IMLebanon

ميقاتي ينتهز الفرص ويخسرها.. وعودة الحريري معركة برّي الشخصية

كتب منير الربيع في “المدن”:

لم يُكتب لصيغة التسوية الجديدة التي أعلن عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن تنجح سريعاً. وقد لا تنجح قط في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي واضح حولها، يلبي شروط الثنائي الشيعي لإعادة إحياء عمل مجلس الوزراء. والملفات اللبنانية الأخرى غدت تفاصيل، فيما الأنظار تتركز على الانتخابات النيابية وساحات النزال فيها. وكل طرف يسعى إلى اختراع شعار معركته الانتخابية ليشد عصب جمهوره وبيئته. وعندما تحضر الانتخابات تغيب السياسة ويغيب العمل في نطاق المؤسسات.

ذرائع ميقاتي

ربط ميقاتي عقد جلسة حكومية بإقرار الموازنة. وفي مثل حالات الانهيار هذه، يقول المنطق إن القوى السياسية التي تشارف على خوض معارك انتخابية، تتجنب إقرار موازنات واتخاذ إجراءات مالية أو اقتصادية جديدة، من شأنها أن تنعكس سلباً على الواقع الشعبي والانتخابي، ما دام الجميع يبحث عن قرارات شعبوية.

وجاءت ميقاتي فكرة التسوية من حاجته إلى الخروج من المأزق السياسي الذي تجدد بعد خطاب نصر الله التصعيدي ضد المملكة العربية السعودية. وأرخى ردّ ميقاتي على نصرالله أجواء سلبية على الواقع السياسي. وانتهز ميقاتي الفرصة فذهب إلى رئيس الجمهورية للبحث في نقطتين أساسيتين: عقد دورة استثنائية للمجلس النيابي، مقابل البحث في صيغة لعقد جلسات لمجلس الوزراء.

وكان إقرار الموازنة ذريعة ميقاتي الوحيدة. فمثل هذا الاستحقاق لا يمكن لأي طرف أن يعرقله، لتسيير شؤون الدولة والمؤسسات، ولرصد المبلغ المطلوب لإجراء الانتخابات النيابية، إضافة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

انتهاز الفرص

واختار ميقاتي التوقيت الذي يراه مناسباً: إصرار عون على عقد جلسة للحكومة وتفعيل عملها، من دون أن يلتزم ميقاتي بمقررات يطالب بها عون، وغير قادر على تلبيتها: التعيينات القضائية والتشكيلات الديبلوماسية وتعيينات أمنية وغيرها.

رئيس مجلس النواب يحتاج في المقابل إلى عقد دورة استثنائية لمجلس النواب. وهذا ما يرفضه عون. وسارع برّي إلى جمع تواقيع النواب الذين يشكلون الأكثرية النيابية. وفي حال توفر العدد المطلوب يصبح عون مجبراً على الموافقة على الدورة الاستثنائية، ويتلقى صفعة جديدة من برّي.

وانتهز ميقاتي الفرصة وسارع إلى بعبدا محاولاً انتزاع مكسب تفعيل عمل الحكومة لإقرار الموازنة حصراً. وافق عون مبدئياً، فعبّر ميقاتي عن تفاؤله بقرب عقد جلسة حكومية. لكن هذه الأجواء سرعان ما تبددت بسبب المواقف السياسية: كل طرف غير مستعد لتقديم تنازل للطرف الآخر.

وحتى لو توفرت ظروف عقد جلسة حكومية، فلن يكون لها أثر ملموس، سوى الأثر المعنوي أو التخديري، كحقنة مورفين. أما ما دفع عون إلى الموافقة على عقد الدورة الاستثنائية، فهو قطع الطريق على القوات اللبنانية، كي لا تتحول إلى بيضة القبان، وتتمكن من الدخول في بازار سياسي شامل، فتتحول إلى الرقم الأصعب.

في انتظار الحريري

هذه الحسابات كلها تؤكد العجز التام عن تقديم أي تصور جدي وحقيقي للخروج من الأزمة. واستمرار التعطيل يدفع عون أكثر فأكثر إلى التمسك بدعوته الحوارية، للبحث عن مخارج سياسية أو تسوية جديدة للمرحلة المقبلة. وأي حوار قد يخلط الأوراق ويبعثرها.

شطر من هذه الأمور كان حاضراً في اللقاء بين الرئيسين نبيه برّي وفؤاد السنيورة، والذي تخلله بحث في شؤون السياسية والمالية والاقتصادية. وحوّل السنيورة منبر عين التينة للرد على نصرالله في تصعيده ضد السعودية، ودعا إلى تفعيل عمل المؤسسات.

وناقش الرجلان مسألة الانتخابات النيابية والوضع داخل البيئة السنّية. فبرّي يعتبر عودة الحريري إلى الساحة السياسية معركته الشخصية، كي لا تترك الساحة السنّية فارغة ومفتوحة أمام جهات متعددة.

ومن جديد يبرز انتظار القوى السياسية عودة الحريري، والقرار الذي يتخذه، وكيفية إدارته للمعركة في المرحلة المقبلة، سواء كان هو شخصياً في قلبها، أم خارج تفاصيلها.