IMLebanon

“عكّار بدّا الدولة… الدولة ما بدّا عكار”

كتب مايز عبيد في نداء الوطن:

عامان مرا على ثورة 17 تشرين، تلك الثورة التي نزل فيها اللبنانيون بالآلاف، من كل المناطق وفي كل المناطق للتعبير عن غضبهم من السلطة التي عاثت هدراً وفساداً في البلاد، ولم تحقق للشعب مطالبه وطموحاته المشروعة في دولته.

الشعب كان ينشد من خلال ثورته تحقيق التغيير المطلوب على كافة الصعد، الا ان واقع البلد جعلها تنجح في أماكن وتخفق في أخرى، لكنّ الروح الثورية التي نشأت لدى الكثير من شباب لبنان لا تزال بنفس الحماس والهمّة؛ ولو تغيرت الظروف؛ وانتقل البلد من ضفة إلى ضفة أخرى، ولو صارت الهموم المعيشية أكثر قساوة وضراوة على المواطن من السابق.

وكان لعكار تفاعلها الخاص مع تلك الثورة، شبّان انتفضوا أملاً في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المطلوبة وقد أقرّها اتفاق الطائف لتكون متوازنة وعادلة بين المناطق، لكنّ الدولة لم تعمل على تطبيقها. في الذكرى السنوية الثانية للثورة، إنطلق في ساحة العبدة في عكار شعار “عكار بدّا الدولة… الدولة ما بدّا عكار”. وكتب على الجدران وبعض البانوهات. هذا الشعار أو هذه الحملة، أطلقتها مجموعة من الشباب من أبناء المنطقة كانوا نشطوا سابقاً إبان ثورة 17 تشرين، وما زالوا ينشطون في العديد من القضايا المطلبية والإجتماعية، التي تهم منطقتهم. ولهؤلاء رؤيتهم حيال المستجدات التي يشهدها لبنان عموماً وعكار خصوصاً. فهم يرون أن “عكار كانت من تاريخها وإلى اليوم تعيش تحت كنف الدولة ومؤسساتها، لكنها بالمقابل لا تجد من هذه الدولة إلا الإهمال والحرمان والنسيان”.

فإلى هذا اليوم، يرى أصحاب هذا الشعار وغيرهم أن “عكار بلا شبكة طرقات لائقة، بلا جامعة لبنانية، بلا مدارس رسمية مؤهلة وعصرية، بلا مصانع لتشغيل الشباب وتوفير فرص العمل، بلا مؤسسات رسمية… بلا أبسط مقومات العيش الكريم لأي مواطن في دولته، ودائماً منطقة مهمشة وتابعة، مع أنها تعدّ أكثر من 600 ألف نسمة وقدّمت للدولة الكثير من التضحيات عند كل المنعطفات الوطنية وما زالت تقدّم”. أنشأوا صفحة على الـ “فيسبوك” باسم “ثورة بالمقلوب”. هم يرون أن عكار “أكثر منطقة في لبنان تحتاج إلى ثورة ومنذ زمن طويل، على واقعها الأليم بسبب الدولة والحكومات المتعاقبة… فلربما كان من المفروض أن تنطلق من عكار إلى كل الوطن ومنذ زمن بعيد”.

ليس لهؤلاء الشباب وحملتهم أي غايات سياسية أو طائفية أو مذهبية، بقدر ما يؤكدون على هذا الشعار الجامع للجميع “بدنا الدولة”. يريدون الدولة لتكون راعية لمصالح الناس وحقوق الجميع، وحاضرة في منطقتهم بخدماتها ومؤسساتها، وليس فقط بضرائبها وفواتيرها… يريدون أن يشعروا بالأمن والأمان في وطن سيد مستقل يحمي أبناءه ويدافع عنهم… وكل هذه المطالب وسواها تتلخص تحت فكرة “وجود الدولة”.

هم مجموعة شبابية لم يروا منذ نعومة أظافرهم الدولة في عكار إلا ضرائب ورادارات ومحاضر ضبط، لكنّ دولة الإنماء والخدمات التي وعدوا فيها لم يشعروا بها. من طفولتهم وهذه المنطقة تطالب وتناشد في كل الاتجاهات وليس من مجيب. أطلقوا حملتهم الشبابية تلك ومدوا أيديهم للتعاون مع كل شاب وشابة لتحقيق هذا المطلب (بدّنا الدولة)… عكار كلها “بدّا الدولة”، ولكن يبقى تساؤلهم قائماً ومشروعاً: “ليش الدولة ما بدّا عكار”؟