IMLebanon

“الحزب” يقضم الأراضي لقمة لقمة!

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:

هي لهجة التهديد والوعيد التي تُستخدم من فئة على فئات، مقترنة برفع الصوت والإصبع، مقرّرةَ، منهية، مبرمة، جازمة، حاسمة، فالأمرُ لها، ولها ما ليس لغيرها، وكل ذلك بنوايا واضحة فاقعة مكشوفة “تشتري” ما تشاء و”تبيع” حين تشاء. والحلّ: القبول أو القبول. وبين الخيارين لائحة التأديب مفتوحة.

أن تُسحب السجادة من تحت الاقدام فهذا غباء، أما أن يقال لمن يملك السجادة إرفع قدميك لنأخذ السجادة فذلك استغباء، وبين الغباء والإستغباء تمرّر المشاريع وتُعدّ الخطط بين طرف “مستقوٍ” وطرف يتجنّب الصدام. لكن، في الآخر، سيحدث الص
دام الكبير لأن البلد، أي بلد، لا يمكن أن “يستمرّ” بين من يظن نفسه الدولة وبين باحث بالفعل عن دولة.

فترة بعد فترة يصرخ أحد ما، من مكان ما، وجعاً فهناك من يأكل أرضه. وفي الغالب، في 99,999 في المئة من الأمكنة يكون المعني منتمياً الى “حزب الله” أو مستقوياً به. فهل يحدث ذلك بالصدفة؟ هل هو فائض القوة الذي جعل الحزب يظن نفسه فوق كل اعتبار؟

سكوت مريب

الحزب قرر. الحزب يريد. الحزب نوى… في الأمن والسياسة والإقتصاد وفي القضاء وشراء الأراضي والغذاء. وهذا ليس بجديد لكن الجديد فيه استفحاله وتمدده في ظلّ سكوت مريب من أعلى الهرم الى أدناه. فها هو وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد أتى الى لبنان وسيكسر “الحصار على لبنان” على ما قال “وبناء معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية في لبنان أحدهما في بيروت والآخر في الجنوب”. وقبل ان يدير ظهره أطل رئيس بلدية الغبيري معن الخليل مرحباً ليعلن أن ملعب الغولف خيار! فبأي حقّ يرحب الخليل، المحسوب على “حزب الله”، ويعرض؟ ما دخل بلدية الغبيري بالعقار شبه الوحيد المستوفي كل الشروط البيئية في المنطقة في جوار “مبعثر وفوضوي وبشع” كله “محتل” من قوى الأمر الواقع؟ ومن قال للخليل أن بيروت ليست بحاجة الى ملعب غولف وإلى مساحة خضراء يتنفس فيها البيارتة وأهل الضاحية أيضاً؟

رئيس نادي الغولف هو كريم سلام، إبن المؤسس سليم سلام، وهو إبن القانون. يشعر سلام بأن لا شيء يحدث بالصدفة “ففي كل تشرين، في موعد صدور الإشتراكات الجديدة، يخلقون مشكلة جديدة تجعل الأعضاء يضربون الفرامل عن التجديد. وكأنهم بذلك قد قرروا بعدما خسروا قانونياً ضرب الموقع مالياً من خلال “زعزعة” ثقة الأعضاء”.

هناك دائما من يقول “الأمر لي” في القضايا التي يريد. وهناك من عينه من زمان على الأرض وكأنه “الآمر الناهي” يقرر ويقرّ. والقصة ليست بحجم ملعب الغولف وحده بل أكبر بكثير.

الخليل: سنغلق “الغولف”

هو رئيس بلدية الغبيري معن الخليل الذي أعلن مراراً وتكراراً “سنغلق نادي الغولف”. فهل هذا سهل؟ هل منوط به إقفال ما يشاء؟ نتذكر أننا أول مرة قصدنا فيها دولة الإمارات العربية المتحدة حدثونا هناك وبفخر عن ملاعب الغولف فيها. ونسمع هنا أن سليم سلام هو من ساعد حاكم إمارة دبي راشد بن سعيد آل المكتوم في العام 1986 في بناء أول ملعب غولف في الإمارة. فهل كُتب على لبنان ألّا يعود لبنان؟

يعرف “حزب الله”، من خلال رجاله، اللعب على الوتر الحساس. فإذا سألنا اليوم أحد اللبنانيين عن رأيه بين ملعب غولف أو حتى مدرسة وشركة كهرباء سيختار شركة كهرباء لكن هل هكذا تُحل الأزمات؟

الأزمة أكبر بكثير. فما نراه يندرج في إطار تكتيك الإستيلاء على الأراضي، حيث يشاء الحزب وحين يشاء، ففي محاذاة النادي، الحيط على الحيط، تقع السفارة الإيرانية، ومنطقة محسوبة بالكامل، بمن فيها وتستولي على كل الأراضي المجاورة، على الحزب. والحزب دأب ومن زمن على استحواذ الأراضي التي تجعله، بكبسة زر، بقرار أحادي، يستولي على كل لبنان. بدليل أن أحد رجالاته قال لنا وبالفم الملآن، قبل حين، بكلمة واحدة من السيد يصبح لبنان، من اقصاه الى أقصاه، تحت قبضتنا.

فقبل فترة، قرر أحد المحسوبين على الحزب وضع منزل جاهز في أملاك مطرانية جونيه المارونية في لاسا رافعاً عليه أحد شعاراته، وحين طالبت الكنيسة بحقها انتفضوا الذين انتفضوا معلنين: لا نثق بالقضاء وممنوع دخول القوى الأمنية الى لاسا. هو سيناريو من سيناريوات من يدعي فائض القوة دائماً.

هذا ما يحدث دوماً ويتكرر دائماً. ثمة نوايا باتت علنية منذ العام 2007 تعتدي لتطويق المناطق من خلال إما شراء الأراضي او الإستيلاء عليها. فيومها تخوف زعيم الجبل، النائب وليد جنبلاط، من نوايا الحزب تطويق المنطقة وإقامة حزام شيعي، لافتاً الى ان مساحات شاسعة من الأراضي في منطقتي حاصبيا ومرجعيون تحولت الى مستوطنات عسكرية. هو تكتيك اعتمده “حزب الله” قديماً وحديثاً.

كل الفئات تخشى، ومنذ زمن، سيناريوات تعتمد من جماعات الحزب للإستيلاء على الأراضي. في بيروت والجبل وفي جزين وكل الجنوب. كل ذلك يحصل في ظل سكوت رهيب ومريب من الدولة اللبنانية. “حزب الله” يقرر ويقرّ ويمنع ويحدّ. فهل هو كل لبنان؟ هل بلع الحزب لبنان ومن فيه؟ رئيس حركة التغيير ايلي محفوض لا يترك سانحة إلا وينذر من الآتي. وهو حذر اليوم من 7 أيار جديد وقمصان سود جديدة. ويرى أن في السياسة ما هو خطير جداً يحصل “بدليل أنه بعد قضم الأراضي ها هو يوجه تهديداً واضحاً وصريحاً للقضاء، على شكل 7 أيار جديدة على القضاء هذه المرة، ما يأخذ المواجهة الى البعد الأخطر، بحيث لا يقتصر التهديد على البعد اللفظي بل يتعداه الى لغة أخرى تشبه القمصان السوداء. فسلوك الحزب بات يمس الأمن الوجودي ليقينه أن التحقيقات التي تجرى ستصل أكيد الى مكان لا يريده، بعدما بدأ قاضي التحقيق في قضية مرفأ بيروت في كشف النقاب عن أمور كثيرة. والسؤال: من يحمي القضاء؟ ومن سيحمي قاضي التحقيق؟ فالسيد نصرالله سمح لنفسه بإصدار مضبطة إتهام في حق القاضي، لذا الأمور متجهة الى الأسوأ والى سيناريوات دراماتيكية. والحزب مدرك أن مواجهته المقبلة ستكون مع الناس.

كنا في الاراضي فأصبحنا في ملف الأراضي والقضاء معاً والأمن أيضاً “فالحزب خرق كل مؤسسات الدولة مع فارق أن على كتفيه اليوم “حمل ثقيل” وهو أهالي ضحايا مرفأ بيروت الذين سيقومون بـ “كوكبة” تجعله في مواجهة مع الناس”.

الحزب “يبلع” البلد لكن ليس كل ما يُبلع يُهضم. فالنزاعات على اشكالها، وبينها النزاعات العقارية، التي تحدث مع جماعات الحزب تحدث في كل لبنان ويراد منها في كل مرة “كسر شوكة” الآخرين. فماذا عن الأملاك العائدة الى الكنيسة المارونية في الضاحية الجنوبية التي لم تُسترجع حتى اليوم؟ وماذا عن مشاعات بلدية العاقورة التي سيطر عليها اهالي اليمونة المدعومين من الثنائي الشيعي؟ وماذا عن سعي الحزب المستمر للتوسع على الخط الساحلي الذي يربط الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني وعند مداخل الشوف وفي القرنة السوداء والطفيل؟

ما رأي العميد منير بجاني بما يحصل على الأرض؟ ماذا عن التكتيك السياسي والعسكري من هكذا تصرف؟

لا يستغرب بجاني حصول ما يحصل في ظل السكوت المريب من كل القوى في لبنان “فلا أحد يتكلم في الموضوع جهاراً خصوصاً من المعنيين في العلم السياسي والعسكر السياسي، فكل ما يدور يدخل في خانة الإنقضاض على الدولة من خلال السيطرة عبر شراء الأراضي واستمالة البيئة الشيعية من خلال بطاقات التموين، وأتى الانقضاض على القضاء من دون ان يطل من يقول للحزب وسيده: هذا ليس من اختصاصك. ومن دون أن يذكر أحد، لا من الرؤساء أو من وزير العدل والقضاة الآخرين، بعد القول: حسن نصرالله هدد قاضي التحقيق: كيف يحق له ذلك؟ وهذا ليس من إختصاصك. الحزب اشترى اراضي في سوق الغرب وتمدد الى عمق عين الرمانة وحتى الى الداخل السوري فبدل ديموغرافية القصير والزبداني. “حزب الله”، ودائما بحسب بجاني، يشتغل على الخرائط الجغرافية وعلى الحرب النفسية والمالية ولا يواجَه بمن يقول له ويكرر: نرفض ما تفعل وسنظل نرفض الإستيلاء على أراضينا”.

أصوات كثيرة ارتفعت بعدما قرر مقربون من الحزب مصادرة ملعب الغولف في جنوب بيروت لكن، كل تلك الأصوات ستعود وتسكت وكأن شيئا لم يكن. وهذا بيت القصيد. الحزب يقرر وينفذ والباقون ينشغلون لحين بما قرر وينتقلون الى ملفات أخرى متناسين ما فعل. وهو بذلك يقضم البلد لقمة لقمة.

الحصار الوهمي

من يحمي الأراضي في لبنان؟ من يحمي قاضي التحقيق في لبنان؟ ومن يحمي لبنان من نوايا التغيير؟ ايران اتت لتقول انها تنوي إخراج لبنان من الحصار، لكن من قال ان الحصار هو على لبنان هي ايران وحزبها في لبنان. أوقعا لبنان في الحصار الوهمي وهم المحاصرون لا لبنان. “حزب الله” يتابع الإستيلاء على الجغرافيا والمؤسسات ويقوم بتسهيل امور ميليشياته هنا وهناك. فهل من يتصدى؟ وحدهم اهالي شهداء المرفأ سيكونون في المواجهة. والحزب اكثر العارفين ان مواجهة هؤلاء لن تكون بالأمر اليسير.