IMLebanon

التباين بين عون و”الحزب” يمرّ بموسكو ودمشق

كتب منير الربيع في “الجريدة الكويتية”:

يقف لبنان على فالق زلزالي في ظل نظرة ازدواجية لانعكاس التطورات الإقليمية والدولية على واقعه الداخلي، تتعلّق بمصير مفاوضات “النووي” بين إيران والغرب.

ففي حال تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، يبقى السؤال داخلياً عن ثمن ذلك، وما إذا ستكون إيران رابحة سياسياً مع حلفائها.

أما في حال عدم التوصل إلى الاتفاق، فيبقى السؤال عن تداعيات فشل المفاوضات ومخاطره التي ستنعكس بشكل مباشر على الساحة اللبنانية من استمرار الانهيار السياسي والمالي والاقتصادي، وصولاً إلى احتمال انفجار أمني.

وستكون الأشهر المقبلة فاصلة على أكثر من صعيد وجبهة، في ظل استمرار التداخل بين الداخل والخارج. وبينما من المفترض أن يرسم الاتفاق النووي معالم المرحلة المقبلة، يترقب لبنان استحقاقين أساسيين؛ هما الانتخابات النيابية والرئاسية.

لا يمتلك اللبنانيون غير الانتظار والترقب. فلبنان الذي كان حاضراً في جولة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على دول الخليج قبل القمة الخليجية، لا بدّ له أن ينتظر المقررات التي ستخرج بها تلك القمة، وستكون الأنظار متجهة الى كيفية تناول الملف اللبناني في مخرجات القمة، فيما تقول مصادر دبلوماسية خليجية إن ولي العهد السعودي قد أعدّ خلال جولته مضامين البيان وأبعاده. وهذا في حدّ ذاته مؤشر إلى الاهتمام الخليجي بلبنان وتأكيد عدم الانسحاب، بل الاستعداد للحضور، بشرط أن يلتزم لبنان بمواقف عملية جدية، تؤكد سعيه إلى تصحيح مساراته السياسية وإجراءاته الأمنية على المعابر والمرافق العامة.

إلى جانب الاهتمام الخليجي، والرعاية الفرنسية الكاملة للبنان في هذه المرحلة وتوفير كل مقومات الدعم للحكومة اللبنانية، وصولاً إلى زيارة السفير بيار دوكان إلى بيروت، وهو المكلف بمتابعة ملف المساعدات، يبرز اهتمام روسي مستجد، تجلّى بزيارة لوفد من شركات روسية عاملة في مجالات الطاقة، وقد عقد الوفد لقاءات مع وزير الطاقة في الحكومة، وأبدى الاستعداد للدخول في مجال الاستثمار وإعادة تأهيل محطة دير عمار وإيصال الغاز الروسي إليها. يأتي هذا الاهتمام الروسي بعد فوز شركة روسنفت بمناقصة إعادة تأهيل مصفاة طرابلس، وهذا لا ينفصل عن مساعي موسكو لترسيم الحدود بين لبنان وسورية مستقبلاً، وبالتالي لعب دور أساسي بين البلدين.

تبقى الرمزية الأساسية لهذه الملفات ذات بُعد سياسي. وبما أن السنة الحالية هي سنة الاستحقاقات الكبرى، فمن الواضح أن رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي تشهد علاقته مع حزب الله توتراً كبيراً، بسبب الاختلاف على الكثير من المقاربات، القضائية أولاً على خلفية تحقيقات تفجير المرفأ وإجراءات القاضي طارق البيطار، والسياسية ثانياً من خلال تعطيل تشكيل الحكومة، وإدارياً من خلال الخلافات على الكثير من التعيينات والتشكيلات في المواقع الأساسية بالدولة، فلا يمكن إغفال وجود ملف خلافي يوضع في خانة الاستراتيجيات بالنسبة إلى عون، وهو معركة خلافته السياسية أو الرئاسية.

وقد حاول عون مراراً الحصول من حزب الله على تعهّد بالالتزام بانتخاب جبران باسيل لرئاسة الجمهورية، لكنّ الحزب رفض تقديم أي التزام، لأن الوقت مبكر جداً، ولأن علاقات باسيل بكل القوى سلبية جداً، ولا يمكن تأمين قوى داعمة له.

هذه المعركة الأساسية التي ستتوالى فصولاً في المرحلة المقبلة، وبحال لم يجد عون فيها أملاً بتحقيق ما يريد، فلا بد من توقّع اتخاذه خطوات تشير إلى ابتعاده عن حزب الله، ولكن ليس للذهاب باتجاه خصومه، إنما هناك فكرة واضحة لدى عون، وفق ما تقول مصادر متابعة، تركز على ضرورة الرهان على دور روسيا في المرحلة المقبلة ما بين لبنان وسورية، واتخاذ خطوات تقاربية أكثر مع دمشق والنظام السوري الذي تمكّن من فتح علاقاته مع بعض دول الخليج، هذا المسار لا يمانع عون من استنساخه في لبنان، وهو يرى فيه أنه المسار الذي سيكون فاعلاً في المرحلة المقبلة.