IMLebanon

التعطيل الحكومي… حتى إجراء الانتخابات النيابية؟

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

غادر موفد الجامعة العربية حسام زكي، بيروت، كما وصلها، خالي الوفاض. والأرجح أنّ الدبلوماسي نفّذ المهمة الموكلة إليه على طريقة “أديت قسطي للعلى”، وهو العارف كما غيره، أنّ “الجبهة” المفتوحة مع السعودية ليست وليدة المواقف التي أدلى بها وزير الاعلام جورج قرداحي، ولا تحلّها استقالة وزير أو إقالته ولا حتى تطيير حكومة بأكلمها. ومع ذلك حاول زكي السؤال عن امكانية انسحاب الوزير المعني من الحكومة، كمحاولة لنزع الذريعة، والتخفيف من التشنّج السعودي والضغط الذي تمارسه والآخذ في التصاعد أكثر.

ولكن بالنتيجة، لا تزال أبواب معالجة الأزمة مع الرياض مقفلة، وتحتاج إلى منافذ بعيدة عن حكومة نجيب ميقاتي، لا سيما وأنّ القوى المعنية بوزير الاعلام، وتحديداً الثنائي الشيعي مقتنعة أنّ العقدة أبعد من كلام قرداحي، والحلّ أبعد من استقالته أو استقالة الحكومة. اللافت، هو تزامن التوقيت الذي اختارته المملكة لإعلان “الحرب المفتوحة” ضدّ لبنان، مع الخرق الدبلوماسي المعبّر للامارات العربية تجاه سوريا مع استعادة الحديث حول عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، ودعوة رسمية وجّهتها الإمارات إلى الرئيس السوري بشار الأسد لزيارة الإمارات.

لا بل تتزامن أيضاً مع تصعيد جديد تشهده المنطقة عشية عودة المفاوضات النووية، وهو بالنتيجة لن يعفي لبنان من وطأته، ما ينذر بمزيد من التوتر السياسي، المرجّح استمراره حتى موعد الانتخابات النيابية، مع العلم أنّ موعدها لا يزال غير محسوم. أكثر من ذلك، تفيد المعلومات عن محاولات تقودها الإدارة الفرنسية عبر اتصالات مكثفة، مع كل من الإيرانيين والسعوديين، في محاولة لإحداث خرق على مستوى “الجبهة اللبنانية” وتحييدها عن الاشتباك الخارجي، ولكن من دون تحقيق أي نتيجة.

في هذه الأثناء، تتواصل الفوضى القضائية في قصر العدل بعد تكدّس دعاوى ردّ بعض القضاة أو الإدعاء أمام التفتيش القضائي، وسط مسار يرفع منسوب “التعقيد القانوني” لملف التحقيقات في انفجار المرفأ، حيث يبدو أنّ الجسم القضائي هو أكثر المتأثرين سلباً بهذه “المعمعة” بفعل اتهامات التسييس التي طالت العديد من القضاة. ومع ذلك، يقول أحد المتابعين إنّ تراكم الدعاوى في العدلية هو أدق تعبير عن انتقال الاشتباك من مربعه السياسي إلى مربعه القضائي، وقد ينجح هذا الاشتباك في فضّ الاشتباك السياسي الذي يعطّل الحكومة، بسبب إصرار الثنائي الشيعي على استبدال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بقاض ثان، ولو أنّ إصرار الأخير على استكمال مهمته، والفريق الداعم له، القضائي والسياسي، لا يشي بأنّه سيكون من السهولة تحقيق رغبة الثنائي الشيعي.

وعلى هذا الأساس، ثمة من يقول إنّ مشهد “الكربجة” الحكومية قد يكون قدراً سيئاً يلحق بحكومة نجيب ميقاتي منذ ولادتها، وقد يرافقها حتى موعد الانتخابات النيابية، خصوصاً وأنّ المنطقة قد تشهد مزيداً من التسخين سيصعب خلاله تحييد لبنان بعدما وضع طبقه على طاولة المفاوضات. ولعل هذا ما سبق لرئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أن حذّر منه خلال المؤتمر العام للحزب التقدمي حين تحدث عن مغبة تحويل لبنان إلى ساحة اشتباك للآخرين.

وعلى خلاف الانطباع الذي قد يسود عنه، لا يبدي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أي انزعاج من حالة الجمود الحاصلة، ليس بمعنى أنّه مرتاح لهذا التعطيل، لكنه في المقابل غير متذمّر وقرر اللجوء إلى سياسة النأي بالنفس، مفضّلاً العمل من السراي مع اللجان والوزراء، على ترؤس جلسة متفجّرة لمجلس الوزراء، وطالما أنّ الرعاية الفرنسية تحميه وتؤمن له الغطاء الدولي لمنع انفراط عقد حكومته… لتكون مهمتها الوحيدة، وحين تسمح الظروف، إجراء الانتخابات النيابية التي يعتقد كثر أنّها ستكون مصيرية، مع العلم أنّ المتحمسين لإجرائها لا يستطيعون الجزم بحتمية إجرائها، وكذلك المتوجسين منها، غير قادرين على الجزم بإمكانية تطييرها…