IMLebanon

“الحزب” يتوعّد مصوّبًا على الجيش بعد “القوات”

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

في الذكرى الثانية لـ«انتفاضة 17 تشرين» تجمَّع عدد من اللبنانيين أمام قصر العدل في بيروت رافعين الأعلام اللبنانية وصور ضحايا جريمة تفجير مرفأ بيروت، إضافة إلى صور من أصيب أو استشهد خلال الانتفاضة. وطالبوا بـ«تحقيق العدالة وتسليم المجرمين إلى قضاء نزيه وشفاف بعيداً عن التدخلات السياسية والتهديدات المرفوضة».

نسي اللبنانيون لبرهة حجم الأزمة الاقتصادية الضاغطة عليهم، وتوجَّهت أنظارهم إلى ملفَين ـــ قضائي وأمني ـــ سيحددان مصير الحكومة المعلقة اجتماعاتها على خلفية التحقيق في تفجير المرفأ وأحداث يوم الخميس الأسود في الطيونة.

فمجلس القضاء الأعلى سيجتمع للاستماع إلى رأي المحقق العدلي القاضي في جريمة المرفأ القاضي طارق بيطار، وقد يتخذ قراراً بكف يده عن الملف بحجج قانونية لن تقنع أحداً.

في الغضون، تتواصل التحقيقات في أحداث الطيونة، ولا سيما بعد البدء بتفريغ تسجيلات كاميرات المراقبة، التي جرى تداول عدد منها على مواقع التواصل، ويظهر في إحداها سقوط أحد ضحايا الاشتباك برصاص عنصر في الجيش اللبناني الذي أعلنت قيادته على إثر انتشار هذا الفيديو أن العسكري يخضع للتحقيق.

بيد أن الأمر لم يتوقف هنا، بل بدأت حملة تحريض ضد الجيش اللبناني؛ لتحميله مسؤوليةً في الأحداث واعتباره طرفاً، وجرى تسويق فيديوهات لسيارات سوداء مظللة على أنها تابعة لمخابرات الجيش قامت بإجلاء قناصة للفريق الآخر، ليتبيَّن بعدها زيف هذه الادعاءات.

ورأى مراقبون أن الحملة على الجيش والعمل على إقحامه في الأحداث وتحميله المسؤولية هي جزء من إستراتيجية حزب الله الجديدة ضد المؤسسة الأمنية التي يسعى المجتمع الدولي إلى تقويتها ومدها بالأموال والتجهيزات اللازمة؛ لتكون بمقدورها مواجهة تداعيات انهيار البلد اقتصادياً وربما أمنياً.

في السياق، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي دعمه الجيش، وتوجَّه إلى شباب لبنان بالقول: «عبروا عن إرادتكم في الانتخابات اللبنانية المقبلة». مستنكراً أحداث الطيونة، ومشدداً على وجوب العودة إلى استقلالية القضاء.

حزب الله والغدر

وفي تداعيات اشتباكات الطيونة، واصل حزب الله حملة التصعيد على «القوات اللبنانية» متهماً إياه بتخريب السلم الأهلي.

رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد أكد في احتفال حزبي أن «الغدر القوّاتي الذي ارتكب يوم مجزرة الخميس له حسابه»، وقال: «مشكلتنا مع جماعة القنّاصين حسابه لحال. دم أهلنا ليس حبراً.. لأنه لولا دماء أهلنا ما كان في لبناني عندو كرامة في هذا البلد، ولكانت جزمة الإسرائيلي تحكم هذا البلد».

متسائلاً: «ما قصّة الاحتلال الإيراني؟ أين هو؟ من يرى عسكرياً إيرانياً في لبنان؟». وأضاف: «نحن في مفهومهم نحن جالية إيرانية، أمّا هم ففينيقيون طالعون من صدف الأرجوان».

بدوره، رأى عضو النائب حسن فضل الله أنّ ما اقترفه ـــ من أسماهم ـــ «المجرمون» في الطيونة هو مجزرة دموية ستكون لها تداعياتها الكبيرة على صُعد مختلفة، ونحن لم نعتد أن نترك دمنا على الأرض، ونعرف كيف نحمله وندافع عنه، وكيف نحوِّل مظلومية قضيتنا إلى قضية منتصرة. مشدداً على أن حزب الله سيواجه هذا العدوان الإجرامي بما لا يدع هؤلاء ينغشون كثيراً بعنترياتهم وبخطابهم الاستفزازي.

وسأل: لماذا عندما نضع أمننا بعهدة القوى الأمنية الرسمية يسقط لنا شهداء في الطريق؟ وهذا سؤال مشروع، وهذا ما نتابعه مع الأجهزة الأمنية التي عليها أن تلتفت أن هناك رأياً عاماً اليوم تضعف ثقته بمثل هذه الإجراءات، لأن هذه الحادثة ليست الأولى، وهناك جمر تحت الرماد وهذا الجمر يلدغ. وذلك في تهديد مبطن للمؤسسة العسكرية.

«القوات اللبنانية» سارع إلى الرد على تصريحات نواب الحزب، وقال النائب عماد واكيم: «إن الغدر القواتي الذي يتحدثون عنه يجسِّد بالتمام والكمال دورهم لجهة الأحداث التي لم يتبيّن بالاسم مرتكبها، لكن هو معروف الهوية والاسم». وأضاف: «أما التهديد والوعيد والتهويل فأتركها لكم كونها بضاعة فاسدة وفاقدة للصلاحية، أسقطها الشعب اللبناني بجرأته سعياً لدولة وسيادة».

حرب إلغاء مسيحية

أحداث الطيونة حضرت بقوة في كلمة رئيس التيار جبران باسيل بذكرى «13 تشرين» (الحرب التي خاضها عون ضد السوريين)، التي تقصَّد إحياءها عشية ذكرى الانتفاضة الشعبية؛ ليطلق رسائل بالجملة إلى كل الأطراف من خصوم وحلفاء، مركِّزاً «قنصه» على رئيس حزب القوات سمير جعجع، مستعيداً «تاريخه الدموي ومخيراً اللبنانيين بين أحداث عين الرمانة أو تفاهم مار مخايل (بين تياره وحزب الله).

الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» ردت في بيان شديد اللهجة على باسيل من دون أن توفر رئيس الجمهورية من هجومها، واستغربت كيف يواصل باسيل إطلالاته على الناس «التي جوّعها وأفقرها وأذلّها وأوصلها إلى جهنّم منذ أن سلّمه عمّه دفّة الرئاسة الأولى، وذلك تمامًا كما فعل عمه في نهاية ثمانينيات القرن الماضي فدمّر المنطقة الحرّة الوحيدة في لبنان بسبب جشعه الرئاسي».

ورداً على تخيير اللبنانيين بين أحداث عين الرمانة أو اتفاق مار مخايل ذكر «القوات» أنه لولا اتّفاق مار مخايل المشؤوم لما وجد الثنائي الشيعي ومن يغطي له مؤامراته على المحكمة الدوليّة، وإقفال مجلس النواب، ووسط العاصمة لما حصل ٧ أيار 2008 الذي سمّاه نصرالله باليوم المجيد، ولما حصلت أخيراً أحداث خلدة ولا شويا ولا عين الرمانة، معتبراً أن هذا التحالف حول لبنان إلى جهنّم فعلي وحقيقي وأدّى إلى دولة فاشلة.