IMLebanon

تسرب خطير من الخدمة في الجيش والأمن!

جاء في “العرب” اللندنية:

حذر سياسيون لبنانيون وغربيون من انهيار أمني شامل يعصف بآخر قلاع الاستقرار في لبنان، ما يكرس سطوة الميليشيات في حال قررت الحكومة اللبنانية المأزومة السماح لموظفي القطاع العام بالاستقالة الطوعية والسماح بتسريح العسكريين من الخدمة في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد.

وأفادت مصادر لبنانية بأن عدد الفارّين من الخدمة في الجيش اللبناني تجاوز عتبة الخمسة آلاف بين ضابط وعسكري، بينما لامس العدد خمس مئة في قوى الأمن الداخلي وتجاوز العشرات في بقية الأجهزة الأمنية.

وتأتي هذه الأرقام التي لا تزال غير مقلقة، لكنها مرشحة للارتفاع، في وقت تزداد فيه المخاوف من انهيار كبير للمؤسسة العسكرية والأمنية في حال قررت الحكومة اللبنانية السماح بتسريح العسكريين من الخدمة للضغط على المصاريف الحكومية الشحيحة.

ودعت أوساط داخلية وغربية إلى ضرورة تسريع المساعي الدولية لتوفير تمويل مباشر لرواتب العسكريين والأمنيين وعدم الاقتصار على المساعدات التي تقدم إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بما ينقذ آخر قلاع الاستقرار في لبنان.

وأشارت تلك الأوساط إلى أن انهيار المؤسستين العسكرية والأمنية يضع لبنان تحت سطوة الميليشيات التي تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة تفوق إمكانيات ما لدى القوى اللبنانية الحاملة للسلاح.

وتبدي دوائر سياسية أميركية مقرّبة من إدارة الرئيس جو بايدن قلقاً بالغاً من احتمال وصول لبنان إلى فراغ شامل على كل المستويات في السنة المقبلة الأخيرة من عهد الرئيس اللبناني ميشال عون.

وترصد الدوائر المعنية بمتابعة الوضع اللبناني سوء الواقع الداخلي وعوامل الانهيار الذي تراه وشيكاً، مؤكدة أن تخوّفها مبنيّ على معاينة دقيقة للساحة اللبنانية.

5000 بين ضابط وعسكري فروا من الخدمة في الجيش اللبناني بسبب خفض رواتبهم

ولفتت تلك الدوائر إلى أن مخاوفها من هذا الانهيار زادت بعد الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى واشنطن وعرضه لوضع المؤسسة العسكرية على كل المستويات، بدءاً من الحالة المعيشية لعناصر الجيش وصولاً إلى تفاصيل متعلقة بالأوضاع الداخلية.

ويتنامى الاستياء في صفوف الجيش اللبناني بسبب انهيار العملة الذي أدى إلى إلغاء أغلب قيمة رواتبهم.

وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية 90 في المئة منذ أواخر 2019 في انهيار مالي يشكل أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ويفرض الانهيار الاقتصادي ضغوطا غير مسبوقة على القدرات العملياتية للجيش، مما يؤدي إلى القضاء على قيمة رواتب الجنود وتحطيم معنوياتهم. ويعرّض هذا التدهور للخطر أحد مراكز القوى القليلة التي توحد اللبنانيين في وقت تتصاعد فيه التوترات الطائفية ومعدلات الجريمة وسط ارتفاع شديد في نسب الفقر.

وينظر إلى الجيش اللبناني منذ فترة طويلة على أنه مؤسسة تمثل نموذجا نادرا يجسد الوحدة والفخر الوطني. وأدى انهيار الجيش في بداية الحرب الأهلية عندما انقسم وفقا لانتماءات طائفية إلى تسريع انزلاق لبنان نحو سيطرة الميليشيات.

وكثفت القوى الدولية مؤخرا، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، دعمها العسكري واللوجستي للجيش اللبناني؛ وذلك لعدة اعتبارات على رأسها تعزيز سيادة الدولة ومنع انهيار آخر حصن أمن للبنانيين، إلا أن الدعم الغربي موجه أيضا إلى مواجهة تنامي قدرات حزب الله العسكرية التي قد يستغلها لفرض أجنداته الداخلية والإقليمية.

ويقول مراقبون إن اندفاع الغرب إلى مساعدة المؤسسة العسكرية في لبنان، والتي تعاني من صعوبات مالية خانقة تهدد بانهيارها، ناتج عن مخاوف دولية من أن تتسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي لم تع الأطراف السياسية خطورتها إلى حد الآن في تفكك الحصن الأخير لأمن اللبنانيين في ظل أجندات داخلية وخارجية تتربص باستقرار البلاد.

وتتطلع الدول الغربية إلى دور أكبر للمؤسسة العسكرية اللبنانية نظرًا لما تتمتع به من تقدير من كافة القوى السياسية في الداخل اللبناني، وستكون الدعامة الأساسية لذلك الدور ترجيح كفة الردع العسكري للدولة في مواجهة تنامي قدرات حزب الله العسكرية، لمنع أي ضغوط من الحزب لتحقيق مصالح سياسية في الداخل اللبناني أو تجاه ملفات إقليمية.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) إن إدارة جو بايدن ترغب في تفعيل قدرات الجيش اللبناني من أجل التصدي لحزب الله واحتواء نفوذ إيران في لبنان.

وأوضح المسؤول أن إدارة بايدن تدرك أن طهران تؤدي دورا فاعلا ومؤثرا في لبنان عبر تنظيم حزب الله، وهي بالتالي ستبقى متمسكة بنفوذها في هذا البلد رغم التقارب الممكن حصوله على مستوى المحادثات غير المباشرة مع طهران والمتعلقة بملفها النووي.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن فريق إدارة بايدن الأمني يرغب في تفعيل قدرات الجيش اللبناني بهدف التصدي لتنظيم حزب الله المدرج على لائحة الإرهاب في واشنطن ومنع سقوط مؤسسات الدولة الأمنية اللبنانية بيد التنظيم.

ويؤكد مراقبون أن الاستجابة العاجلة لاحتياجات الجيش اللبناني تعكس رغبة القوى الدولية في تفعيل قدرات المؤسسة العسكرية اللبنانية للتصدي لحزب الله واحتواء نفوذ طهران في البلاد.

ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن مذكرة رئاسية مؤخرا تسمح لوزير الخارجية أنتوني بلينكن بمنح مساعدات فورية للجيش اللبناني بقيمة 47 مليون دولار.

ووجه بايدن بسحب ما يصل إلى 25 مليون دولار من السلع والخدمات من مخزون وموارد أي وكالة تابعة للولايات المتحدة من أجل تقديم المساعدة الفورية للقوات المسلحة اللبنانية وسحب ما يصل إلى 22 مليون دولار من المواد والخدمات الدفاعية من وزارة الدفاع لتقديم المساعدة الفورية للجيش اللبناني.

وتخشى الولايات المتحدة أن يؤدي تدهور وضع الجيش إلى تعزيز تموضع ميليشيا حزب الله التي باتت تشكل جيشا موازيا من حيث عدد عناصرها وحجم التسليح، لا بل إن الأوساط الاستخبارية تُجمع على أن حزب الله يملك من العتاد ما يفوق قدرات الجيش.

ورغم أهمية الاندفاع الغربي لمساندة قوات الأمن والجيش اللبناني إلا أنه يظل قاصرا، حسب محللين، ما لم يكن أكثر تنسيقا وحرصا على استدامة وظائف العناصر الحاملة للسلاح عبر توفير مباشر لرواتبهم بما يضمن لهم تلبية حاجياتهم المعيشية اليومية.

ونشرت صحيفة ديلي تليغراف تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط كامبل ماكديارميد بعنوان “يمكن للجيش اللبناني أن يمنع الانهيار الكامل للبلاد – إذا استطاع الاستمرار في إطعام جنوده”. ويقول التقرير “وسط انهيار اقتصادي مدمر في لبنان لم يعد الجيش قادرا على إطعام جنوده اللحوم”.