IMLebanon

جبهات “الحزب” الكثيرة: الانتخابات وصندوق النقد وإسرائيل

كتب منير الربيع في “المدن”:

تتزاحم الملفات اللبنانية التي تحتاج إلى اهتمام حزب الله وتدخله. لذا، يضطر قريبًا إلى العمل على أكثر من جبهة، مادام يتصرف كأنما الانتخابات حاصلة وواقعة في 27 أذار المقبل. وها هو يعقد اجتماعات مع حلفائه تحضيراً لها. لكنه سرعان ما سيضطر إلى السير بين النقاط، للتوفيق بين حليفيه: أمل والتيار العوني.

انتخابات واقتصاد

واتخذ حزب الله قراراً بدعم التيار في دوائر جبيل، بعلبك الهرمل، جزين، وبعبدا. لكنه حريص كل الحرص على عدم تأثير ذلك سلباً على علاقته بثنائيه الشيعي، فلا يحدث أي توتر داخل الطائفة. وهو لم يعد يخفي في أوساطه تفضيله عدم مشاركة المغتربين اللبنانيين في العملية الانتخابية.

ويبدي حزب الله اهتماماً كبيراً في الملفات المالية والاقتصادية. فهو لن يترك للآخرين سوى هوامش ضئيلة فارغة في المفاوضات الدولية، السياسية أو الاقتصادية، ليكون هو الأقوى حضوراً فيها. ولا بد أن ينخرط أكثر في المشاريع المطروحة، كالخطط المالية والاقتصادية لوضع أسس المفاوضات مع صندوق النقد. وهو يرفع شعار: العبرة بما يفرضه لبنان من شروط، وليس الالتزام بما يمليه الخارج. ولن يكتفي بدور المراقب الذي كان يتخذه سابقاً.

رسائل بالنار

إلى جانب هذه الملفات الداخلية، هناك الملفات الخارجية البعد: أولها ترسيم الحدود، وثانيها الحرب الأمنية المستمرة مع إسرائيل، وآخر فصولها عملية إسقاطه طائرة إسرائيلية مسيرة مساء نهار الخميس 30 أيلول الماضي. وهذه ليست خطوة بسيطة، وخصوصاً عندما يسارع الحزب إلى تبني مثل هذه العمليات ببيان رسمي. ما يعني أن الهدف أبعد من مجرد إسقاط الطائرة، وللقول إن الحرب الأمنية والاستخبارية مستمرة مع إسرائيل. والطائرات المسيرة الإسرائيلية هدفها رصد عمليات نقل أسلحة، وسواها من التي يمتلكها حزب الله.

وبعد تخوف إسرائيل من امتلاكه صواريخ دقيقة، تتخوف اليوم من أن يكون امتلك أسلحة دفاع جوي قادرة على إسقاط الطائرات. وهذا قد يعيدنا إلى ما جرى في منطقة معوض في ضاحية بيروت الجنوبية في تشرين الأول 2019. فحينها أسقط حزب الله طائرتين مسيرتين إسرائيليتين، كانتا في مهمة أمنية تتعلق بنظام أسلحة متطورة لديه.

وحزب الله لا يمزح إطلاقاً مع مثل هذه الأنشطة والتحركات الإسرائيلية. وهو يصر دوماً على إيصال رسائله بالنار، عندما تمس إسرائيل بأمور سرية لديه.

حرب سياسية كامنة

وعلى وقع هذه الحرب الأمنية والاستخبارية، يستمر حزب الله بحربه السياسية من بوابة ترسيم الحدود. إسرائيل مصرّة على عمليات التنقيب في مناطق يعتبرها لبنان متنازعاً عليها. وتبحث إسرائيل عن مزيد من الدعم الأميركي في هذا المجال لتطويق الموقف اللبناني. وحتى الآن لم يعط حزب الله كلمته النهائية بخصوص ملف الترسيم. تاركاً الأمر للدولة اللبنانية التي تبدو ضائعة في مسألة توقيع المرسوم.

والضغط الإسرائيلي والأميركي مستمر. ويبدو ذلك من خلال معلومات تشير إلى تعيين واشنطن السفير السابق آموس هوكشتاين رئيساً للوفد الأميركي المشارك في مفاوضات الترسيم. وذلك خلفاً للسفير جون ديروشيه.

ومعروف أن هوكشتاين هو الشخص الثاني الذي تولى التفاوض مع لبنان سابقاً، بعد السفير فريدريك هوف صاحب الخط الشهير. وموقف هوكشتاين أكثر تشدداً من موقف هوف. وهو يستعد -حسب معلومات- لزيارة إلى لبنان، للبحث في إمكان إعادة تجديد المفاوضات. وقد يصل به الأمر إلى المطالبة بتغيير أعضاء الوفد اللبناني المفاوض، في حال استمروا على قرارهم. ولبنانياً، هناك من يتهم واشنطن وإسرائيل بالسعي إلى استدراج لبنان إلى مفاوضات غير تقنية تمهد للتطبيع.