IMLebanon

“الحزب” لا يقايض أحداً.. وميقاتي “يحارب” بيدين عاريتين

كتب منير الربيع في “المدن”:

لا مكان لطرح المقايضة بين استقالة وزير الإعلام، جورج قرداحي، مقابل الإطاحة بالقاضي طارق البيطار عن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت. لا مقايضة لأسباب عديدة.

أولاً، ليس حزب الله هو الذي يعمل بهذه الطريقة، ولا يطرح المقايضات بهذا الشكل.

وثانياً، لأن هذا المنطق سيقود إلى انفجارات متتالية.

وثالثاً، مجرد التفكير بمثل هذه المعادلات يعني السقوط أكثر في التهافت السياسي الذي يعيشه البلد.

قضية البيطار منفصلة عن قرداحي، ومحاولات إزاحته تستمر (بنجاح) في القضاء. ولا يمكن لحزب الله أن يوافق على أن يكون ثمن إقالته مقابل استقالة قرداحي. إذ تقول مصادر قريبة من الحزب إن الأمر غير مطروح، “عدس بترابه كل شي بحسابه”. أزمة البيطار بدأت قبل أزمة قرداحي.

لا تنازل

يعرف حزب الله أن موقف نجيب ميقاتي التصعيدي تجاهه، هدفه إرضاء السعودية، وأخذ موقف له أبعاد سياسية، في القول إنه لا مجال للتنازل في مقابل عقد جلسات مجلس الوزراء. بالنسبة إلى حزب الله، فإن قرداحي يرفض الاستقالة بشكل مطلق، والحزب يدعمه في ذلك ويرفض الاستقالة أيضاً. في المقابل، هناك آخرون يعتبرون أنه عندما يحرج الحزب إلى حدّ بعيد قد يرفع يده عن قرداحي، الذي يرضخ للضغوط فيستقيل، وبعدها يعلن الحزب رفضه لذلك، بعد أن يكون قد انقضى الأمر.

ولكن مجدداً فإن الحزب لا يعمل هكذا، إلا عندما يستشعر أمرين أساسيين. الأمر الأول، هو بدء استشعاره بفقدان الغطاء اللبناني الذي يحظى به، وخسارة الغطاء الرسمي من خلال الحكومة. والأمر الثاني، هو بحال استشعاره فقدان قوته العابرة للحدود وللتوازنات اللبنانية، التي تمنحه هامشاً واسعاً في الخارج، فيجد نفسه كأي حزب لبناني آخر في التوازنات اللبنانية ولا يمكنه القفز فوق الجميع. حتى الآن يرفض حزب الله الاستشعار بالأمرين.

سيناريوهات ثلاثة

سارع حزب الله إلى الردّ على ميقاتي في بيان كتلة الوفاء للمقاومة، ومن خلال تصريح قرداحي، الذي قال إنه لن يستقيل وموقفه لن يتغير. في هذا الوقت كان رئيس الحكومة يزور رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بعد زيارته لرئيس الجمهورية ميشال عون ذي الموقف الليّن حيال استقالة قرداحي، لكنه لا يريد أن يكون في مواجهة مع حزب الله. أما زيارة ميقاتي إلى برّي بعد موقفه من السراي، فأدت إلى عدم التوافق على مخرج، لأن برّي اعتبر أن موقف رئيس الحكومة من شأنه أن يحرجه، وقد رفع السقف كثيراً وألزم نفسه بمعادلة من اثنتين إما استقالة قرداحي أو استقالته بنفسه، علماً أن ميقاتي لا يضع استقالته من رئاسة الحكومة في الحسبان. وتقول المصادر إنه يعمل على تسريب هذه الأجواء في إطار اللعبة السياسية واستدراج العروض.

أمام ميقاتي ثلاثة سيناريوهات. الأول، مغادرة قرداحي، وبعدها يبدأ بوقف النزيف مع دول الخليج. الثاني، استقالته شخصياً مع ما سيكون لذلك من تداعيات على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي. لكنه قد يفتح طريقاً سياسياً لنفسه كربط خيط رفيع مع الخليج والسعودية بسبب هذا الموقف، ويكسب تحصيناً لنفسه في البيئة السنّية، ومع رؤساء الحكومة السابقين. أما السيناريو الثالث، فهو بقاؤه في منصبه.

عون الصامت

وهنا سيكون ميقاتي أمام جملة احتمالات. إما أن يبقى الواقع على حاله، فلا تعقد جلسات الحكومة قبل البت بقضية البيطار. وحينها يكون الوقت قد مرّ وسط رهانه على هدوء العاصفة الخليجية. وإما أن تطول الأزمة كثيراً وتبقى الحكومة في حالة تعطيل، وتتزامن مع تصعيد سعودي وخليجي وتوترات سياسية قد يكون لها بعد أمني.. أو أن يقدّم ميقاتي تنازلات تعيد إحياء مجلس الوزراء، بحال تم إيجاد مخرج قضائي لتنحية البيطار أو تعطيله عن الاستمرار بالتحقيق (وهذا المرجح بعد قرار كفّ يده، مؤقتاً). ولكن ذلك سيكون له ارتداد مسيحي كبير على رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو الصامت الأكبر حالياً. ففي الوقت الذي رمى فيه ميقاتي الكرة في ملعب حزب الله على طريقة القفز إلى الأمام، فإن هذه الكرة أيضاً سيجدها عون بين يديه في قضية تحقيق المرفأ، كما في قضية قرداحي والأزمة مع الخليج، وانعكاسها على المسيحيين.