IMLebanon

المدارس الكاثوليكية: زيادات خيالية على الأقساط

كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:

نجحت إدارات مدارس خاصة تابعة بغالبيتها للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في المتن وكسروان في تحويل معركة الأقساط إلى مواجهة بين المعلمين وأهالي التلامذة. «الزودات» المفروضة خيالية وغير قانونية ومن خارج الموازنة، والعنوان «دعم رواتب المعلمين».

لا يبدو أن هناك سقفاً للزيادات على الأقساط التي تفرضها مدارس خاصة كاثوليكية، بمباركة من لجان أهل «متواطئة» وحياد سلبي من وزارة التربية أقرب إلى الدفاع عن هذه المدارس، ومن دون أي تشاور مع الأهل.

آخر البدع في «تشليح» أهالي الطلاب إنشاء «صندوق دعم مؤقت للمعلمين» يغذى بمبلغ شهري مقطوع بالدولار الأميركي نقداً عن كل طالب مسجل في المدرسة، بدءاً من هذا الشهر ولغاية أيلول المقبل، على أن تدفع 100 دولار لكل معلم نقداً كمساهمة شهرية خلال المدة نفسها، مع رفع بدل النقل إلى 65 ألف ليرة. وهذا يعني أنه ليس هناك نية لدى أيّ من هذه المدارس برفع موازنات تقشفية وتقديم حلول واقعية للأزمة، بل إلزام الأهل بدفع زيادة خيالية غير قانونية ومن خارج الموازنة المدرسية، إضافة إلى زيادة نسبة مئوية محددة ضمن القسط. هكذا فعلت مدرسة يسوع ومريم في الربوة، ومار يوسف ــــ قرنة شهوان عندما فرضتا 40 دولاراً عن كل تلميذ شهرياً لمدة 9 أشهر، والمدرسة الأنطونية الدولية ــــ الدكوانة التي حددت زيادة على الأقساط بمبلغ 550 ألف ليرة تتقاضاها شهرياً طوال 9 أشهر أيضاً مقابل زيادة على راتب كل أستاذ تبلغ مليونين و500 ألف ليرة، ما يعني أن المبالغ المفروضة غير مبررة وغير منطقية إذا كانت ستحول إلى المعلمين فحسب. فمدرسة يسوع ومريم، مثلاً، تضم 2000 تلميذ و200 معلم. بحسبة بسيطة، فإن الـ 40 دولاراً المفروضة على 2000 تلميذ على مدى 9 أشهر، تساوي 720 ألف دولار، في حين أن مساعدات 200 معلم خلال الفترة نفسها لا تتجاوز 180 ألف دولار، علماً بأن المدرسة سبق أن زادت 30 في المئة على القسط المدرسي. وفي المقابل، إذا كان لدى وليّ الأمر 3 أولاد، فيعني ذلك أنه سيدفع 120 دولاراً شهرياً، أي ما يوازي عملياً راتب شهر للموظف.

الزيادة المفاجئة في المدرسة الأنطونية «بالتنسيق مع لجنة الأهل»، كما جاء في المذكرة الإدارية للمدرسة، لاقت موجة اعتراض واسعة من الأهالي، بعدما كانت المدرسة تنوي، بخلاف القانون، استيفاء الزيادة بالدولار الأميركي، أي بفرض 350 دولاراً على كل تلميذ، ما يرفع القسط من 9 ملايين ليرة إلى 20 مليوناً. عماد حداد، أحد الأهالي المعترضين ومنسق الاعتصام أمام دير مار روكز الذي تتبع المدرسة له، قال لـ«الأخبار» إن «الإدارة حاولت جس النبض، السبت الماضي، عبر رسالة صوتية وصلتنا من سيدة عضو في لجنة الأهل، تفيد بأنها ستفرض مبلغاً بالدولار، ثم عدلت عنه بمبلغ مماثل بالليرة اللبنانية، إذا ما ضربت الـ 550 ألف ليرة بـ 9 أشهر، علماً بأن المدرسة تقاضت زيادة بنسبة 40 في المئة على القسط المدرسي».

إدارة المدرسة منعت المعترضين من دخول حرم الدير والمدرسة، مستعينة بعناصر من الجيش، لكن حداد أكد أن الأهالي «سيحررون عريضة يعلنون فيها اعتراضهم على الزيادة ويرفضون دفعها».

«لا مانع» لدى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، من أن تفرض المدرسة مبلغاً بالدولار لدعم المعلمين، «شرط أن لا يكون إلزامياً، ومقروناً بموافقة لجنة الأهل والأهل، وإذا كان هؤلاء مقتدرين، وإلا فإن فرض هذا التدبير ممنوع وغير قانوني وغير أخلاقي، ولدينا موقف حاسم في هذا المجال، والقانون يحمي المعترضين».
وعما يتردد عن أن القرار يتخذ بموافقة لجان أهل «متواطئة» مع إدارة المدرسة، يستغرب نصر «إشاعة مثل هذا الكلام، إذ إن الأهل لا يمكن أن يقفوا ضد مصلحتهم ومصلحة أبنائهم. ولنفترض أن هناك 5 أعضاء متواطئين، ماذا عن العشرة الباقين؟». وقال: «هذا الكلام قد ينطبق على سنوات ما قبل الأزمة، اليوم ليس من السهولة أن تسيّر الإدارة لجنة الأهل، فالجميع بات واعياً لحقوقه ومسؤولياته، وما حدا عايش عالغميضة».
لكن المدارس، ومعظمها كاثوليكية، تفرض المساعدة على الأهل الذين يتحدثون عن أرقام كبيرة ستستوفيها، وتفيض عن دعم المعلمين، فأين سيذهب هذا الفائض؟ يجيب نصر: «من قال ذلك، نريد أرقاماً علمية وليس تخمينات وتقديرات وتأويلات، وخلال الأشهر الأربعة الماضية سجلت المدارس أرقاماً مهولة تتعلق بمصاريف المحروقات، فإحدى المدارس، مثلاً، تدفع 800 دولار يومياً».

رئيس نقابة المعلمين، رودولف عبود، نفى أن تكون الإدارات قد وضعت المعلمين في مواجهة الأهل، فـ«الإدارات المدرسية هي التي أجرت المفاوضات مع لجان الأهل، وليس المعلمين». إلا أن عبود أشار إلى أنه «ليس للمعلم أن يطلب فريش دولار، والنقابة لا تغطيه، وأيّ تدبير من هذا القبيل يكون على مسؤوليته الخاصة». وأكد من جهة أحرى أن إضراب المعلمين لا يزال مستمراً في عدد من المدارس الكاثوليكية في المتن التي لم يحصل فيها المعلمون على حقوقهم، ومدرسة إنجيلية واحدة في الرابية.