IMLebanon

لا خيار أمام ميقاتي سوى الاستقالة

جاء في “العرب اللندنية”:

عاد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من زيارة إلى باريس والفاتيكان وعلى جدول أعماله جولة أخرى تقوده إلى القاهرة وأنقرة. وهذه جزء من “نشاطات” الانتظار، لكي لا يدعو إلى عقد جلسة جديدة للحكومة، فتمضي دونما طائل مجددا.

ويخشى الرئيس ميقاتي أن يقاطع “الثنائي الشيعي” الدعوة، الأمر الذي سوف يجبره هذه المرة على الاستقالة التي لوح بها أثناء اجتماعه العاصف بوزراء الثنائي الشيعي في قصر بعبدا الشهر الماضي، بحضور الرئيس ميشال عون.

لكن ما يدفع ميقاتي إلى التريث هو الجهود التي تبذل لتسوية المنازعات بين أحد طرفي الثنائي وحليفهما المشترك التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، بشأن تحديد موعد الانتخابات.

كما ينتظر الرئيس ميقاتي هذه التسوية لتكون بمثابة مفتاح لتسوية أخرى تتعلق بإحالة ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت إلى المحكمة الخاصة بالوزراء، فيزول العائق الذي يمنع وزراء الثنائي من العودة إلى اجتماعات الحكومة.

ولم يمر أسبوع منذ مطلع تشرين الأول الماضي وإلا كان انعقاد جلسة الحكومة منتظرا في الأسبوع الذي يليه. إلا أن سبعة أسابيع مرت ولم يأت ذلك “الأسبوع المقبل”. ولا يزال ميقاتي ينتظر الأسبوع المقبل بعد عودة الرئيس عون من قطر التي يزورها طلبا للمساعدة، وبعد الجولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين السعودية والإمارات وقطر، لعل ذلك يُسهم في فتح نافذة جديدة لعودة العلاقات مع دول المقاطعة الخليجية.

وحصل ميقاتي على وعد من ماكرون بأن يبذل جهدا في هذا الاتجاه. إلا أن أزمة اجتماع الحكومة ظلت أكبر عامل ضغط على مكانة الحكومة ودورها حتى حيال هذا الجهد، بينما تتفاقم الأزمة الاقتصادية بين يدي الجميع.

وتقول مصادر مطلعة إن حزب الله يتوسط بين رئيس المجلس النيابي وزعيم حركة أمل نبيه بري والتيار الوطني الحر لإيجاد تسوية بين الطرفين تتضمن مقايضة تقوم على إحالة محاكمة الرؤساء والوزراء إلى محكمة خاصة مقابل موافقة بري على السير بالقانون الانتخابي وفق ما يريد الوطني الحر، ومن ضمن ذلك إنشاء “الميغاسنتر” الذي يسمح للناخبين بأن ينتخبوا من خلاله بصرف النظر عن مواطن سكناهم.

ويريد الوطني الحر بذلك أن يفتح الطريق لاستقطاب مسيحيين لم يكن بوسعه الوصول إليهم، وسط توقعات بأن حزبي القوات اللبنانية والكتائب يتصدران أفضل الحظوظ الانتخابية في مناطق شرق بيروت والجبل.

ويطالب باسيل حلفاءه “بفك أسر الحكومة وتحريرها من الاعتبارات التي تعطّل عملها”، ويعتبر أن الاستعصاء الحاصلَ تجاوزٌ للدستور لاسيما وأن “الحكومة عاجزة عن اتخاذ القرارات المطلوبة لتسيير مرافق الدولة وتسهيل حياة الناس، من البطاقة التمويلية المتعثرة إلى موازنة سنة 2022 إلى الأوضاع المعيشية والاجتماعية الكارثية نتيجة التفلّت المقصود في سوق الصرف وأسعار المحروقات، فضلًا عن القرارات المتعلقة بالعملية الانتخابية”.

ويقول مراقبون إن باسيل يطلق هذه التصريحات لكي يظهر بمظهر الحريص على تيسير شؤون الحكومة والبعيد عن المشاكل التي تغرق فيها البلاد، رغم أنه وحليفيه قادوها إلى ما هي فيه.

ولئن كانت الاستقالة هي خيار الرئيس ميقاتي الوحيد الراهن فإن “نظرية الأسبوع المقبل” يمكن أن تصبح واقعا، سواء في الأسبوع المقبل بالفعل أو في الأسبوع الذي يليه إذا نضجت التسويات.

وفي ظل أجواء الانتظار أكد وزير الصناعة جورج بوشكيان أن “الحكومة بخير والعمل جار على عقد جلسة في أسرع وقت وإزالة كل المعوقات التي تحول دون ذلك”. ونفى ما يشاع عن “استقالة الرئيس ميقاتي لأن الحكومة أتت بمهمة معينة عليها تنفيذها وهي الحفاظ على البلد وتحريك الاقتصاد وبناء أطر جديدة له”، مشددا على أن “الحكومة لا تزال حكومة إنقاذ وأن الوزراء يعملون باندفاعة أكبر بعد الأزمة الأخيرة”.

إلا أن الاستقالة لا تزال واردة في حسابات الرئيس ميقاتي إذا فشلت التسويات. وهو يتطلع إلى أن يرى ولو نافذة واحدة فُتحت من النوافذ المغلقة أمامه؛ أي مقاطعة الثنائي الشيعي لاجتماعات الحكومة، والخلاف بشأن موعد الانتخابات بين الحلفاء، وانفراج الأزمة مع دول الخليج.

ويقول مراقبون إن السبب الذي يُبقي احتمال الاستقالة قائما هو أن ميقاتي لا يريد أن يمضي الأشهر الباقية حتى موعد الانتخابات دون أن تنجز حكومته شيئا مما جاءت من أجله.