IMLebanon

الشكوك بنوايا الفريق الرئاسي

كتب وليد شقير في نداء الوطن:

مع أن رئيس الجمهورية ميشال عون قال قبل زهاء عشرة أيام إن السنة الأخيرة من عهده ستشهد تطبيق الإصلاحات المطلوبة بعد طول انتظار، فإن الوسط السياسي ينقسم بين من ينتظر التطبيق، ويأمل أن تؤدي التسوية التي أنتجت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى مطابقة الفعل مع القول، وبين من يشكك بهذا القول بالاستناد إلى ممارسات الفريق الرئاسي بالتزامن مع انطلاقة الحكومة. فهو ما زال يعتمد نظرية الأمر لي. هذا ما ظهر في سعي هذا الفريق إلى الهيمنة على تشكيل الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي، بالاستناد إلى المادة 52 من الدستور التي تعطي صلاحية التفاوض على المعاهدات الدولية لرئيس الجمهورية، مع أن الاتفاق مع صندوق النقد لا يرقى إلى مستوى معاهدة، بل هو اتفاق يتناول مالية الدولة وخطتها الاقتصادية والإصلاحات التي ستنفذها مقابل المساعدة المالية التي سيصرفها الصندوق للبنان. ومن البديهي أن يكون ذلك منوطاً بالسياسات العامة التي أوكل الدستور إلى الحكومة رسمها.

تشويه المادة 52 من قبل الفريق الرئاسي لخلق حجة فرض رأي الرئاسة بتشكيل الوفد لا ينفصل عن جنوح هذا الفريق نحو التفرد والعرقلة. وهو بذلك يحضّر من البداية، للصق تهمة عرقلة التفاوض مع الصندوق بالسجال على الصلاحيات تمهيداً لتجديد شباب الحجة القائلة “ما خلونا”، ومن أجل رمي تهمة إفشال الإصلاحات على ميقاتي أو على بعض الوزراء غير المحسوبين عليه، ويمهد بذلك لتكرار سيناريو اتهام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري بذلك…

السوابق تتيح الاعتقاد بأن هذا الفريق، عن طريق السجال حول الصلاحيات، سيغرق التفاوض على الإصلاحات وإقرارها في مجلس الوزراء بالمقايضات على مكاسب يطمح إليها سواء في التعيينات الإدارية المزمعة، والتي يتصرف بشراهة حيالها بالتزامن مع موسم الرشاوى الانتخابية، أو في شأن بعض التلزيمات المنتظرة في قطاع الطاقة. ولهذا السبب ما زال يمانع في تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع.

ليس بعض الوسط السياسي اللبناني وحده من يشكك باستعداد الفريق الرئاسي لتسهيل التفاوض مع صندوق النقد، وبالتالي بعض الإصلاحات، بل ان المجتمع الدولي يرصد إلى أي مدى سيواصل هذا الفريق اللعبة الجهنمية التي اتصف بها في السنوات السابقة.

والعارفون بطبيعة زيارة منسق المساعدات الدولية للبنان السفير بيار دوكين يؤكدون أنها لن تتناول برنامج المساعدات التي أقرها مؤتمر “سيدر”، بل هي مسعى من باريس للحض مجدداً على تحقيق ما أمكن من إصلاحات في خلال العمر القصير للحكومة قبل الانتخابات، ولتنسيق المساعدات الإنسانية التي ستذهب مباشرة إلى الناس عبر جمعيات المجتمع المدني أو للمؤسسات التعليمية تحت عنوان وقف الانهيار لا أكثر، ولإفهام السلطة الحاكمة بأن هناك رقابة على إنفاق المليار و135 مليون دولار من صندوق النقد لا سيما أنه سيخصص جزء منه لتأهيل قطاع الكهرباء الذي تعتبره باريس أولوية.

وإذا كان تحرك دوكين يواكب سعي وزير الخارجية جان إيف لودريان لحض المملكة العربية السعودية على المساهمة معها في خطوات تقديم المساعدات للبلد، فإن الفريق الحاكم يترك لميقاتي مهمة “القيام بما علينا” الصعبة، لاستعادة العلاقة مع الدول الخليجية غير آبه بما يترتب عليه هو من مسؤولية عن إخراج البلد من دائرة العداء لهذه الدول بفعل تغطيته لسياسة “حزب الله”، وتغاضيه عن ممارسات الهيمنة على السلطة، وآخرها تهديد المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار.

أليست سياسة دفن الرؤوس في الرمال من قبل هذا الفريق هي التي دفعت البطريرك الكاردينال بشارة الراعي إلى القول أمس إن “الشعب لم يعد يتحمل تدوير الزوايا بين الحق والباطل، وبين السيادة والإذعان، وبين القاتل والضحية. أصدقاء لبنان العرب والدوليون ينتظرون التزام سياسة واضحة كي يشاركوا في نهضته الاقتصادية والمالية، بعيداً من الإزدواجية الممقوتة”؟