IMLebanon

“الحزب” ينقل التركيز على “القوات” بدل تفجير المرفأ

جاء في “العرب اللندنية”:

أدّى التصعيد الذي مارسه حزب الله في لبنان الخميس إلى انفجار كبير للوضع سياسيا وعسكريا. ووضع هذا الانفجار الذي سقط فيه نحو سبعة قتلى وعشرات الجرحى مصير البلد على “كفّ عفريت” وأدى إلى تهديد السلم الأهلي بعدما افتعل الحزب مواجهات مسلّحة مع سكان أحياء مسيحية في العاصمة اللبنانيّة. وأبدت مصادر سياسيّة لبنانية خشيتها من تطور خطير للأحداث في لبنان في حال لم يوضع حدّ لها سريعا.

وكان الحزب، بالمشاركة مع حركة أمل الشيعية، نظم تظاهرة أمام قصر العدل في بيروت. ولا يبعد قصر العدل، حيث وزارة العدل والمحاكم، كثيرا عن حيّ عين الرمانة المسيحي. وقد نظمت التظاهرة احتجاجا على التحقيق الذي يجريه القاضي طارق البيطار في قضية تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020. ويخشى حزب الله من أن يعطي القاضي إشارات إلى دور له في تخزين مادة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ.

لكنّ التظاهرة التي أطلق المشاركون فيها شعار “شيعة، شيعة” ما لبثت أن انحرفت عن مسارها ودخلت الأحياء المسيحية في ظلّ إطلاق كثيف للنار، بما في ذلك قذائف “آر. بي. جي”، المضادة للدروع، في الهواء.

وذكر شهود عيان، أمكن الاتصال بهم، أن انحراف التظاهرة المشتركة للحزب وحركة أمل عن خط سيرها الأصلي جعل من الصعب تحديد من أطلق النار على الشبان الشيعة المشاركين فيها، خصوصا أنّ هناك ما يثبت وجود قناصة كانوا مرابطين على سطوح البنايات في الحيّ المسيحي الذي اندلعت منه الحرب الأهليّة في الثالث عشر من أبريل 1975. واختلفت الآراء في شأن من يكون هؤلاء القناصة. فثمة من قال إنّهم ينتمون إلى “القوات اللبنانيّة”، فيما رأى آخرون أنّهم من سكان الحيّ، وذهب فريق ثالث إلى القول إنّهم عناصر مندسّة أرسلت إلى عين الرمانة لخلق فتنة مسيحيّة – شيعيّة.

وسارعت أوساط حزب الله إلى اتهام عناصر من القوات اللبنانية بإطلاق النار على المتظاهرين الذين لجأوا إلى استفزاز سكان الحيّ المسيحي.

وقالت مصادر سياسية لبنانيّة إنّ الحزب سيسعى إلى التذرّع بسقوط قتلى له للتركيز على القوّات اللبنانيّة التي يتزعمّها سمير جعجع وحرف النظر عن التحقيق في تفجير ميناء بيروت ومصير القاضي البيطار المسؤول عن هذا التحقيق.

واعتبر سياسيون لبنانيون الوضع في لبنان في غاية الخطورة، وأنّ مصير حكومة نجيب ميقاتي صار في مهبّ الريح، خصوصا أنّ حزب الله سيمارس ضغوطا في اتجاه إعفاء القاضي البيطار من جهة والتحقيق في مقتل متظاهرين شيعة من جهة أخرى.

ورأى هؤلاء السياسيون أنّ الحزب لن يدّخر جهدا لحرف التحقيق في تفجير المرفأ، الذي سقط فيه ما يزيد على مئتي قتيل، عنه والتركيز في المقابل على دور عناصر من القوات اللبنانيّة في مقتل متظاهرين أطلقت عليهم تسمية “المظلومين”.

وندد سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية بإطلاق النار قائلا إن “السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلّت والمنتشر والذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان”. ونفى حزب “القوات” في بيان له أيّ تورط في إطلاق النار الذي وقع في بيروت.

وقال الحزب إنه يندد بشدة بأحداث العنف في بيروت مؤكدا أن “ما حصل اليوم (الخميس) من أحداث مؤسفة على الأرض، وهي موضع استنكار شديد من قبلنا، ما هي سوى نتيجة عملية للشحن الذي بدأه السيد حسن نصرالله منذ أربعة أشهر بالتحريض في خطاباته كلّها على المحقّق العدلي” في انفجار مرفأ بيروت.

واعتبر النائب وهبة قاطيشا عضو تكتل “الجمهورية القوية” أن “المتهمين لا يريدون أن يصل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت إلى نتيجة، فافتعلوا هذه الأحداث لعرقلة سير العدالة وعمل القاضي”. وأضاف قاطيشا أن “إشكال اليوم (الخميس) مفتعل لعرقلة سير العدالة في لبنان”.

والثلثاء أصدر البيطار مذكرة توقيف بحق الوزير السابق النائب البرلماني الحالي علي حسن خليل (يتبع لحركة أمل)، بعد تغيبه عن جلسة استجواب في ملف انفجار المرفأ، وهو ما يعتبره المراقبون السبب المباشر لهذا التصعيد.

واكتفى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بالدعوة إلى التهدئة في حين انتشر الجيش بكثافة في المنطقة محذرا من أنه سيطلق النار على أيّ مسلح في الطريق. وقال ميقاتي إن الحكومة لا تستطيع التدخل في عمل القضاء، داعيا “الجسم القضائي، وفي حال وجود شائبة، إلى تنقية نفسه”.

وفي أول الردود الخارجية عبّرت فرنسا عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان، ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة، معلنة دعمها لاستمرار التحقيق. وجاء في بيان الخارجية الفرنسية “يجب أن يتمكن القضاء اللبناني من العمل بشكل مستقل وحيادي في إطار هذا التحقيق، من دون عراقيل وبدعم كامل من السلطات اللبنانية”.