IMLebanon

محاولة اغتيال الكاظمي… هل تمردت الميليشيات على طهران؟

جاء في الحرة:

ربط تقرير نشرته شبكة “NBC” الإخبارية الأميركية بين محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وتصاعد حدة الخلافات بين قادة الميليشيات الموالية لإيران في العراق، في ظل معاناة طهران في محاولات توحيد صفوفهم منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وفي الوقت الذي رأى فيه أن مسؤولون أميركيون “إيران ربما تكون قد فقدت السيطرة على بعض هذه الميليشيات، يستبعد محلل سياسي عراقي فكرة خروج قادة الميليشيات الموالية لطهران عن “عباءة” المرشد الأعلى علي خامنئي”.

ونقل تقرير الشبكة عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين القول إن “من المرجح ألا يتم تحميل إيران مسؤولية الهجوم الذي استهدف منزل الكاظمي على الرغم من أن جميع الدلائل تشير إلى أن ميليشيات موالية لها هي من تقف وراءه”.

وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير واثنان من كبار المسؤولين الأميركيين السابقين لـ”NBC”: “إن محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الكاظمي توضح كيف أن طهران عانت من أجل جمع شتات قادة الميليشيات الشيعية المتناحرة في العراق منذ مقتل سليماني.

وأكد مسؤول دفاعي للشبكة أن “إيران ليس لديها سيطرة كبيرة على هذه الجماعات منذ مقتل قائد فيلق القدس السابق”.

لكن أستاذ العلاقات الدولية، هيثم الهيتي، يؤكد في حديث لموقع “الحرة” أن “الحقائق على الأرض تثبت أن جميع قادة الميليشيات في العراق يخضعون لإرادتها (طهران) ولا يوجد منهم أحد يتجرأ على الخروج من عباءتها”.

ويضيف الهيتي أن “إيران تحاول الإيحاء أن ليس لديها السلطة على الميليشيات وأنها رفعت يدها عنهم وما يقومون به من تجاوزات وتصعيد”.

ويصف الهيتي ذلك بأنه “محاولة تبادل أدوار يجب ان لا تنطلي علينا جميعا.. الإيرانيون دائما يتلاعبون بورقة الميليشيات لمصالحهم الخاصة”.

وكان مسؤولون حاليون وسابقون وخبراء إقليميون قالوا إن تصميم الطائرات المسيرة التي استهدفت منزل الكاظمي ومكوناتها تشبه تلك التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران في هجماتها في العراق، بما في ذلك عدد من الهجمات الفاشلة على مجمع السفارة الأميركية في بغداد.

وقال السفير الأميركي السابق في العراق دوغلاس سيليمان للشبكة إن “غياب سليماني والمهندس أثار صراعا على الزعامة بين قادة الميليشيات”، مشيرا إلى أن التوتر في العلاقة بين قادة الميليشيات الشيعية العراقية هو نفسه الموجود بين قادة الميليشيات وطهران.

ومع ذلك رأى سيليمان أن “اغتيال رئيس الوزراء العراقي لا يبدو أنه يخدم كثيرا المصالح الاستراتيجية لإيران، لأنه سيخاطر بإطلاق سلسلة من الأحداث غير المتوقعة في العراق”.

وأضاف أن “إيران لا تريد أن ترى عراقا غير مستقر بشكل كامل، هي تريد ببساطة بلدا غير متوازن بما يكفي ليكون لها نفوذ كبير على الصعيدين السياسي والاقتصادي”.

وكان قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآني أجرى زيارة مفاجئة إلى بغداد فور وقوع الهجوم على منزل الكاظمي، ودعا، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام إيرانية، إلى الهدوء والوحدة الوطنية.

وقآني هو خليفة سليماني، الذي قتل في غارة أميركية في بغداد في يناير 2020 مع أبو مهدي المهندس، الذي كان يشغل منصب نائب قائد قوات الحشد الشعبي والزعيم الفعلي للميليشيات الموالية لإيران، وفقا للشبكة. ويُعتقد أن قآني يمارس نفوذا أقل من سليماني، الذي كان يتحدث العربية بطلاقة ولديه سنوات من الخبرة والعمل مع الميليشيات العراقية. ولم يتمكن أي من قادة الميليشيات الموالية لطهران من ملء الفراغ الذي خلفه مقتل المهندس، وفقا لمحللين.

ويرى الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس أن “الميليشيات ارتكبت سلسلة من الأخطاء السياسية وتعاني من أجل الحفاظ على نفوذها منذ مقتل سليماني والمهندس”.

وقال نورم رول، الذي خدم لمدة 34 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية وعمل في برامج تتعلق بالشرق الأوسط، إن “وكلاء إيران في العراق ليسوا كتلة واحدة وإن المنافسة بينهم يمكن أن تسبب المزيد من العنف”.

وأضاف رول: “على الرغم من أن الهجوم على الكاظمي لا يخدم بالضرورة الأهداف الاستراتيجية لإيران، إلا أن طهران تتشارك بعض المسؤولية عنه بالنظر إلى دعمها الراسخ للميليشيات التي من المرجح أنها تقف وراء العملية”.

ويرى الهيتي أن “إيران لا تزال تعتبر الميليشيات الموالية لها جزءا مما يعرف بمحور المقامة في المنطقة”، مبينا أنه “متى ما أظهرت طهران تبرأها منهم بشكل علني فعند إذ يمكن أن نقول أنهم خرجوا عن سيطرتها”.

وقالت شبكة “NBC” إن وكالة الاستخبارات المركزية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض امتنعا عن التعليق.

وكان مسؤولون أمنيون عراقيون ومصادر مقربة من الفصائل قالوا لوكالة “رويترز” إن الهجوم الذي استهدف رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، فجر الأحد، نفذته جماعة واحدة على الأقل مدعومة من إيران.

وأوضحت المصادر، التي تحدثت للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن الطائرات المسيرة والمتفجرات المستخدمة في الهجوم كانت إيرانية الصنع.

ورفض متحدث باسم جماعة شبه عسكرية متحالفة مع إيران التعليق لرويترز على الفور، ولم يتسن على الفور الوصول إلى الجماعات الأخرى المدعومة من إيران للتعليق، وفقا للوكالة.

ونجا رئيس الوزراء العراقي من “محاولة اغتيال فاشلة” بواسطة “طائرة مسيرة مفخخة” استهدفت فجر الأحد مقر إقامته في بغداد، في هجوم لم تتبنه أي جهة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها طائرات مسيرة في هجمات داخل العراق. وبدأ استخدامها في هجمات ضد أهداف أميركية منذ نيسان الماضي على الأقل، وأكثر من مرة خلال الصيف، على أهداف في أربيل وبغداد وقاعدة عين الأسد العراقية التي تضمّ قوات أميركية.

ولا يتم تبني هذه الهجمات عادة أو تعلن مسؤوليتها عنها أحيانا مجموعات مجهولة تطالب برحيل “المحتل الأميركي” أو تتوعد بـ “بالثأر” لمقاتلين قضوا في ضربات أميركية، وتنسب إجمالا الى فصائل موالية لإيران.

وقبل الهجوم على منزل رئيس الحكومة، وقعت صدامات بين معتصمين تابعين لفصائل موالية لإيران، مطالبين بإعادة فرز الأصوات، وقوات الأمن إثر تصديها لمحاولاتهم اقتحام المنطقة الخضراء حيث المقرات الحكومية وسفارات أجنبية منها السفارة الأميركية.

وترفض الكتل السياسية الممثلة للحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل شيعية موالية لإيران ومنضوية في القوات المسلحة، النتائج الأولية التي بينت تراجع عدد مقاعدها.