّنه يتصل بالثلث المعطل وامكانية دخول الوزير جبران باسيل على خطّ التعطيل لكون مطلبه غير محقق في هذه التركيبة.

ويؤكد أكثر من معني بالملف الحكومي أنّ وصول أولى شحنات النفط الايراني إلى الشواطئ السورية ليس سبباً لفرملة الاندفاعة الحكومية، مع العلم أنّ المعلومات تشير إلى أن ميقاتي سبق له أن أبلغ “حزب الله” أنه لن يقبل بترؤس حكومة قد يكون أول انجازاتها فرض عقوبات أميركية بسبب النفط الايراني، ولهذا تمّ التفاهم على آلية تفريغ الحمولة في سوريا ونقلها براً إلى البقاع تمهيداً لتوزيعها وبيعها. ولهذا يشدد هؤلاء على عدم وجود أي تطور سياسي سلبي من شأنه أن يحول دون دخول ميقاتي السراي الحكومي، جازمين بأن العقدة محلية بامتياز!

في مطلق الأحوال، حتى لو كان الخلاف على حقيبة الاقتصاد لارتباطها بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، هي التي فجّرت مساعي التأليف، وأعادتها خطوات إلى الوراء، فإنّ الوضع الاستثنائي الذي يعيشه اللبنانيون يفترض أن يدفع إلى تقديم الكثير وليس القليل من التنازلات لحماية ما تبقى من مواطنين، بعد النزيف البشري الحاصل والمنذر بالمزيد من الكوارث الاجتماعية.