IMLebanon

المستشفيات تنازع… أرقام مخيفة والطواقم الطبية تهاجر!

عقدت نقابة المستشفيات في لبنان لقاء مع عدد من ممثلي السفارات العاملة في لبنان والمنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية، في بيت الطبيب- قاعة الوليد بن طلال، شارك فيه نقيب المستشفيات المهندس سليمان هارون، نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف ابو شرف، اعضاء مجلس ادارة نقابة المستشفيات وممثلون عن: البنك الدولي، منظمة الصحة العالمية، وكالة التنمية الاميركية، الوكالة الفرنسية للتطوير، منظمة فرسان مالطا، وعن السفارات: الاسترالية، السويسرية، الاسبانية، البولندية، المصرية والتركية الى جانب وفد من اطباء بلا حدود.

وجرى خلال اللقاء عرض للتحديات التي تواجه القطاع الاستشفائي الخاص في لبنان والذي اصبح بحاجة ماسة الى دعم خارجي بغياب توافر الحلول الداخلية.

وركز منظم اللقاء عضو مجلس نقابة المستشفيات ريشار هيكل في كلمته على المصاعب التي تواجه القطاع اليوم بفعل الازمة الاقتصادية “اذ اصبح الامر يتعلق بموت المريض الذي لم يعد بمقدوره الدخول الى أي مستشفى”.

من جهته، قال أبو شرف: “في الواقع، نجحنا معا في جعل بلدنا “مستشفى الشرق”. وللأسف، وجد لبنان نفسه فجأة محروما من الصحة العامة، وبدأ آلاف اللبنانيين يعانون من نقص الرعاية الصحية وحتى الجوع. السلطات والطبقة السياسية غير مهتمة بهذه الأزمة المسؤولة عنها. ورغم ذلك، فإن مشاكلنا الاقتصادية والمالية معروفة للجميع، مع الإدراك أن المساعدة المتبادلة ضرورية لحلها. من بين المشاكل التي نواجهها، تحتل الصحة مكانة أساسية. الصحة في حد ذاتها هي مؤشر أساسي. اليوم، يعاني المرضى، ويحرمون من الأدوية التي يحتاجونها. آلاف الأطباء والممرضات يهاجرون. تقفل المستشفيات بعض أقسامها بسبب نقص مادة المازوت والمستلزمات الطبية والأدوية والممرضات. ومن بين كل هذه المصائب، تبقى الأزمة الاقتصادية والفساد داخل المؤسسات من الأسباب المباشرة. نتيجة لذلك، فقدت العملة الوطنية ما يقارب 90% من قيمتها، والخوف من الأسوأ موجود. ما زلنا نأمل ألا يشهد لبنان مصير دول معينة في إفريقيا وآسيا وأميركا من الإفلاس الكامل. لذلك، يجب أن نتعاون بشكل عاجل في خدمة الفئات المريضة والمحرومة في المجتمع وصولا الى طريق الخلاص والشفاء. خلاف ذلك، هناك خطر كبير أن يهلك لبنان بل ويضمحل، كما قال رئيس الكنيسة المارونية اخيرا”.

وأردف: “حان وقت المساعدة المتبادلة، لم تعد هناك لحظة نخسرها. يجب على المنظمات والهيئات الدولية التدخل وتقديم الدعم المالي والمادي المباشر للقطاعات الصحية والتعليمية والمصرفية والاجتماعية التي تمر بأزمة. لقد حان الوقت لتقديم التضحيات والمساعدة بشكل ملموس وعملي، وليس شفهيا فقط، للمستشفيات وكذلك الى الطاقم الطبي والتمريضي. الحياة أغلى بكثير من المال أو الدواء الذي يجمعه بعض الناس عن طريق الاحتيال، بينما يموت الناس من الجوع أو المرض”.

بدوره، شكر هارون المشاركين في اللقاء على تضامنهم مع القطاع الصحي في لبنان. وقال: “بالطبع، أنتم جميعا تدركون الصعوبات التي يواجهها لبنان. قبل عامين، لم يكن أحد يعتقد أننا سنصل إلى هذه النقطة. أصبح من الواضح فجأة أن جميع السكان أصبحوا ضحية لأكبر مخطط “بونزي” على يد قادته، مع قيام “البنك المركزي” والبنوك التجارية بدور ناشط في هذا المخطط. لم نتخيل قط في أسوأ كوابيسنا أنه يمكن الوصول إلى هذا العمق. في كل مرة نعتقد أننا وصلنا إلى نهاية سقوطنا نفاجأ بمزيد من التدهور. لم تكتف الدولة في لبنان بتدمير نفسها، بل سحقت معها القطاع الخاص بدون استثناء القطاع الصحي. مع حد أدنى رسمي للأجور يناهز الدولار الواحد في اليوم، لم يعد بإمكان هذا البلد تحمل تكاليف علاج مرضاه بالأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية المستوردة من الغرب. لا يستطيع الأطباء والممرضات توفير حياة كريمة لأسرهم. والآن، مع الرفع التدريجي للدعم، نتجه نحو كارثة حيث لن يتمكن معظم السكان من الحصول على العلاج سواء داخل المستشفيات أو خارجها، بينما الدولة غير قادرة على مواجهة هذا التحدي. سيموت الناس في المنزل أو حتى في المستشفيات بسبب نقص العلاج المناسب. لهذا السبب، نحن بحاجة إلى الدعم، ليس من أجل إنقاذ المستشفيات، ولكن لضمان معاملة الناس بشكل صحيح وخصوصا الفقراء”.

وأشار الى “ان جائحة Covid-19 وانفجار مرفأ بيروت وتفكك الاقتصاد تسببوا بخسائر فادحة في المستشفيات. وقد تراجعت بشكل كبير قدرتها على دعم المحتاجين. نحن نسعى للحصول على الدعم الخارجي لتجنب المزيد من المعاناة بين الفئات الأكثر ضعفا. الدعم الذي يمكن توجيهه خارج بيروقراطية الدولة، ويمكن متابعته مع استهداف أكثر الناس حاجة. الشعب اللبناني غاضب. وقد وصلنا الى هذا الواقع نتيجة تمسّك السلطة الحاكمة بقوانين انتخابية مشوّهة، وهي الطبقة التي قادت البلاد إلى كارثة”.

بعد ذلك، عرض خبير الادارة الاستشفائية وامين سر نقابة المستشفيات في لبنان الدكتور محمد علي حمندي ملخص دراسة اعدتها نقابة المستشفيات الخاصة في لبنان، قارنت فيها بيانات ما قبل العام 2020 مع بيانات الاشهر الستة الاولى من العام 2021. وقال: “أظهرت الدراسة ان الوضع الصحي والاستشفائي قد وصل الى درجة عالية الخطورة، فتبين ان 30% من أسرة المستشفيات الخاصة قد اقفلت، فيما انخفض عدد دخول المرضى بنسبة 25%، كما ان نسبة اشغال المستشفيات لا تتجاوز 55%. وتراجعت بدورها نسبة زيارة اقسام الطوارىء 14% اضافة الى صعوبة معالجة مرضى الطوارىء بسبب النقص الحاد في الادوية الحيوية. هذا وانخفض عدد العمليات الجراحية بنسبة 37% ومرضى السرطان بنسبة 14%. اما بالنسبة لمرضى غسيل الكلي فإن التعرفة الحالية هي 13 دولارا فيما ان الكلفة الفعلية هي 26 دولارا علما ان هؤلاء المرضى يعانون من نقص حاد في الادوية. وفي ما يتعلق بالعناية الفائقة بشكل عام والعناية الفائقة المخصصة لحديثي الولادة فهناك مشكلة فقدان الادوية ونقص لافت في عدد التمريض والاطباء المتخصصين. وفي غضون ذلك، اظهرت الدراسة ان الموازنة المرصودة للصحة قد تقلصت 12 ضعفا بما لا يتوافق مع الكلفة الحقيقية”.

وأشار الى انه “من المتوقع ان تصل هجرة القوى العاملة من ممرضين وممرضات واطباء الى مستوى خطير نهاية العام الحالي، ما سيحول دون امكانية تشغيل اقسام متخصصة. كما تعاني المستشفيات من مشاكل توفير قطع الغيار ومادة المازوت والبنزين للعاملين والماء والدواء والمستلزمات الطبية وقد وصلت الأمور الى الخطوط الحمراء”.

وخلصت الدراسة الى ان “استمرار الوضع الحالي سيؤدي حتما الى كارثة صحية على المواطن، وبالتالي، سيكون له تداعيات خطيرة على استمرارية خدمات المستشفيات، وسينعكس زيادة في عدد الوفيات، كما وفي المضاعفات المرضية، الى جانب تأخير العلاج وصعوبة حصول المريض على العناية الصحية”. وطالبت الدراسة “المجتمع الدولي بمساعدة المستشفيات الخاصة على الصمود وتأمين صندوق لدعم المرضى خصوصا من هم بحاجة الى عناية طارئة ودائمة”.

بعدها تحدث الاعلامي الخبير في الشؤون الاقتصادية موريس متى عن مؤشر الاداء الصحي في لبنان “الذي كان في المرتبة 33 بين 195 دولة في العام 2018”. وقال: “لقد واجه لبنان تحديات كبيرة في المرحلة الاخيرة انعكست تدهورا على القطاع الصحي فيه لا سيما مع انتشار وباء كورونا”، لافتا الى “موجة الهجرة للطاقم الطبي والتمريضي التي بدأت تتفاقم في الاونة الاخيرة”.