IMLebanon

صيّادو الأسماك… معاناة صامتة!

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: 

لم يلتفت احد الى معاناة صيادي الاسماك في صيدا مع ارتفاع سعر المحروقات، بعد رفع الدعم الرسمي عن المازوت ووصول ثمن الصفيحة الى 13 دولاراً اميركياً، فأصحاب المولدات الخاصة “أكلوا” الجو الاعتراضي، فيما هؤلاء الذين يرددون فجر كل يوم “الداخل الى البحر مفقود… والخارج منه مولود”، يلوذون بالصمت تعففاً بعدما فقد كثير منهم الامل في الاستجابة لمطالبهم العادلة ايام عز الدولة، فكيف الحال وهي تنهار؟

يقول نقيب الصيادين في صيدا نزيه سنبل لـ”نداء الوطن”: “المعاناة فوق الوصف، بين ليلة وضحاها بات يجب علينا شراء المازوت لتشغيل مراكب الصيادين بالدولار الاميركي، لا قدرة للكثيرين على تحمل اعبائه سيما وان غلة الصيد تقسم عادة حصصاً بين اكثر من صياد يتشاركون ذات المركب”.

ويضيف “حالنا ككل القطاعات التي تضررت نتيجة الضائقة الاقتصادية والازمة المعيشية، لا نستطيع المحاربة وحدنا ونحن نسعى لتأمين قوت يومنا، كل شيء مرتبط ببعضه البعض، والانكى ان التسعير بالدولار، من المازوت، الى الزيوت الى قِطع “الموتور” الى الصيانة اليومية والشباك، بالكاد نلتقط انفاسنا”.

بحرقة لا تخلو من حسرة، روى سنبل انه “ذهب برحلة الصيد امس مع صيادين آخرين، وكانت الرزقة قليلة، لم تتجاوز الـ 200 الف ليرة لبنانية، بينما دفعنا ثمن تنكة المازوت 270 الفاً، وقعت في خسارة كبيرة ولم نتقاسم الغلة، اذا تكرر الامر نكون في ضائقة كبيرة، كيف سنعيش ومثلنا الكثير من الصيادين؟ مطالبة المسؤولين بدعمنا لم تعد تجدي، الدولة تنهار والمسؤولون يتخبطون في ما بينهم، تغيرت الاسماء وبقي الفعل واحد وتشتد الازمة مع رفع الدعم عن قطاعات حيوية مثل المحروقات”.

في صيدا لا يزال يوجد نحو 300 صياد لبناني وفلسطيني ويعملون على نحو 150 مركباً، يشقون عباب المياه يومياً ويعودون بغلة من السمك، اضطروا الى رفع الاسعار ارتباطاً بغلاء المعيشة، كل يوم يحتاجون الى صيانة الشباك وملء محركات المراكب بالمازوت، وبين الحين والآخر يتم تغيير الزيت وإجراء إصلاحات، ويقول سنبل “رغم ذلك يبقى سعر السمك ارخص من باقي المواد الغذائية مثل اللحوم والدجاج التي باتت اسعارها خيالية، ولم تعد تدخل الى منازل كثير من الصيداويين، ويكفي انها طازجة ومغذية لجسم الانسان ولا تؤذي صحته”، مشيراً الى ان الواقع المرير دفع بالبعض الى التفكير بالهجرة، بعدما ناشدوا الدولة ولم تستجب، الله يرحمها”.

غليان شعبي

وما زال الغليان سيد الموقف احتجاجاً على ارتفاع سعر البنزين، لكنه لم يرتق الى تحركات احتجاجية واسعة ولكل اسبابه ومبرراته، ربما الاحباط واليأس، وربما عدم التنسيق. حاولت مجموعة من الناشطين العودة الى ساحة الثورة عند تقاطع ايليا، نزلت لبعض الوقت ثم غادرت بسبب قلة العدد الذي لم يتجاوز اصابع اليد، ويقول الناشط محمد نجم لـ “نداء الوطن”: “ان ارتفاع سعر البنزين سينعكس ارتفاعاً جنونياً بالاسعار من ربطة الخبز ونقل الطلاب حتى اللحوم والدجاج، ولكن هذا الغضب سيقود الى انفجار اجتماعي كبير. الناس لم تنزل الى الساحات والشوارع لانها خافت من الاحداث الامنية الاخيرة رغم سلمية التحركات”.

مشاهد لافتة

اللافت في مشهد الغضب الصيداوي وفق ما رصدته “نداء الوطن” تراجع حركة التسوق في السوبرماركت والعودة الى اعتماد دكاكين الاحياء لشراء ما تحتاج اليه العائلة فقط وبكمية محدودة بالمفرق من دون تموين شهري كما كانت تفعل سابقاً، خروج غالبية المتسوقين من السوبرماركت بأغراض قليلة مقارنة بالماضي والاهم حملهم الفاتورة بشكل ظاهر والتدقيق في أسعار المشتريات بتأفف واضح، اختفاء السيارات عند محطات البنزين بعد تراجع الازدحام اخيراً وملء الخزانات لتسيير الحاجة دون “التفويل”، انخفاض عدد “الديجنترات” في علب المولدات الخاصة بعدما ألغى كثيرون الاشتراكات لعدم قدرتهم على تحمل أعباء التسعيرة الشهرية، بدء كثيرين من اصحاب محال بيع وبسطات الخضار والفواكه عدم تشكيلها نتيجة غلائها واستنكاف المواطنين عن الشراء.

كما غابت الاجتماعات الدورية التي كانت تواكب التطورات، بعدما لوحظ التنسيق الثنائي بين نائبي المدينة بهية الحريري واسامة سعد ومعهما رئيس البلدية محمد السعودي، استمرار التحضيرات الانتخابية ما بين صيدا وجزين وقد سجل اتصال هاتفي من النائب زياد اسود بمفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان لتهنئته بالمولد النبوي الشريف، غياب المواقف السياسية تعليقاً على ارتفاع سعر البنزين، وحده الدكتور عبد الرحمن البزري وصف الحكومة الحالية بأنها “حكومة التحضير للإنهيار الكبير والنأي بالنفس عن كافة المشاكل التي يُعاني منها المواطنون في معيشتهم ورزقهم وأمنهم ومستقبل عائلاتهم”.