IMLebanon

أزمة لبنان مع الخليج تخلط الأوراق انتخابيًا

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

في «جمهورية الأزمات» لا بشائر توحي بانفراجات على أي صعيد، فإلى الاوضاع المعيشية الآخذة في التدهور في لبنان مع تحليق جديد لسعر صرف الدولار، والقطيعة العربية، وتعطيل عمل الحكومة، حلت أخيراً الحرائق التي بلغ عددها اكثر من تسعين حريقا قضت على ما تبقى من ثروة حرجية.

الأزمة مع دول الخليج باقية وتتمدد طالما أن كل المخارج المقترحة لم تسلك بعد سكة التنفيذ. والتعويل اليوم على المسعى القطري مع ترقب وصول وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت خلال الأسبوع الحالي، في وقت وصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو العاصمة اللبنانية قادماً من طهران التي أمضى فيها ساعات عدة، حيث التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في مهمة متصلة بملفات متعددة، احداها رأب الصدع مع دول الخليج، وقد ربط مراقبون بين التحرك القطري والتركي، في ظل ‏التحالف بين الدوحة وأنقرة‎.‎

حقيبة السفراء

رئيس الجمهورية ميشال عون لجأ إلى البحث عن حلول في حقيبة سفراء لبنان في الخليج، والتقى لهذا الغرض سفيري لبنان في السعودية فوزي كبارة، والبحرين ميلاد نمور، والقائم بالأعمال في سفارة لبنان في الكويت هادي هاشم. وأكد خلال اللقاء ان «العمل جار لمعالجة الوضع الناشئ، انطلاقاً من حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة».

تسوية قضائية للإطاحة بالبيطار؟

في المقابل فإن الحكومة موجودة بالاسم ومعطلة فعليا، ومفتاح ابواب السراي بيد االثنائي الشيعي الذي يصر على «قبع» المحقق العدلي طارق البيطار كشرط لعودة مجلس الوزراء الى الالتئام.

وفيما تردد في الساعات الاخيرة عن حلحلة مرتقبة، اشارت مصادر سياسية ان ثمة اقتراحات يجري تسويقها بين المقار الرئاسية الثلاثة من شأنها في حال نجحت ان تطيح بالبيطار وتعيد الحياة الى الحكومة. وبحسب ما افادت المصادر «المركزية» فإن احد المخارج قد يكون عبر اجراء تعديلات في اعضاء مجلس القضاء الأعلى، بحيث تصبح الكفة الراجحة للفريق المؤيد لإزاحة البيطار.

غير ان هذه التسوية، لا تزال تصطدم برفض رئيس الحكومة الذي يرفض اقحام حكومته في عمل القضاء، وكذلك بموقف رئيس الجمهورية الذي لم يقرر بعد «التخلي» عن المحقق العدلي، الا اذا كان الثمن انقاذ البلاد والسنة الأخيرة من عهده «ولو على حساب العدالة والحقيقة».

خلط أوراق انتخابية

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وبانتظار مصير الطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر بقانون الانتخاب، تنكب الماكينات الحزبية على التحضير لهذه الانتخابات وسط تكتم شديد حول استطلاعات الرأي والتحالفات. غير ان بعض الوقائع التي استجدت، بما فيها الازمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، تركت اثرها على خريطة التحالفات واعادت خلط الاوراق.

في المعطى الاول تظهر بوضوح عودة الانقسام السياسي الذي كان قائما في 2005 بين فريقي 8 و14 آذار، من دون ان يتوج بالانضواء في جبهات معلنة حتى الساعة والاكتفاء بتماثل الخطاب السياسي.

وقد يكون الحديث عن تحالف انتخابي مرتقب بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي في الشوف احدى تداعيات الازمة الراهنة، وشكل مفاجأة للبعض، ذلك ان المفاوضات بين الاشتراكي وقوى 8 آذار للتحالف في دائرة الشوف وعاليه، كانت قطعت شوطا كبيرا باتجاه التحالف الانتخابي، وهو ما كان سيحقق نتائج كاسحة لهذا الفريق.

هذا الامر استفز حزب الله، وظهر فيديو لعضو المكتب السياسي في الحزب غالب ابو زينب، شن فيه هجوما على رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غير تحالفاته وكذلك على رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، متهما اياهما بالازدواجية في التعاطي مع حزب الله.

على جهة 8 اذار، تتناسل التباينات بين مكوناته، خصوصا بين حزب الله والتيار الوطني الحر وبين الاخير وحركة امل، لناحية العديد من الملفات، منها الملف القضائي وتعطيل الحكومة، انتهاء بالازمة الخليجية. غير ان كل ذلك لن يدفع بحزب الله لترك حليفه المسيحي في الانتخابات المقبلة. بحسب مصادر مقربة من الطرفين، فقد بينت استطلاعات الحزب فيما خص الشارع المسيحي أن «التيار الوطني فقد نحو %60 من مؤيديه، فيما حافظت القوات اللبنانية على شعبيتها وموقعها».

وفق هذه النتائج سيعمل الحزب على رفد حليفه ببضعة مقاعد في الجنوب وبعلبك وفي بيروت.

عودة التحركات إلى الشارع

معيشيا، وفي ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار وانهيار الليرة أمام الدولار الذي لامس الـ23000 ليرة، وفقدان ادنى مقومات العيش بكرامة، عادت التحركات الى الشارع، خصوصا في طرابلس وصيدا وذلك بعد دعوة انتشرت مساء الاحد للشعب اللبناني بالمشاركة الكثيفة واعلاء الصرخة الشعبية والمطالبة بحقوقهم من قلب الشارع وساحات الثورة. وليس ادل على بؤس اوضاع اللبنانيين سوى ارقام الهجرة المتزايدة، اذ تشير الاحصاءات الى ان ربع مليون لبناني هاجروا من البلاد منذ مطلع 2021، وبحسب احصاءات الأمن العام اللبنانيّ بلغ عدد جوازات السفر المصدرة منذ مطلع العام نفسه ولغاية شهر اغسطس نحو 260 ألف جواز سفر، مقابل نحو 142 ألف جواز سفر في المدة نفسها من عام 2020، أي بزيادة نسبتها %83.