IMLebanon

كورونا إلى الواجهة مجدّداً وأزمة رغيف في الأفق

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

عاد وباء “كورونا” ليحتل المشهد في النبطية، مع ظاهرة تفشٍّ خطيرة تشهدها المدارس والقرى، وسط غياب تام لمعايير الوقاية والتباعد. يعيد البعض السبب الى الضائقة المعيشية التي فرضت على المصاب الخروج للعمل، وبعضهم الى الاستهتار الجماعي الذي قد يوصل القرى الى ما لا تحمد عقباه، لا سيما مع ندرة الادوية وارتفاع الكلفة العلاجية للمصاب الى ما يفوق الـ20 مليون ليرة، وهي كلفة باهظة جداً مقارنة مع انحدار القدرة الشرائية والرواتب الشهرية، ما يعني أن المواطن أمام أزمة صحية وشيكة ما لم يتم تدارك الامور سريعاً والعودة للوقاية المفترضة وإلا.

قد يكون الجميع أمام سيناريو خطير جداً، خاصة في ظل فقدان الادوية وأزمة الليرة خلافاً لما كانت عليه الحال قبل عام. وما يرتب حالة التأهب هو التفشي الخطير داخل المدارس سواء بين الأساتذة أو في صفوف الطلاب مع انتشار عوارض الرشح الكبيرة والتي تتمدد لتطال ليس فقط الطلبة بل ايضاً العائلات، مع عوارض قاسية جداً، لا يتحملها أصحاب المناعة المنخفضة والأجسام الضعيفة، حتى المتحصنون باللقاح لم يوفرهم “كورونا”، على العكس طالهم بأغلبهم مسجلاً عليهم عوارض قاسية.

كل ذلك يستدعي اعادة النظر مجدداً باجراءات الوقاية التي غابت كلياً عن الناس، وتخلى معظمهم عن الكمامة، والأغلبية ترى في الرشح مجرد “grippe” عادي لا يستدعي الهلع.

غير ان الهلع بدأ يدب في صفوف كثر خاصة بعدما وصلت احوالهم الى “الحديدة” وفق المثل الشعبي، الأمر الذي دفع بأم عيسى للعودة الى الكمامة بعد تخليها عنها، خاصة وان كل جيرانها أصيبوا بالوباء وأحدهم دخل العناية نتيجة التهاب 80 بالمئة من رئته، والكارثة وفق ام عيسى أن وضع جيرانهم على “قده” والفاتورة كبيرة خاصة وان الادوية المخصصة للعلاج يستوجب تأمينها على نفقة المريض من ادوية وحقن،عدا عن الفاتورة الاستشفائية التي باتت محرزة ويحتاج سدادها الى عشر سنوات وفق راتب الـ٧٥٠ الف ليرة”. وعلى المقلب الغذائي، عاد رغيف الخبز الى واجهة الازمة، مع تحذير أصحاب الافران في منطقة النبطية من نفاد مادة الطحين، واضطرار عدد منهم للاقفال، ما يعني أننا امام ازمة رغيف جديدة، هذه المرة من بوابة الطحين آخر معاقل السلع المدعومة حكومياً، وتشي المعطيات بان حركة الاحتجاج الجديدة ما هي الا بوابة ضغط لرفع الدعم واتجاه الرغيف نحو “الدولرة” اي أن ربطة الخبز قد تقفز فوق الـ15 الف ليرة.

ولا يتوانى اصحاب الافران عن تسجيل مخاوفهم من فقدان الطحين نهائياً، بعدما تعذر توفره نتيجة التجاذب الحاصل بين وزارة الاقتصاد وبين المطاحن وبذلك تكون الافران الحلقة الاضعف وتدفع الثمن ومعها المواطن وفق ما أكد عضو نقابة أصحاب الافران والمخابز في الجنوب علي قميحة منبها “من خطورة سعي البعض الى دولرة تسعيرة ربطة الخبز وهو عبء اضافي اعان الله المواطن على تحمله”.

اذاً، هناك نقص حاد في الطحين في معظم افران الجنوب، والكميات التي تصل من المطاحن لا تكفي، ما دفع بعدد من الافران للاقفال والبعض الآخر يعمل بالكمية الموجودة لديه وسيقفل. المشكلة برأي قميحة تكمن في أن وزير الاقتصاد “غائب عن متابعة ملف الطحين” والمطاحن تنتظر فتح اعتمادات مصرف لبنان تارة لشراء القمح، وتارة بانتظار التسعيرة الاسبوعية لوزارة الاقتصاد وهو ما لا يحصل منذ فترة.

فهل بتنا فعلاً أمام ازمة رغيف، معطوفة على ازمة مازوت وبنزين ومعها باقي الازمات الحياتية العصية على الحل والمخارج، أم أن كل ما يعيشه المواطن ما هو الا ورقة ضغط سياسية لتمرير رسائل مبطنة بين اقطاب الطبقة السياسية، وان الانتخابات ستفرج عن حلول معظم الازمات؟ المؤكد ان الازمات اغرقت الناس حتى بات بعضهم ينامون من دون عشاء ويعتمدون في حياتهم على وجبة واحدة، فهل نتحول نحو زمن المقايضة: العمل مقابل لقمة الأكل؟!