IMLebanon

السنة المدرسية انطلقت بين سندان أزمة المحروقات ومطرقة نزف المعلمين

كتبت جويل رياشي في صحيفة الأنباء:

انطلقت السنة الدراسية اللبنانية 2021 – 2022 على وقع تفاقم أزمات معيشية عدة تعصف بالبلاد، في طليعتها تلك النقدية بعد انهيار العملة الوطنية، إلى تأمين المشتقات النفطية من مازوت للتدفئة في المدارس الواقعة في مناطق جبلية مرتفعة، فضلا عن تلك التي تحتاج إلى تأمين الكهرباء، ناهيك عن مادة البنزين لنقل التلامذة إلى المدارس سواء عبر سيارات خاصة أو وسائل نقل مدرسية.

على وقع صعوبات عدة انطلقت السنة الدراسية، بعد إصرار من وزير التربية السابق طارق المجذوب، وتأكيد الوزير الجديد عباس الحلبي، على ضرورة التعليم الحضوري، بعد سنتين دراسيتين أمضاهما التلامذة في البيوت خلف شاشات الكمبيوتر والألواح الذكية بسبب تفشي فيروس كورونا.

كذلك رافقت انطلاق السنة الدراسية حملات تطعيم غير إلزامية للتلامذة، بدا الإقبال عليها لافتا، على ان تبلغ الذروة في نهاية الشهر الحالي، اثر بدء تلقي المسجلين من التلامذة على المنصة الإلكترونية رسائل تحدد لهم مواعيد تلقي الجرعة الأولى من اللقاح.

لم تغب أيضا الصعوبات الروتينية لجهة ارتفاع أسعار الكتب ومستلزمات الدراسة من قرطاسية (دفاتر وأوراق واقلام وغيرها)، وإن كانت الاسعار عرفت تراجعا طفيفا تسبب بـ «خضة» لدى اصحاب المكتبات وقسم كبير من الاهالي الذين حجزوا الكتب باكرا على سعر صرف مرتفع للدولار الأميركي تخطى العشرين الف ليرة.

وتجدر الإشارة هنا إلى انتشار ظاهرة تبادل الكتب بين الأهالي، واقتصار الشراء على الاصدارات الجديدة. وقد بلغ سعر كتابين لتلميذة في القسم الاول ثانوي في احدى مدارس البعثة العلمانية الفرنسية، ثلاثة أضعاف قيمة فاتورة كافة الكتب المستعملة التي اشترتها من تلميذة صعدت إلى الصف الأعلى.

الا ان التحدي الابرز يكمن في تأمين مادة البنزين التي تكفل انتقال الاساتذة والتلامذة من بيوتهم إلى المدارس والعكس، في ضوء الشح الكبير وإقفال غالبية محطات الوقود وتعليق خراطيمها، قبل إعلان الحكومة الجديدة رفع الدعم الرسمي عن أسعار الوقود والمشتقات النفطية وتحرير أسعارها، ما يعني ارتفاعا قياسيا غير معهود في أسعار النقل.

التحدي غير سهل، مع توقع شل حركة السيارات في البلاد لغياب مادة البنزين، لكنه لن يؤدي بالضرورة إلى تأجيل فتح غالبية المدارس أبوابها، وربما يؤدي إلى إعادة جدولة في المواعيد، فيما يتأمل كثيرون ان تسارع الحكومة الجديدة إلى اتخاذ خطوات تؤدي إلى حلحلة سريعة في تأمين المحروقات.

سنة دراسية ستكون مختلفة عن سابقتيها، بعودة الاولاد إلى مدارسهم والتخلي عن متابعة الدروس من المنازل، سنة مشوبة بصعوبات، بينها إعلان اساتذة التعليم الرسمي اللجوء إلى الاضراب مطالبين بتحصيل حقوق ومتأخرات، وتحسين رواتبهم، الا ان اساتذة التعليم الخاص التزموا الحضور إلى المدارس لاختلاف عقودهم القانونية عن تلك الخاصة بأساتذة التعليم الرسمي.

في اي حال، بات حديث الناس والاهالي تحديدا عن الأكلاف الباهظة للنقل، والتي تتخطى في غالبية المدارس قيمة القسط السنوي، مع تحديد غالبية المدارس أسعار النقل بالدولار الأميركي النقدي، ناهيك عن قيام بعض المدارس، باستيفاء قسم من القسط السنوي بالعملة الأميركية الخضراء ولو بنسبة زهيدة لدى البعض بلغت 200 دولار.

في المحصلة بات واضحا ان قيمة الزيادة على الأقساط ناهزت الـ 35%، مع الإشارة إلى قلة من المدارس التابعة لمؤسسات أجنبية قررت استيفاء قسم من الأقساط بالدولار الأميركي، فيما لجأت أخرى إلى حملات تبرع اختيارية من الاهالي والمتخرجين لتسديد مبلغ مقطوع بالعملة الاجنبية، لتعزيز الواقع المعيشي لطاقهما التعليمي، بتسديد مبلغ شهري مقطوع غير كبير من رواتبهم بالدولار الأميركي.

18 مليون ليرة لبنانية هي القيمة الأولية لكلفة انتقال الابنة الصغيرة لسامر من إحدى بلدات قضاء جبيل الساحلية إلى مدرستها في كسروان. كلفة تتخطى قيمة القسط السنوي بثلاثة أضعاف ونيف، من دون حسم استقرار هذه الكلفة على هذا السعر، لارتباطها بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي على أسعار المحروقات.

وفي الحديث عن تخوف الاهالي من تدني جودة التعليم، يصر قسم من المدارس المحلية وتلك التي تديرها بعثات أجنبية على تحسين أوضاع الاساتذة وطاقم العمل، لتفادي النزف الذي تسببت به هجرة قسم من هذا الطاقم اثر حصوله على فرص عمل في الخارج، غالبيتها في دول الخليج العربي، في مقابل اختيار البعض الانتقال إلى مزاولة مهنة أخرى والتوقف عن التعليم.

صحيح ان هذه المدارس رفعت شعار تكريس جودة التعليم بتقديم حوافز لطواقهما، ولكن دائما من جيب الأهالي!