IMLebanon

ما خيارات قاضي الاستئناف حول تحقيق البيطار؟

كتب عمار نعمة في “اللواء”:

منذ كفّ يد المحقق العدلي في جريمة المرفأ طارق البيطار في 27 أيلول عن عمله، بتهمة الارتياب المشروع، وإلغاء كل الجلسات والتحقيقات المتعلقة بها حتى قرار قاضي الاستئناف نسيب إيليا، ثمة تخوف كبير من قبل اهالي ضحايا المرفأ وكل المتعاطفين معهم، من محاولة لتمييع القضية وأقله شراء الوقت لصالح المتهمين فيها.

ثمة تاريخ بالغ الأهمية بالنسبة الى كل هؤلاء هو 19 تشرين الأول المقبل حين يعود مجلس النواب الى دورته العادية، حيث سيتمتع نوابه بالحصانات ولا يعود في مقدور القاضي البيطار استدعاءهم الى الجلسات إلا بموافقة المجلس الذي سيعود إليه موضوع البت برفع الحصانات عن المستدعين.

وسيصبح من الدستوري انتظار انتهاء الدورة العادية للمجلس بعد اشهر طويلة، لكي ينفذ عليهم اي اجراء من اجراءات الدعوى.

ولذلك فالمسألة في غاية الاهمية ان يقوم القاضي إيليا برد كفّ اليد عن البيطار قبل هذا التاريخ، وإلا فلا معنى لذلك حتى لو حصل بعده؟ كما يؤكد الناشط المدني والحقوقي المشارك في التحركات علي عباس الذي يلفت النظر الى ان ما يقوم به الاهالي والمتعاطفين معهم في الشارع هو في سبيل الضغط الشعبي على محكمة الاستئناف لكي لا تماطل بالبت بالطلب.

ويشير الى مفارقة تتمثل في انه في الحالة الماضية المتعلقة بالقاضي فادي صوان، «فقد استندوا الى قانون اصول المحاكمات الجزائية وطلبوا نقل الدعوى بالارتياب مقدمين اياها عن طريق محكمة التمييز الجزائية، وهو اجراء لا يوقف عمل صوان في النظر في الدعوى حتى يخرج القرار النهائي عن محكمة التمييز، ولكن المفارقة اليوم ان لا ترف وقت لديهم فقدموها بطريقة مخالفة للقانون كون لا اختصاص لمحكمة الاستئناف بهذا الامر»، مشيرا الى سوابق مشابهة.

وبالنسبة الى عباس وغيره من حقوقيين يتابعون القضية، «فإنهم يعرفون اليوم ان طلبهم سيُرد ولكن الهدف كان كفّ يد القاضي البيطار فور تبلغه وهو مجبر على ذلك الى حين صدور قرار محكمة الاستئناف».

وبات أمام البيطار مهلة ثلاثة ايام لكي يبدي ملاحظاته كما امام المُدّعين وذلك للرد على هذا الطلب ووضع الأدلة التي تثبت بطالة طلب الرد من جهة القاضي، وأحقيته من قبل هؤلاء «المدعين»، اما محكمة الاستئناف فلا مهلة لها للبت بالطلب «وهنا نطالب بالضغط عليها لكي لا تكون شريكه لهم ومن الممكن لها ان تبت بالأمر خلال 24 ساعة بما يمكن القاضي بيطار تعيين جلسة قبل 19 تشرين أول ويستدعيهم والقيام بعمله».

ثمة ثلاثة خيارات تمتثل امام إيليا: «أولا، رد الطلب لعدم الاختصاص بالشكل وبالتالي يستأنف البيطار تحقيقه. ثانيا، ان يقبله بالشكل ويرده بالاساس لعدم توفر اسباب الارتياب ويعود القرار للقاضي بيطار قرار الاكمال او التوقف. ثالثا، قبوله بالشكل وبأسباب الارتياب ونعيد تعيين محقق عدلي جديد بقرار وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الاعلى، والمشكلة هنا ستتمثل في ان اي قاضي سيُعين سيتعيّن عليه مراجعة ملفات القاضي بيطار وصوان ايضا، أي مئات آلاف المستندات وآلاف المحاضر ونكون بذلك دفنّا التحقيق نظرا لهذا التعجيز على القاضي الجديد».

تحركات متصاعدة وصولاً الى ذكرى الانتفاضة

الواقع ان غضب اهالي الضحايا يتصاعد ولعل غموض الموقف واليأس المحتمل من التوصل الى نتيجة في التحقيق يزيدان من الشعور بالمرارة. وستجري تحركات متتابعة بينها تجمع اسبوعي وصولا الى ذكرى 17 تشرين، ويُعمل في هذه الاثناء على تشكيل جمعية يؤمل ان تشكل بوتقة للأهالي تحت عنوان «أهالي ضحايا المرفأ».

وبات جميع المشاركين في التحركات حول القضية يعلم تماما ان اي خلافات ستتخذ طابعا سياسي ومنها تحميل «حزب الله» المسؤولية، لن تفيد سوى الاخير كونها تصدر عن جهات حزبية معادية له. ولذلك يجهد هؤلاء الى توحيد الرؤية في تجمعات مقبلة سيكون بعضها مفاجئا بمشاركة كل المتعاطفين من حقوقيين ومجموعات انتفاضة والتركيز على عدم اتخاذ تلك التحركات منحى يضر بالقضية وبالبيطار الذي يبدي الاهالي استعدادا مخلصا للبقاء في الشارع لمساعدته في مهمته والضغط لأجلها.

ويؤكد عباس الوقوف خلف الاهالي في تحركاتهم كما دعم البيطار «فعندما ينتهي من قضيته نقوم بتقييمه ونقول اين اظهر تقصيرا اذا ما حصل هذا التقصير، ولا يجوز تهديده ومنعه والتعسف بالتقاضي وسوء النية بهدف الهروب من المثول امام القضاء، فلو كانوا ابرياء فعلا لكانوا خضعوا للقضاء».

والحال ان عدم المحاسبة شكل لازمة للسياسة اللبنانية لا سيما منذ سنين الحرب. «هم اعفوا انفسهم من المحاسبة بالفساد وسرقة المال العام والآن يريدون اعفاء انفسهم من جريمة المرفأ عبر حصاناتهم السياسية التي تحميها زعاماتهم، ومن هنا اولا على القضاء التحرر من النفوذ والعباءة السياسية ويثبت استقلاليته، وعلينا اقرار قانون استقلاليته علما انها فعل يعود الى القضاء وهو ما نطالب القاضي نسيب إيليا به من دون بطولات وهمية بعد 19 تشرين».