IMLebanon

“ترسيم الحدود” والغاز المصري إلى الواجهة

كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية: 

يبحث لبنان عن أي مخرج يتيح له تجديد علاقاته الدولية. على وقع التفاوض المستمرّ في فيينا، وفيما يعمل الإيرانيون على إشاعة أجواء إيجابية يبدو من الواضح أن دول المنطقة التي تتمتع طهران بنفوذ فيها ستكون ساحات انعكاس للمزيد من الصراعات السياسية بين طهران من جهة وخصومها من جهة أخرى.

هذا التصعيد سينعكس مزيداً من الاهتزازات السياسية في لبنان، بينما يسعى المسؤولون اللبنانيون على فتح ثغرة في الجدار. كل المحاولات فشلت حتى الآن ليعود مجدداً ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية إلى الواجهة.

في الأيام المقبلة من المفترض أن يزور المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، أموس هوكشتاين، لبنان لاستكمال البحث في ملفين أساسيين، ملف ترسيم الحدود وإنجازها، وملف استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية.

في ملف ترسيم الحدود، فإن طروحات هوكشتاين واضحة جداً، وهي الوصول إلى اتفاق بالتفاوض يقضي بحصول لبنان على مساحة تزيد على 860 كلم مربعا، بشكل يحتفظ فيه لبنان بحقل قانا، مقابل احتفاظ إسرائيل بحقل كاريش.

وتتضارب المعطيات بهذا الشأن، فبعض المصادر تشير إلى أن الاتفاق منجز، لكنه ينتظر لحظة القرار السياسي بتوقيعه، وهذه اللحظة لا تأتي إلا بتوافر ظروف إقليمية ودولية تتيح ذلك، ويربط هؤلاء تلك اللحظة بمصير مفاوضات فيينا، وإذا كانت ستؤدي إلى حصول اتفاق وتقدم، فمن المفترض أن ينعكس تلقائياً على لبنان.

أما مصادر أخرى فتعتبر أن الخلافات لا تزال قائمة في الجوانب التقنية، لأن لبنان ملتزم بأكبر مساحة ممكنة، ولن يخضع للضغوط الأميركية والإسرائيلية. أما في ملف استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فإن المعلومات تؤكد أن هوكشتاين يبدي اهتماماً أساسياً بهذا الأمر، مع توفير إعفاءات للبنان ومصر والأردن من مندرجات قانون قيصر.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، خلال استقباله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن “لبنان في قلبي شخصيا وفي ضمير ووجدان مصر”، مبديا “استعداد مصر للإسهام في إيصال الغاز المصري وفق المعاهدات الموقّعة”، ومؤكدا أنه أعطى توجيهاته “لتسهيل الموضوع والإسراع في تنفيذه”.

في ملف ترسيم الحدود، ثمة أكثر من سيناريو يتم التداول به، أحدهم وبحال عدم الوصول إلى اتفاق نهائي على الترسيم، يتم الذهاب إلى اتفاق لحماية المصالح من دون أن يكون ملزماً، لكن ذلك لا يزال قيد البحث.

في المقابل، يستمر الضغط الإسرائيلي على الشركات التي فازت بمناقصات التنقيب عن النفط لعدم القيام بأي خطوة قبل الوصول إلى اتفاق نهائي حول عملية الترسيم. في هذا المجال، يعتبر لبنان أنه يستند إلى العديد من أوراق القوة لديه، لكنّ المسألة تحتاج إلى قرار سياسي واضح، فيما الانتظار لا يزال سيد الموقف.

ولا يمكن فصل هذه التطورات عن مواقف قادة حزب الله أخيراً، إضافة إلى الوقائع التي حصلت على الأرض في الجنوب اللبناني، منذ زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، إلى لبنان وتأكيده مسألتين أساسيتين، الأولى إنجاز عملية ترسيم الحدود والبدء بالتنقيب عن النفط، بما يعود على لبنان بالمزيد من الفوائد الاقتصادية والمالية، والثانية حول تثبيت عمل قوات الطوارئ الدولية وتعزيز صلاحياتها وتوسيع مهامها.

ردّ حزب الله لم يتأخر من خلال تطويق “الأهالي” لدوريات قوات اليونيفيل، في أكثر من منطقة جنوبية، وهذا مؤشر تصعيدي من قبل الحزب يربط لبنان أكثر بالتطورات الإقليمية والدولية، وذلك لا ينفصل أيضاً عن موقف نصرالله الواضح الذي دعا فيه الدولة اللبنانية إلى حماية الحقوق البحرية من أي اعتداءات أو مطامع إسرائيلية، وهذا يؤشر إلى أن نصرالله وضع السقف الذي يفترض أن تلتزم به الحكومة اللبنانية كي يكون موافقاً على عملية الترسيم، عندما تحين لحظة الاتفاق الإقليمي.