IMLebanon

مجاعة خطيرة تهدّد أفغانستان

سقط عشرات آلاف القتلى وربما أكثر خلال الحرب التي شهدتها أفغانستان على مدى عقدين وانتهت بسيطرة طالبان على كابل في  آب الماضي، ولكن الآن الملايين أضحوا تحت وطأة مجاعة خطيرة قد تحصد أرواحهم مع حلول فصل الشتاء القارس في البلاد، وسط شبه انعدام للمساعدات الإنسانية، وذلك بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.

وكانت ممثلة برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، ماري إيلين ماكغرارتي، قد حذرت خلال الشهر الماضي من انهيار الاقتصاد الأفغاني في غضون أسابيع معدودة، في حال عدم إرسال ما يكفي من المساعدات للحيلولة دون وقوع ذلك.

واعتبرت ماكغرارتي في تصريحات صحافية أن “تدهور الأوضاع في البلاد مرده أسباب عديدة من بينها الصراع المستمر لعقود وزيادة عدد النازحين في الأشهر الأخيرة بسبب الاقتتال لأكثر من نصف مليون شخص، ناهيك عن التغيير المناخي وتأثيراته بما فيها الجفاف الحاد للمرة الثانية خلال أقل من أربع سنوات، وهذه أكثر السنوات جفافاً في أفغانستان خلال الثلاثين سنة الأخيرة، فضلا عن جائحة كورونا، وتجميد الأموال الأفغانية وتدهور قيمة العملة المحلية”.

ويُضاف إلى ذلك، بحسب المسؤولة الأممية عدم مقدرة الناس في تلك البلاد الفقيرة “على سحب أغلب مدخراتهم، وارتفاع البطالة بنسبة عالية، وغلاء أسعار الغذاء والوقود بشكل غير مسبوق”.

أوضاع غير مسبوقة

ونوهت ماكغرارتي أن الأوضاع الإنسانية في أفغانستان كانت صعبة، حتى قبل التطورات الأخيرة واستيلاء طالبان على الحكم قبل نحو أربعة أشهر، حيث كان هناك أكثر من 18 مليون أفغاني بحاجة لمساعدات إنسانية. وشددت على أن قرابة 14 مليون أفغاني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن هناك قرابة مليوني طفل معرضون لخطر سوء التغذية.

وحذرت من تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل أكبر، وقالت إن الناس يضطرون لبيع حاجياتهم المنزلية لشراء الغذاء ولا يتناولون الطعام يوميا وخفضوا نسبة وجودة الوجبات التي يتناولونها.

ومن المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 22.8 مليون شخص (أكثر من نصف السكان) مستويات تهدد الحياة من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتحليل أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

ومن بين أولئك الأفغان الفقراء، هناك 8.7 مليون شخص على وشك الوقوع في دائرة خطرة المجاعة، وهي أسوأ مرحلة في أزمة الغذاء.

ومما زاد من تفاقم مشاكل أفغانستان الاقتصادية، أن البلاد تواجه واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، والتي أدت إلى ذبول الحقول، ونفوق قطعان كبيرة من الحيوانات الداجنة، ونضوب قنوات الري لسقاية الأراضي الزراعية.

وبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة، فمن المتوقع أن يكون محصول القمح في أفغانستان ضمن الأراضي الريفية أقل بنسبة 25 في المئة من المتوسط هذا العام، حيث يعيش ما يقرب من 70 في المئة من السكان.

“تحالف وحشي”

ومع حلول طقس الشتاء القارس، وهجر آلاف المزارعين لأراضيهم، فهناك مخاوف جدية من أن يلقى أكثر من مليون طفل حتفهم.

وفي هذا الصدد، قالت سيدة أفغانية تدعى لالاك، وتبلغ من العمر 40 عاما: “أخشى أن يكون هذا الشتاء أسوأ مما يمكن أن نتخيله”.

وأوضحت لالاك التي لجأت إلى عيادة في منزل طيني متواضع بإدارة جمعية الهلال الأحمر لإنقاذ حفيدتها الهزيلة للغاية من الموت: “لم يبق لدى أسرتي أي حفنة قمح، ولا حطب للتدفئة أو نقود لشراء الطعام، كنا نستعين ماديا ببعض أقاربنا، ولكنهم هم أيضا أمسوا غير قادرين على سد رمق أطفالهم.

وختمت بالقول بنبرة يائسة: “لا شيء، ليس لدينا شيء”، لتعبر عن حال معظم سكان شاه والي كوت وهي منطقة قاحلة في مقاطعة قندهار، حيث تحالف الجفاف والانهيار الاقتصادي بشكل وحشي ضد أولئك المعوزين الجائعين.

وقد واجه عدد أكبر من الأفغان بنسبة 30 في المئة نقصًا في الغذاء في أيلول وتشرين الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بالتزامن أن ترتفع تصل تلك النسبة إلى أرقام مخيفة وكبيرة في قادم الأيام.

وفي نفس العيادة المتواضعة التي توجهت إليها لالاك، تحتضن زرمينا (20 عاما) ابنها البالغ من العمر 18 شهرا بينما وقفت ابنتها الهزيلة البالغة من العمر 3 سنوات خلفها وهي تمسك ببرقعها الأزرق، وقد أنهكها الجوع

وتقول زرمينا أن عائلتها الصغيرة أمضت الأشهر الأخيرة وهي تتناول الخبز الجاف والشاي معظم الوقت، وذلك بعد أن فقد زوجها، العامل بالمياومة، مصدر رزقهم الوحيد.

وتتابع تلك المرأة الشابة والحامل في شهرها السادس: “أطفالي يبكون كل يوم بسبب الجوع وأنا أعاني من فقر دم شديد، وليت بإمكاني أن أفعل شيء لأملأ بطون أبنائي الخاوية، ولكن ما باليد حيلة”.