IMLebanon

إشارة إيجابية من قطر لتعويض الدعم السعودي؟

جاء في “العرب” اللندنية:

قالت أوساط سياسية لبنانية مطّلعة إن الرئيس ميشال عون لم يتحول إلى قطر إلا بعد أن وصلته مؤشرات واضحة عن استعداد الدوحة لتقديم الدعم المالي العاجل إلى لبنان الذي يعيش أوضاعا صعبة في ظل تأخر وصول وعود المانحين، وخاصة السعودية بسبب موقفها من تزايد نفوذ حزب الله في البلاد ومن ورائه إيران.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن عون يراهن على أن قطر لن تنظر ناحية السعودية كثيرا إذا قررت زيادة جرعة تدخلها في لبنان، وهو يلعب على وتر التناقض بين الرياض والدوحة في الملفات الإقليمية، خاصة أن قطر سبق وأن سعت لخطف الأضواء في لبنان في أكثر من مرة ظهر فيها تردد سعودي؛ من ذلك مثلا أنها حاولت لعب دور في مرحلة ما بعد تفجير مرفأ بيروت في شهر أغسطس من العام الماضي، وعرضت لاحقا تقديم دعم مباشر للجيش اللبناني لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها الجنود وعائلاتهم بفعل تأثيرات الأزمة الاقتصادية.

واعتبرت الأوساط ذاتها أن تحرك عون نحو قطر في قمة البرود مع السعودية، وفي ظل سلسلة إجراءات كويتية ضد لبنان، كان بترتيب بين رئاسة الجمهورية وحزب الله الذي له علاقات خاصة مع الدوحة التي طالما تحركت لنجدته وإعادة إعمار الجنوب مثلما جرى في المرحلة التي تلت حرب 2006، مشيرة كذلك إلى استفادة حزب الله من العلاقة الوثيقة بين قطر وإيران، وهي سبب كاف لأجل أن تبادر الدوحة إلى كسر الحظر الذي فرضته السعودية على لبنان ماليا واقتصاديا.

وبدت إشارة عون إلى السعودية واضحة حين قال إنه سيدعو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى “التوجيه للاستثمار في لبنان خصوصا ًوأن الأرض خصبة في الوقت الراهن”، أي أن الدوحة ستجد الطريق معبدا لتستثمر في البلد دون منافسة سعودية تقليدية أمام من يحاول الاستثمار فيه عادة.

وقاد استدعاء السعودية لسفيرها في بيروت وطلب مغادرة السفير اللبناني للرياض إلى مواقف خليجية متشددة أثارت مخاوف في لبنان بالرغم من أنه لم تعلن سوى الكويت عن وقف التأشيرات ومطالبة أعداد من العمالة اللبنانية بالمغادرة، مع توقعات باللجوء إلى إجراءات إضافية تشمل فرض رسوم على التحويلات المالية إلى لبنان ووقف حركة التوريد والتصدير إليه.

وفشلت كل الرسائل التي أطلقها مسؤولون لبنانيون لتهدئة الغضب السعودي، من ذلك مساعي رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي بالغ في مدْح الرياض إلى درجة أنه قال إن “السعودية هي قبلتي السياسية والدينية وبالتالي لم تقفل أبوابها بأيّ حال، وعندما أؤدي صلواتي الخمس يوميّا أتجه نحو القبلة في السعودية”.

واستبعدت الأوساط اللبنانية السابقة أن يكون عون قد سعى في زيارته لقطر إلى البحث عن وساطة مع السعودية، مشيرة إلى أن الرئيس اللبناني يعرف شروط الرياض وكيف يستجيب لها، وهي تتعلق بموقف واضح من حزب الله ونفوذه، وهو أمر لا يقدر عليه عون ولا حزبه التيار الوطني الحر ولا صهره جبران باسيل الذي يضع كل بيضه في سلة حزب الله من أجل خلافة عون في رئاسة الجمهورية.

كما استبعدت هذه الأوساط أن تبادر الدوحة إلى تقديم مساعدات عاجلة وبالحجم الذي يريده اللبنانيون، معتبرة أن قطر يمكن أن تعبر عن نوايا الدعم، لكنها ستحسب خطواتها جيدا خاصة أن ذلك قد يوتّر علاقتها بالسعودية مجددا، لاسيما أن المصالحة التي أطلقتها قمة العلا مازالت هشة، وأن الدوحة استفادت من سكوت السعودية عن استثناء بعض الجبهات من التهدئة مثل هجوم الإعلام القطري المستمر على البحرين، وليس من مصلحتها إعادة التوتر إلى مربع ما قبل قمة الخامس من كانون الثاني الماضي.

ونقل بيان للرئاسة اللبنانية الاثنين عن الشيخ تميم قوله إن “قطر مستعدة لمساعدة لبنان في كل المجالات، من أجل النهوض من الظروف الصعبة التي يعيشها، والتي انعكست سلبًا على الحياة اليومية للبنانيين”.

وأوضح أنه “سيوفد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن قريبًا (دون تحديد موعد) إلى العاصمة بيروت، لتقديم الدعم والمساعدة الضرورية”.

يشار إلى أن وزير الخارجية القطري قد زار لبنان في السنوات الأخيرة أكثر من مرة وأطلق سلسلة من وعود الدعم، وإلى الآن ينتظر اللبنانيون تنفيذ تلك الوعود التي جاءت في صيغ عامة وغامضة؛ من ذلك ما جاء على لسان الشيخ محمد بن عبدالرحمن خلال الزيارة التي تلت تفجير مرفأ بيروت، حيث قال إن قطر “تؤكد تضامنها مع لبنان”، مشيرا إلى وجود توجيهات واضحة من الشيخ تميم “لدراسة المشاريع المتضررة جراء الانفجار”. لكن “البرنامج غير محدد حتى الآن بتفاصيله”.

وتحدث الوزير القطري آنذاك عن محادثات “بشأن كيفية دعم لبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية، ومن المؤكد أن هذا الدعم يتطلب تعاونا من جميع الأطراف في مجال التشريعات اللازمة له، ونحن مازلنا في إطار المحادثات، لكن الانفجار الذي حصل عطّل هذه المحادثات، ونتطلع إلى استئنافها”.