IMLebanon

ميقاتي يبحث عن “تعويذة” تحيي عظام حكومته!

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

نجح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إقناع وزير الاعلام جورج قرداحي، ومَن خلفه من قوى سياسية داعمة، في تقديم “رأسه” هدية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عشية وصوله إلى منطقة الخليج في جولة تشمل الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية، علّه يتمكن من تحقيق خرق ما، مستبعد، في جدار الأزمة السعودية – اللبنانية.

ولهذا سارع ماكرون فور تلاوة قرداحي بيان استقالته إلى الإعراب عن أمله في “حدوث تقدم، في الملف اللبناني، خلال الساعات المقبلة”، ولو أنّ تجارب الرجل مع الملف اللبناني محبطة للغاية، إن لم نقل فاشلة جداً!

ولكن بالنتيجة، دخل قرداحي نادي الوزراء السابقين، وتنفّس ميقاتي الصعداء بعدما أزاح هذه “التقالة” عن كتفيه مع أنّه مقتنع كما غيره أنّ العقدة لا تكمن في تصريحات وزير الاعلام ولا في مواقفه التي كانت أشبه بحجة كان يبحث عنها السعوديون ليعلنوا الحرب ضدّ لبنان، لكنه تصرف كمن أدّى قسطه للعلى تاركاً للراعي الفرنسي محاولة تحريك المياه الراكدة… فيما راح يبحث عن “تخريجة” مماثلة تعيد الحياة إلى طاولة مجلس الوزراء المعطّلة منذ نحو شهرين، مع أنّ الجهة المعطّلة، أي الثنائي الشيعي يربط قرار المقاطعة بملف التحقيقات في انفجار المرفأ. ما يعني أنّ معالجة هذه العقدة، تحتاج إلى مساعدة الجهات القضائية المختصة، وهو “ترف” غير متوفر، إلى الآن.

يوم الاثنين المقبل، يفترض أن يدعو ميقاتي إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، وهي دعوة اذا حصلت، ستكون ناقصة الدسم السياسي كونها غير محصّنة بتفاهم مسبق مع الثنائي الشيعي. وقد لمّح ميقاتي إلى هذا الأمر حين قال إنّ أمامه “خيارين، أولهما دعوة مجلس الوزراء للاجتماع واستئناف العمل، ولكن لسنا في مرحلة استفزاز لأحد في لبنان كما أنها ليست طريقتي أن استفز أحداً في هذا الظرف بالذات، فطريقتي لم الشمل وإيجاد المخارج اللازمة، أما خياري الثاني “ربما” فاستقالة الحكومة ولكن أختار أهون الخيارين، الأول الإبقاء على هذه الحكومة برئاستي ضمن هذا الإطار هو أفضل بكثير من استقالتها والعودة إلى الفراغ مجدداً”.

مقتنع ميقاتي، وفق عارفيه انّ وضع البلد لا يحتمل مزيداً من التعقيدات، وهو يعتقد أنّ شركاءه الحكوميين يوافقونه الرأي ازاء المخاوف من انفجار البركان الاجتماعي، وبالتالي الحاجة أكثر من ماسة لاستعادة مجلس الوزراء عافيته، أقله لتأمين استجرار الكهرباء من الأردن قبل نهاية العام اذا كان الغاز المصري سيتأخر بعض الوقت، حسبما ذكر حديثاً مبعوث الطاقة لوزارة الخارجية الأميركية أموس هوكشتاين. ولهذا يميل ميقاتي إلى الاعتقاد أنّه بالامكان التوصل إلى اخراج قضائي يعيد الثنائي الشيعي إلى الطاولة.

وفي احدث اطلالة اعلامية له، أكد هوكشتاين أنّ “الغاز المصري سيصل إلى الأراضي اللبنانية قبل موعد الانتخابات النيابية المقرّرة في آذار”، متجاهلاً دور الوساطة التي يقوم بها في ما خصّ ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وكأنه يستخدم لعبة المماطلة، فيما كانت التوقعات في لبنان أن يتمّ الإعلان عن عودة قريبة له إلى بيروت حاملاً عرض السلطات الإسرائيلية للترسيم… لكنه فضّل في المقابل أن يؤجل بتّ ملف الكهرباء إلى شهر آذار المقبل رابطاً إياه، لأسباب غير موضوعية، بملف الانتخابات النيابية. وذلك بعد ساعات قليلة من اعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أنّه لن يوقع تعديلات المرسوم (6433) القاضية بتوسيع الحدود البحرية إلى مساحة 2290 كلم مربع، لأنّ العمل على حلّ المشكلة يحصل بالتفاوض.

في الواقع، لم يفهم بعض المعنيين، توقيت كلام رئيس الجمهورية ولا أهدافه، ذلك لأنّ المفاوضات أصلاً متوقفة، فيما اعلان لبنان بشكل رسمي عن رفضه توقيع مرسوم توسيع الحدود، هو بمثابة اعتراف غير مباشر لرفضه المساحة التي يتيحها التعديل، وتنازل صريح عن تلك المساحة الموسعة، ليعود إلى التفاوض على أساس الخط 23، أي مساحة 860 كلم مربعاً… بينما كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ السلطات الإسرائيلية مستعجلة لتسريع المفاوضات وحسمها قبل شهر آذار المقبل، موعد وصول سفينة الانتاج، وهو استحقاق بالغ الأهمية بالنسبة للإسرائيلي لأنّ الشركات العاملة في هذا المجال تتجنّب عادة العمل في مناطق متنازع عليها أو غير مستقرّة أمنيّاً. ولهذا تحرص إسرائيل على إنجاز الاتفاق قبل الربيع المقبل لكي تكون سفينة الإنتاج في مياهها الإقليمية بلا أيّ مخاطر معرقلة… ما يعطي لبنان هامشاً اضافياً طالما أنّ للسلطات الإسرائيلية مصلحة في انهاء هذا الملف.

وبالتالي، إنّ مبادرة رئيس الجمهورية إلى تقديم ورقة تعديل المرسوم، مجاناً، غير مفهومة أو مبررة، بنظر الكثيرين. ومع ذلك، حتى الآن لا تأكيدات من الجانب الأميركي حول موعد وصول هوكشتاين إلى بيروت ولو أنّ التقديرات تشير إلى احتمال طرقه الأبواب اللبنانية خلال الأسبوعين المقبلين، على أبعد حدّ، لوضع الجانب اللبناني في أجواء موقف الحكومة الإسرائيلية.

بالنتيجة، ثمة من يقول إن تلميحات الموفد الأميركي التي تربط بين وصول الغاز، واتمام ترسيم الحدود والانتخابات النيابية، ووضع كل هذه الاستحقاقات في خانة واحدة، مجدوَلة في الربيع المقبل، تعني أنّ الإدارة الأميركية تتعاطى مع لبنان على قاعدة: اعطونا الترسيم وخذوا الغاز… وإلا الانتخابات في موعدها بلا أي تأجيل!