IMLebanon

“رالي” موت لبنان

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

يبدو أن الحدود بين دول المنطقة ماضية نحو مزيد من الزّوال، من خلال مشاريع التكامُل بين عدد من البلدان، والمضيّ في تحقيق شراكات، في أكثر الملفات الحيوية.

فضرورات حماية المناخ في الشرق الأوسط، كجزء من كلٍّ مرتبط بالعالم كلّه، والعمل على حلّ المشاكل البيئية، وتعزيز التنوّع البيولوجي، وحماية الثّروات الطبيعية، والاستفادة منها بما يوزّعها على الجميع بشكل عادل، وبما لا يستنزفها، تفرض على الجميع الذّهاب باتّجاه تنسيق أكبر وأشمل، وعمل مشترك، على أكثر من مستوى.

فبعد مشاريع الطاقة الشمسية، والمياه، بدا مُثيراً للاهتمام ما أعلن عنه وزير الزراعة الأردني خالد الحنيفات، حول أن الأردن تسعى الى أن تكون مركزاً أكاديمياً للأمن الغذائي في الإقليم، وموطناً لدراسات الأمن الغذائي. وهو تحدّث عن اتّفاقيات ينوي (الأردن) توقيعها مع شركات دولية للأعلاف والبقوليات، ضمن هذا السياق.

مركز أكاديمي للأمن الغذائي، سيُترجَم بحسب خبراء الى إطار من “بنية تحتيّة” للأمن الغذائي الشرق أوسطي، مستقبلاً، لا يُمكن للأردن وحده أن يشكّل الأرض الخصبة المُناسِبَة لها بالكامل، نظراً لأسباب أبعَد ممّا ذكره الحنيفات، على صعيد صعوباته (الأردن) الزراعية التي تعود الى افتقاره للموارد المائية الكافية، إذ إن مراقبين يؤكّدون أنه (الأردن) لا يزال يحتاج الى إطار جيو – سياسي مختلف عن الحالي، على أكثر من مستوى، قبل أن يتمكّن من الفوز بمعايير استضافة “بنية تحتيّة” للأمن الغذائي، في الشرق الأوسط.

إبرام اتّفاقيات حول الأعلاف والبقوليات، ضمن أُطُر من شراكات إقليمية – دولية، لتأمين الغذاء للشعوب، يعني أن الثّروات الزراعية والحيوانية في المنطقة، تذهب باتّجاه أُطُر جديدة من التكامُل، وهو ما سيؤثّر على الصناعات الغذائية الإقليمية، وتضافُر الجهود في شأنها، مع انعكاسات هذا كلّه على التأسيس لمزيد من التكامُل التجاري في مرحلة لاحقة أيضاً، وفتح الحدود على بعضها البعض أكثر، لتسهيل مرور المحاصيل والبضائع، في الطريق للوصول الى الاقتصاد الإقليمي المُتجانِس، والمُتكامِل.

وهذا المشهد يرسم أيضاً، أمن الإنسان الشرق أوسطي في القادم من المراحل، غذائياً وحياتياً، وحتى على الصُّعُد الأمنية التقليدية نفسها، نظراً لما يؤسّسه على مستوى نزع فتيل الصّراعات والحروب.

وإذا كانت بعض التصريحات العلنية، تُفيد بأن الأردن يحصل على مكاسب له من جراء كل تلك المشاريع، بعدما شكّل مُجتمعاً مستضيفاً لكثير من اللاجئين على مدى سنوات، ومن جنسيات مختلفة، إلا أن بعض الأوساط المراقِبَة تؤكّد أن هذا النّوع من الاتّفاقيات والمشاريع يتجاوز “جوائز الترضية”، وهو ذات مفاعيل مستقبلية عامة على مستوى المنطقة عموماً، ستجعل كلّ من لا يدخلها، ولا ينتظم فيها، تحت نير المزيد من الفقر والجوع والموت.

أوضح مصدر واسع الإطلاع أن “دول المنطقة ماضية في ورش الإعمار، وفي مشاريع الطاقة، والتكامُل الإقتصادي والتجاري والتكنولوجي، ما عدا سوريا ولبنان واليمن، والعراق بنسبة معيّنة، أي كل من هم تحت سلطة المحور الإيراني، الذين يعيشون على هوامش مشاريع الإعمار والتحسين والتطوير”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “لبنان مثلاً، وصل الى مرحلة مُلامسَة فئات واسعة من شعبه الجوع، بنسبة لا يُستهان بها. وهو سيصل الى مراحل أشدّ سوءاً، إذ قد تنعدم فيه القدرة على الزراعة، وعلى تربية الحيوانات والمواشي، إذا استفحلت أزمته أكثر بَعْد، وهو ما سيؤثّر على الأمن الغذائي للشعب اللبناني أكثر، في تلك الحالة. وهذه أزمة تخرج عن المخاطر التقليدية، لأنها تفوق الجوع النّاجم عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية”

وشدّد المصدر على “حاجة لبنان الى من يُمسِك بيده، ويأخذه باتّجاه تصحيح أوضاعه، برعاية من المؤسّسات المالية الدولية، الى جانب المجموعة الأوروبية، إذ ما عاد بإمكاننا النّهوض لوحدنا، لا على صعيد الخيارات الإقتصادية الواجب اعتمادها، ولا على مستوى القرارات الاقتصادية”.

وختم:”إيران، التي هي وصيّ الأمر الواقع على لبنان، ترفض مساعدته من جانب أي جهة دولية، حتى الساعة، بما فيها المجموعة الأوروبية نفسها. ولا أحد يعارضها في الملف اللبناني، بسبب خوف الجميع من قدرتها على التسبُّب بأحداث إرهابية، تقضي على لبنان، وتُدخله في نفق مُظلِم أكثر من الحالي”.