IMLebanon

ميقاتي يبحث عن حلول لأزمته عبر الجغرافيا الخطأ

جاء في “العرب اللندنية”:

دفعت الأزمة المتشابكة التي يعيشها لبنان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى البحث عن حلول سياسية من خارج نطاق الجغرافيا الصحيحة؛ فقد زار القاهرة الخميس وهو يعلم أن مفاتيح الجزء الرئيسي من الأزمة تُوجد في أماكن أخرى، وخاصة في الخليج.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال استقباله نجيب ميقاتي في قصر الاتحادية بالقاهرة، حرص بلاده على سلامة وأمن واستقرار لبنان، وتحقيق المصالح الوطنية وتجنيبه مخاطر الصراعات في المنطقة.

وتبدو زيارة نجيب ميقاتي إلى القاهرة في ظاهرها ذات أبعاد اقتصادية لحل أزمة الطاقة في لبنان من خلال استيراد الغاز المصري، لكن في جوهرها لا تخلو من ملامح سياسية؛ حيث يريد أن يقدم نفسه كشخصية قادرة على إحداث التوازن في لبنان والحد من هيمنة حزب الله، وهو ما من شأنه أن يلفت إليه نظر الخليجيين، وخاصة السعودية التي صارت تنظر إلى الجميع في لبنان على أنهم مسؤولون عن الأزمة بالتساوي سواء أكانوا من حلف حزب الله أم من خارجه، سنة أم مسيحيين وشيعة.

ولا يخفي رئيس الحكومة اللبنانية أهمية تحسين علاقات بلاده مع دول الخليج عموما التي وقفت إلى جانب السعودية في موضوع جورج قرداحي.

وأكد ميقاتي في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية بثته قبل أيام أن لبنان على استعداد لإزالة أيّ شوائب تشوب علاقته مع الدول الخليجية، مجددا رغبة بلاده في إقامة أفضل العلاقات مع دول الخليج “لأن لبنان يشعر بالأمان حينما يكون الأخ الكبير بجانبه”.

ولم يفصح ميقاتي عن مدى قدرته على تنفيذ وعوده التي أطلقها بشأن إزالة الشوائب، لأن تصوراته وتحركاته محكومة بموازين قوى داخلية لا يستطيع تغييرها بسهولة، الأمر الذي يدفعه إلى إحداث ضجيج على المستوى الخارجي.

وأوضح مدير مركز “رع” للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أكرم حسام في تصريح لـ”العرب” أن “ميقاتي يبحث عن دور سياسي من شأنه أن يعضد ما يقوم به إيمانويل ماكرون من جهود لإعادة العلاقات مع دول الخليج إلى سابق عهدها، لأن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي لم تكن كافية من وجهة نظر السعودية، ويعتبر أن هناك فرصة لأن تقوم القاهرة بالدور المساعد”.

زيارة في جوهرها لا تخلو من ملامح سياسية

ويقول متابعون إن العقدة في الرياض وهي الوحيدة القادرة على تفكيكها إذا اقتنعت بأن ميقاتي يمكنه إدخال تعديلات على قواعد اللعبة التي يتحكم فيها حزب الله اللبناني، وهي مسألة مفتاح حلها في يد طهران وليس في يد القاهرة.

ولا تريد السعودية الدوران في حلقات لبنان المفرغة ويصعب أن تقبل وساطات دولية أو عربية ما لم تتلق ضمانات بأن هناك تغييرا حقيقيا في المعادلة الراهنة، وهو ما لا يملكه ميقاتي، فجزء معتبر من مفاصل لبنان مرهون بإرادة إيران وحليفها حزب الله.

وناقشت زيارة ميقاتي إلى القاهرة تطوير آليات التعاون في نقل الغاز واستغلال لبنان للدعم الدولي الذي يحظى به مشروع إمدادات الغاز بين مصر والأردن ولبنان وسوريا، وتعول القاهرة على إمكانية توظيف تفعيل العلاقات الاقتصادية للقيام بدور يسهم في تضييق الخناق على النفوذ الإيراني في المنطقة.

وذكرت أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة نهى بكر أن مصر تنتهج سياسة الانفتاح على لبنان وتحرص على أن تقف على مسافة واحدة من الفرقاء السياسيين، ويمكن أن تكون همزة وصل بين بيروت ودول الخليج العربية.

وأضافت لـ”العرب” أن “ما تقدمه مصر حاليا إلى لبنان يركز على التعاون في مجال الطاقة بما يخفف الضغوط الواقعة على ميقاتي جراء انقطاع الكهرباء وما يسببه ذلك من غضب شعبي يمكن أن ينعكس في أي لحظة على فرصه في الاستمرار”.

وتحاول حكومة ميقاتي إجراء إصلاحات ومحاسبات في الداخل، وتحسين علاقاتها مع قوى إقليمية ودولية، غير أنها لا تزال مكبلة بقيود يفرضها حزب الله لن تجعلها قادرة على التقدم على الصعيدين الداخلي والخارجي بما يزعج السعودية ويجعلها أكثر تريثا في التجاوب مع الرسائل التي تصلها من دوائر متباينة.