IMLebanon

“الحزب” يأسر حكومة لبنان بقبضة إيرانية

كتب جوني فخري في “العربية”:

إلى جانب الانهيار المالي والاقتصادي والسياسي، انتهى العام 2021 لبنانياً بتعطيل عمل الحكومة لأكثر من شهرين منذ ولادتها بفعل فيتو فرضه على جلساتها الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، رابطاً فكَّ أسرها بإقالة المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.

ولا يبدو في الأفق ما يؤشر إلى أن العام الجديد سينطلق بوضع قطار الحكومة مجدداً على سكّة العمل للبدء بالمهمات “الإنقاذية” رغم الاتصالات والمشاورات التي تقودها الرئاستان الأولى والثالثة تحت عناوين معيشية ملحة تستوجب اجتماع الحكومة، وذلك بسبب إصرار الثنائي الشيعي على موقفهما من المحقق العدلي وربط عودتهما إلى طاولة مجلس الوزراء بإبعاده عن ملف التحقيقات.

بل إن الوضع تأزم أكثر مع تصريحات نارية أطلقها أمس الأحد التيار الوطني الحر، حليف حزب الله المسيحي، على لسان رئيسه وزير الخارجية السابق جبران باسيل، الذي ألمح إلى رفضه مواقف الحزب وسياسة الابتزاز أو المساومة التي تمارس.

وفي قلب المشهد الحكومي الذي يحاول الثنائي حزب الله وأمل رسم قواعده وفق معادلة البيطار مقابل الحكومة، يعوّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أن تُشكّل الأزمات المعيشية والمالية الداهمة حافزاً للفرقاء السياسيين من أجل العودة إلى طاولة مجلس الوزراء لإقرارها سريعاً بعدما تمت دراستها داخل اللجان الوزارية التي شكّلها للاستعاضة عن تعطيل الحكومة.

وفي الإطار، أشار الوزير السابق النائب نقولا نحاس المقرّب من رئيس الحكومة، لـ”العربية.نت” إلى “أن الملفات المعيشية الداهمة التي تمت دراستها داخل اللجان الوزارية والتي باتت مُنجزة يُمكن أن تُشكّل “حاجة” أو مقدّمة لحلول سياسية لعمل الحكومة”.

واعتبر “أن ضغط الملفات المعيشية التي تحتاج إلى اجتماع الحكومة سيفرض نفسه على المشاورات السياسية من أجل تفعيل عملها”، قائلاً ” ميقاتي لا يستطيع أن يمون على القوى السياسية التي تشارك في حكومته من أجل تلبية دعوته لتفعيل عملها”.

أما على ضفّة رئاسة الجمهورية، فإن الموقف من تعطيل الحكومة يبقى ضمن “التمنّيات” بعودة الانتظام إلى عملها من دون أن يكون هناك مبادرة للحل، وهو ما ظهر في الرسالة التي وجهها الرئيس ميشال عون إلى اللبنانيين لمناسبة الأعياد، حيث شدد على “ضرورة أن تجتمع الحكومة، قائلا “بأي شرع أو منطق أو دستور يتم تعطيلها؟”، داعياً إلى توقف التعطيل المتعمّد والممنهج وغير المبرر الذي يؤدي إلى تفكيك المؤسسات وانحلال الدولة”.

وفي السياق، اعتبرت مصادر رئاسة الجمهورية لـ”العربية.نت”: “أن عون يريد أن تجتمع الحكومة اليوم قبل الغد، لكن يبدو أن رئيسها يُحاذر الدعوة إلى عقد جلسة من أجل تلافي المزيد من الشرخ السياسي، لأن أي دعوة سيُقابلها الثنائي الشيعي بالمقاطعة”.

كما أوضحت المصادر “ألا تواصل حتى الآن بين رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي من أجل معالجة التعطيل الحكومي”.

إلى ذلك، لفتت إلى “أن كرة الدعوة إلى جلسة حكومية في ملعب ميقاتي، أما كرة المقاطعة فهي في ملعب الثنائي الشيعي، وللأسف مواقف المعنيين على حالها ما يؤشر إلى أن لا حلّ في الأفق”.

وعلى رغم حاجة اللبنانيين إلى اجتماع الحكومة من أجل إقرار ملفات معيشية داهمة مرتبطة بلقمة عيشهم وقدرتهم الشرائية التي تآكلت نتيجة الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي افتتح العام الجديد بسعر تخطى 28 ألفاً للدولار الواحد، غير أن حسابات حقل الفريق المعطّل لا تتطابق مع حسابات بيدر اللبنانيين ومعاناتهم وإنما تتجاوز الحدود لتصل إلى الإقليم لتُلاقي حسابات إيران على طاولة المفاوضات النووية في فيينا، وهو ما أشار إليه رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين لـ”العربية.نت”.

وقال إن حسابات الثنائي الشيعي أبعد من معالجة الأزمات المتلاحقة وإنما مرتبطة بالمفاوضات النووية في فيينا، لأن أي تغيير جدّي في اتّجاه معالجة الأزمة القائمة في لبنان سيفرض موازين جديدة في البلد، لذلك فإن الثنائي الشيعي، وتحديداً حزب الله ليس في وارد المغامرة بأي تعديل داخلي قبل اتّضاح الصورة الإقليمية، ولا إيران قادرة على تغطية أي شيء يؤدّي إلى إضعافها في لبنان”.

كما لفت إلى “أن ما يجري على الصعيد الحكومي أبعد من قضية المحقق العدلي طارق البيطار وإقرار الإصلاحات المطلوبة من لبنان لمدّه بالمساعدات، وإنما مرتبطة بقرار استراتيجي بالتعطيل من قبل المنظومة الحاكمة، لاسيما الثنائي الشيعي ويبحث عن ذرائع دائمة، لأن أي حلّ سيُضعفها وإلا ما الذي يُبرر شلّ عمل الحكومة بهدف تعطيل التحقيقات بمرفأ بيروت في وقت يجب الفصل بينهما؟”.

إلى ذلك، اعتبر الأمين “أن ذهنية التعطيل لا تزال هي السائدة رغم الأزمات المتراكمة على الصعد كافة، وهذا إن دلّ على شيء فإلى وجود نيّة لدى المنظومة الحاكمة بسحق الأمّة اللبنانية وممارسة الإجرام بحق اللبنانيين ومصالحهم ولا في الأفق ما يؤشر إلى وجود إرادة لدى هذه المنظومة للخروج من المأزق أو على الأقل لجم الانهيار الحاصل”.

وختم معتبرا “ألا حلّ في الأفق ضمن المعطيات القائمة حالياً إلا إذا حصل تطوّر ما خارجي أو داخلي كبير فرض موازين جديدة في اللعبة السياسية”.