IMLebanon

هذه قصة سعيد مع عطل الميكانيك: الأسعار نار وعلى دولار السوق السوداء

كتب مايز عبيد في نداء الوطن:

فجأة وجد اللبناني نفسه بين أزمات كل واحدة منها أصعب وأدهى من الأخرى ولا يدري سبل للخروج منها، في وقت لا يستطيع التخلّي عن أي منها لأنها شر لا بد منه وتدخل في صلب تفاصيل حياته اليومية.

من أشد الأزمات خطورة وصعوبة أزمة تصليح السيارات وصيانتها، سيما وأن الأعطال فيها لا تنتهي بعدما رفع عمال الميكانيك أجرتهم تماشياً مع الغلاء وكل أشكال الإرتفاع الحاصل بالأسعار، إضافة إلى أن أسعار قطع التبديل في عالم الميكانيك تباع جميعها وتشرى على دولار السوق السوداء. ولكي يكتمل “النقل بالزعرور” عمد التجار إلى رفع الأسعار حتى على الدولار نفسه، فالقطعة التي كانت تباع مثلاً في السابق بـ10 دولارات صارت بـ15 و 20 دولاراً وهكذا دواليك، وحجّتهم في ذلك ارتفاع تكاليف الجمرك على البضاعة المستوردة كما يقولون للزبائن.

نروي في هذا التقرير معاناة مواطن شمالي مع تصليح سيارة الـ”هوندا” التي يملكها، يسمع كلما همّ بقيادتها صوت “جلبة” أمامية حتى بعدم وجود حفر، وكأنها تتكسّر وتتحطم. يقول المواطن سعيد (إسم مستعار): “كلما كنت أسمع ذاك الصوت أخاف وأجزع لربما كان جهاز ممتص الصدمات الأمامي ( amortisseur) قد تعطل وأسعاره الآن في خبر كان فماذا عليّ أن أفعل”؟

توجه سعيد بسيارته إلى كاراج لتصليح السيارات في المنطقة ليعرف ماهية العطل. فقادها الميكانيكي لبرهة صغيرة قبل ان يعود ويخبره بأن السيارة بحاجة إلى جهازي (amortisseur) أماميين وسعرهما 200 $ ما يقارب الأربعة ملايين ليرة لبنانية. ويتابع سعيد: “هذا الخبر قضّ مضجعي تماماً. ماذا أفعل في هذه الحالة ومجموع مداخيلي الشهرية لا تتعدى المليونين ونصف المليون ليرة، ولم نحتسب بعد البنزين ومصاريف البيت وكل ذلك.. فأخبره الميكانيكي بوجوب تبديلهما سريعاً لكي لا تتكسر السيارة فخاف كثيراً محاولاً عدم تصديق صحة الخبر، وانصرف بعدما وعده بالعودة في اليوم التالي لدفع 50 ألف ليرة معاينة.

ثم قصد سعيد محل ميكيانيك آخر على بعد كيلومترين تقريباً وقد دلّه عليه أحد الأقرباء، الا انه وجد ان صاحبه منشغل جداً وأمام محله عدد كبير من السيارات التي تنتظر دورها في التصليح، ويعاونه 3 عمال.

في هذا الوقت قال أحد الزبائن للميكانيكي: دعها كما هي، سآتي غداً ببلاطة وأنقلها إلى البيت لا أريد صيانتها.. وأخبر الميكانيكي سعيد أن ذاك الرجل هو طبيب وسيارته الـ”تويوتا” تحتاج إلى محرك سعره يتجاوز الألفي دولار ولا يملك ثمنه. عندها همس سعيد في قرارة نفسه: “من يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته”..

وبعد انتظار نحو نصف ساعة، فحص الميكانيكي سيارة سعيد وطلب الى أحد عماله رفعها على “العفريت”. فسأله سعيد عن سبب العطل فأجابه بأن “الزنود أو البيضات القدام رايحين” وطمأنه الى وضع الـ amortisseur، وهنا انفرجت اسارير سعيد مستفسراً عن السعر فكان الجواب كل واحدة 20 دولاراً..

وهكذا انقضت الأمور مع سعيد بما يقارب 800 ألف ليرة بعدما كان الميكانيكي الأول قد طلب ما يقارب الـ4 ملايين. فأصلح سيارته وقفل إلى البيت عائداً، لكنه لم يعد يملك ما يشتري به مادة البنزين؛ أو يدفع فواتير البيت ومتطلباته. صحيح انه تمكّن هذه المرة من إصلاح سيارته ولكن لو كان العطل الأول هو الحاصل، لكان سيوقف سيارته عن الحركة بالكامل كما فعل ذاك الطبيب الذي صادفه في ورشة التصليح.