IMLebanon

السنيورة: لبنان يحتاج الى تضافر الجهود العربية لإنقاذه

اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة أنّ “لبنان لا يحتاج لمنافسة بين العرب على مساعدته، بل يحتاج الى تضافر الجهود العربية من أجل إنقاذه”، وقال: “لبنان، بدون أدنى شك، يمر الآن بظروف في منتهى الصعوبة، خصوصا وانه يعاني من انهيارات على أكثر من صعيد وطني وسياسي واقتصادي ومالي ومعيشي، وذلك بسبب جملة من الأسباب والعوامل والصدمات التي تتشابك وتتفاقم فيما بينها، ومن ضمنها الاستعصاء المزمن على الإصلاح، وأيضا بسبب التدخلات الأجنبية في لبنان، وأيضا بسبب وجود السلاح غير الشرعي، وبسبب أن الدولة اللبنانية أصبحت مختطفه في دورها وحضورها وقرارها الحر من قبل حزب الله والأحزاب الطائفية والمذهبية التي تدور في فلك حزب الله وإيران”.

وقال السنيورة في حديث الى قناة “النهار المصرية”: “هذه الأمور وغيرها من العوامل والحروب والصدمات مجتمعة، أوصلت لبنان إلى هذا الوضع الخطير جدا، وأصبحت الأوضاع المعيشية ضاغطة على جميع اللبنانيين، وأن هناك الآن انهيارا كبيرا في المؤسسات والقطاعات المصرفية والتعليمية والاستشفائية وغيرها. وهذا كله أصبح يشكل خطرا وجوديا على لبنان. وهذه كلها أدت إلى هذه الانهيارات في الثقة بالدولة اللبنانية وبالمنظومة السياسية، لا سيما وأن هذه المنظومة السياسية في لبنان لا يهمها إلا مصالحها، ولا تتعامل أو تتصرف بطريقه صحيحة، وهي لا تلتزم احترام الدستور وباحترام سلطة الدولة اللبنانية ودورها، ولا تحترم أيضا التزامات الدولة اللبنانية تجاه اللبنانيين، ولا تحترم التزامات لبنان تجاه أصدقائه وأشقائه في العالم. وتلك أمور تتفاقم بسبب هذا الانحراف والاختلال الكبير والمتزايد في التوازنات الداخلية في لبنان، والاختلال في السياسة الخارجية للبنان. وكذلك أيضا بسبب التدخل الذي تمارسه بعض أطراف السلطة السياسية في القضاء، بحيث أصبح القضاء اللبناني يستعمل من قبل السلطة السياسية كمخلب من أجل الانتقام من الخصوم السياسيين. كل هذه الأمور أصبحت تتطلب من لبنان والمسؤولين فيه تصرفا وممارسة مختلفة، كما تتطلب من الأشقاء العرب الوقوف مع لبنان والالتزام بدعمه لفك أسره”.

ورأى “أن لبنان أصبح بلدا مخطوفا، وأن وقوف الأشقاء العرب مع لبنان يسهم في تصويب وتعديل هذا الاختلال في التوازنات الداخلية المختلة، وأيضا في تصويب التوازنات الخارجية في سياسة لبنان الخارجية”.

وعن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، اشار السنيورة الى انّ “هذه الحكومة هي أفضل الممكن، ولكن أقل بكثير من المطلوب. وذلك بسبب، أنه وخلال عملية التأليف للحكومة الميقاتية جرى الإخلال في الالتزام بعدد من المواد الدستورية، وجاءت ممثلة للسياسيين، بينما كانت الحاجة في أن تكون حكومة مؤلفة من الاختصاصيين الأكفياء المستقلين ومن غير الحزبيين وغير المستفزين. هذه الوزارة فيها الكثير ممن هم تابعين للأحزاب السياسية. وبالتالي كل وزير ينتظر ليتقيد بما يصل اليه من تعليمات من الحزب الذي رشحه لعضوية الحكومة. على أي حال، لقد تألفت الحكومة الآن، ونحن لدينا هذا الوضع الآن الشديد الصعوبة”.

واضاف: “هذه الحكومة، قد تعرضت وفي شهرها الأول لعدة صدمات، وذلك إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة، وأحدها بسبب الخلاف المتفاقم بشأن التحقيقات الجارية في جريمة تفجير مرفأ بيروت، والآخر بسبب التصريحات غير المسؤولة التي ادلى بها بعض الوزراء، ما أدى إلى تشنج الأجواء العامة في لبنان، وأسهم في توتر العلاقات داخل الحكومة ومع الأشقاء في الدول العربية”، مشيرا الى “ان هذه التصريحات لبعض المسؤولين الحكوميين جاءت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وأضيفت إلى ممارسات بعض المسؤولين، ما أدى إلى اختلال كبير في السياسة الخارجية للبنان”.

الى ذلك، أكّد السنيورة ان “سياسة لبنان الخارجية الصحيحة تقتضي من لبنان أن يحترم السياسة التي أعلنتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة، وذلك في احترام سياسة النأي بالنفس، والابتعاد عن الانغماس في الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية، وهذا ما لم يحصل. فلبنان قد تورط وبسبب تورط حزب الله في الصراعات الإقليمية، بينما كان على لبنان أن يحرص في سياسته الخارجية على النأي بالنفس بالفعل وليس بالقول فقط، أي نأيا بالنفس بالعمل وبالممارسة عن التورط في أمور لا تخدم مصالحه ولا مصالح أبنائه”.

ولفت الى أنّ “الامر يتعدى موضوع الوزير واستقالته، لان المشكلة هي بسبب هذه التراكمات التي انفجرت. والسؤال: ما هو المطلوب؟ بداية، أن تقوم الحكومة اللبنانية باعتماد سياسة يتم من خلالها تصويب الانحرافات في التوازنات في سياسته الداخلية وكذلك الخارجية، أي نحو ما يخدم بالفعل مصلحة لبنان واللبنانيين. كما أن المطلوب عربيا، أن يصار الى ما يسمى تضافر موقف عربي داعم للبنان ولعروبة لبنان ولعودة الدولة في لبنان إلى استعادة حضورها ودورها وهيبتها، ولعودة الاحترام للدستور اللبناني ولوثيقة الوفاق الوطني، والعمل على استكمال تطبيقها والحرص على استقلال السلطة القضائية. إن الالتزام بهذه الأمور يسهم في البدء بمعالجة هذا الاختلال. لا شك بان الوضع العربي المشرذم له انعكاساته السلبية على الوضع العام اللبناني. والحقيقة، أن انشغال كل دولة عربية بما لديها من مشكلات، والظروف الصعبة التي تمر بها الدول العربية، أدى الى انعكاسات سلبية على الأوضاع العامة في لبنان”.

وتابع: “لذلك، فإن ما نريده نحن في لبنان ليس تسابقا بين الدول العربية للمنافسة بين بعضها بعضا على دعم لبنان، وإنما موقفا عربيا متضامنا ومصمما على انتشال لبنان من أتون مشكلاته”.

واعتبر السنيورة أنّ “ما حصل اخيرا من خلال زيارة الرئيس ماكرون الى السعودية، كان أمرا جيدا. ولقد كانت هناك فقرة هامة وأساسية في البيان الختامي التي عبر فيها ولي العهد السعودي، وكذلك الرئيس الفرنسي عن رغبتهما بدعم لبنان. ويكون ذلك من خلال أن يسهم لبنان أيضا في مساعدة نفسه. ومن ذلك، في تصليب الموقف لجهة التأكيد على العودة إلى احترام الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني في الطائف والعودة الى احترام القرارات الدولية. هذا الموقف العربي المتضامن مهم جدا، والذي اعتقده أن جمهورية مصر العربية وسيادة الرئيس السيسي هم من أشد الداعمين للبنان. وفي هذا الصدد، نحن نعلم انه منذ ان استقل لبنان في العام 1943 كانت مصر دائما، وفي كل العهود، تقف الى جانب لبنان، وتدعم استقلاله وسيادته وتحرص على فرادة وطبيعة نظامه الديموقراطي والحر، وتحرص على تفهم ظروفه الخاصة. ولذلك، كان لبنان دائما يعتمد على مصر في هذا الشأن”.

كما اكّد ان “زيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مصر تأتي في محلها ووقتها الصحيح، لأن مصر هي أيضا المركز والثقل العربي الذي يمكن ان يحصل فيه لبنان على الدعم المطلوب من الشقيقة الكبرى مصر، وليس الدعم فقط من خلال اتفاق استمداد الغاز المصري، وعلى أهمية هذا الدعم الكبير، ولكن أيضا من خلال الدعم السياسي الذي يمكن ان تقدمه جمهورية مصر العربية وبالتعاون مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ليشكلوا جميعا كما كبيرا يصلح، ويصوب هذا الاختلال والانهيار الكبير الذي أصبح لبنان في خضمه”.

وردا على سؤال عن دور الجامعة العربية لتكوين موقف عربي قادر على مساعدة لبنان في وضعه الحالي، قال الرئيس السنيورة: “من دون أدنى شك، إن دعم مصر والمملكة العربية السعودية، وكذلك جامعة الدول العربية أمور شديدة الأهمية. وانا زرت في شهر تموز من العام 2014، الرئيس السيسي، وأنا عضو في مجلس العلاقات العربية والدولية، وكنا ثلاثة في حينها: أنا ورئيس الوزراء العراقي السابق أياد علاوي ومحمد الصقر رئيس الاتحاد البرلماني العربي السابق. وكانت الجلسة جيده جدا، وتسنى لي أن أذكر امام الرئيس السيسي ثلاثة امور اساسية اعتقد انها كانت ولا تزال شديدة الأهمية والضرورة، من اجل ان يصار الى تصويب الوضع العربي، وذلك بما ينعكس إيجابا على مجمل الوضع العربي وكذلك على لبنان. وهي بداية عودة مصر وبقوة الى النهوض بدورها العربي في المجموعة العربية، وهي التي لطالما كانت ملتزمة به وتحرص عليه، وذلك بما يسهم في تصحيح الاختلال الحاصل في الوضع العربي عامة، وهو الاختلال الذي نشهده اليوم في التوازنات العربية الدقيقة، وان يجري ذلك بدعم ومشاركة من المملكة العربية السعودية”.

واضاف: “والأمر الثاني، هو عودة الجامعة العربية لان تقوم بدورها الجامع للعرب، والحريص على تحقيق التعاون والتكامل بين الدول العربية. وليس أن يكون وضع الجامعة انعكاسا لاختلافات الدول العربية. والثالث، هو استعادة الاسلام من خاطفيه وكذلك ممن يحاولون اختطافه. هذه ثلاثة امور اعتقد انها ما زالت صحيحة واساسية من اجل اصلاح هذا الاختلال الكبير الذي نشهده في التوازنات في المنطقة العربية”.

ورأى السنيورة “ان المنطقة العربية الان تشهد اختلالا كبيرا أيضا بسبب وجود قوى إقليمية لا يهمها الأمن القومي العربي، أكان ذلك من إسرائيل التي بيننا وبينها عداوة، أو كانت إيران التي بيننا وبينها خصومة شديدة، وأيضا بيننا وبين تركيا التي بيننا وبينها علاقة يجب تصويبها وتحسينها”. وقال: “اعتقد، في هذه الأمور، ينبغي أن يتكون موقف عربي كبير قادر على أن يقف بقوة وحزم لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية الكبرى، وأن يجري التصرف بحكمة وبمكر وتبصر وبتفكير كبير من أجل الحض على التعاون الصحيح والبناء بين الدول العربية فيما بينها لمواجهة التحديات والظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية”.

ولفت الى أنّ “الوضع الداخلي للبنان، هو بالفعل انعكاس لحال التشرذم والاختلال في الوضع العربي. وبالتالي، فإن هناك فراغا لا يملأه إلا الموقف المصري الحازم، وبالتعاون مع المملكة السعودية ودول الخليج لاستعادة التوازن في المنطقة العربية ولمواجهة التحديات التي تشكلها القوى الإقليمية والدولية، وذلك ما ينعكس إيجابا على مجمل الأوضاع العربية وعلى الوضع اللبناني بالذات”.