IMLebanon

ما جديد ملفّ ترسيم الحدود البحريّة؟

جاء في “العرب” اللندنية:

يُؤدي الموفد الأميركي المكلف بالوساطة في ملف ترسيم الحدود البحرية بين ‏لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين زيارة إلى بيروت مطلع الشهر المقبل في محاولة للدفع نحو استئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وقال مصدر مقرب من رئاسة الحكومة اللبنانية إن هوكشتاين الذي زار لبنان في العشرين من تشرين الاول 2021 وأعلن حينها استعداد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمساعدة لبنان وإسرائيل على إيجاد حل لمسألة ترسيم الحدود البحرية بينهما سيزور بيروت في شباط المقبل.

وأضاف المصدر أن زيارة هوكشتاين كانت مقررة منتصف كانون الثاني الجاري، إلا أنها تأجلت بفعل تفشي فايروس كورونا والإجراءات التي تتخذها السلطات الأميركية في هذا الصدد.

تأتي زيارة هوكشتاين في محاولة لإعادة تحريك المفاوضات المجمدة بين الطرفين منذ أيار 2021، بعد عقد أربع جلسات محادثات برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية، دون أن يتم التوصل إلى اتفاق.

وتبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 860 كيلومترا مربعا بحسب الخرائط البحرية الحدودية المودعة من جانب لبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وتعد تلك المنطقة غنية بالنفط والغاز.

لكن الوفد اللبناني المفاوض يقول إن المساحة المتنازع عليها هي 2290 كيلومترا مربعا، بعدما قدم خلال إحدى جلسات المحادثات خارطة جديدة تدفع باتجاه 1430 كيلومترا مربعا إضافية للبنان، وتشير إلى أن حدوده هي خط 29 وليس 23، وهذا ما ترفضه إسرائيل.

ورجّح المحلل السياسي توفيق شومان أن “تدفع زيارة المبعوث الأميركي المقبلة نحو إعادة تحريك المفاوضات على قاعدة أن لبنان سيضمن مساحة 860 كيلومترا مربعا التي يطالب بها وفق الخرائط المودعة لدى الأمم المتحدة”.

وأوضح شومان أن “ذلك يعني وفق التسريبات والمعطيات المتداولة أن لبنان يكون بذلك تراجع عن الخط 29 (الذي يجعل المنطقة المتنازع عليها تبلغ 2290 كيلومترا مربعا)، لكن إلى الآن لا يوجد أي إعلان رسمي لبناني حول ذلك”.

وقال إنه “من الواضح أن الولايات المتحدة عن طريق وسيطها هوكشتاين ستعمل على تفعيل المفاوضات”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “الزيارة تهدف أيضا إلى معرفة موقف لبنان النهائي بهذا الشأن”.

لكن شومان استبعد الوصول إلى نتائج سريعة في هذا السياق نظرا إلى المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان، خصوصاً أن البلاد على أعتاب الانتخابات النيابية وما قد تحمله من متغيرات.

مساحة المنطقة المتنازع عليها تبلغ 860 كيلومترا مربعا بحسب الخرائط البحرية الحدودية المودعة من جانب لبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة

في ظل الحديث عن استئناف المحادثات تشير عدة مصادر إلى تشبث لبنان بالخط 29 حدودا له، طالما أن الجانب الإسرائيلي متمسك بالخط رقم 1 حدودا لإسرائيل.

وتوضح تلك المصادر أنه “طالما أن الجانب الآخر (إسرائيل) متمسك بالخط رقم 1 ويعتبر المنطقة المتنازع عليها تابعة له ويمنع العمل أو التنقيب فيها، فإن هذا يناقض كل المعلومات عن قرب التوصل إلى حل”، مضيفة أنه “ربما سيطرح الوسيط الأميركي خطّ وسطِِ بين هذين الخطين”.

وفضلاً عن الحاجة إلى الطاقة، يأمل لبنان في استخراج ثروته النفطية وجذب استثمارات أجنبية، إذ يعاني منذ أكثر من سنتين من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه أدت إلى انهيار مالي وفقدان الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

وفي إطار المساعي الأميركية المرتقبة، لفت شومان إلى وجود طرح آخر لحل الأزمة الحدودية قد تكون إحدى الشركات الإماراتية طرفا فيه، حيث ينص على أنه في حال استمر تعثر المفاوضات، قد تلعب الإمارات دورا إيجابيا بإحدى شركاتها من خلال استخراج الغاز قبالة سواحل لبنان وإسرائيل، على أن يجري تقسيم العائدات بين بيروت وتل أبيب.

وأشار شومان إلى أن هذا الطرح هو واحد من بين عدة عناصر لخارطة الطريق التي يعمل عليها المبعوث هوكشتاين لحل مسألة النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل.

وهكذا يكون الملف أمام خطين متوازيين للحلّ: واحد من خلال ترسيم الحدود، وآخر عن طريق دور للإمارات بالتنقيب والاستخراج والبيع، دون حسم أي من الخيارين حتى الآن، وفق شومان.

الموفد الأميركي المكلف بالوساطة في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين يزور بيروت مطلع شباط في محاولة لاستئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية

وفي كانون الاول الماضي زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لبنان وأعلن من بيروت أنّ “الأمم المتحدة ستبذل قصارى جهدها للتوصّل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية”.

وخلال استقباله لغوتيريش أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن بلاده متمسكة بحقوقها “الكاملة” في استثمار ثرواتها الطبيعية، لاسيما الغاز والنفط، وأنها مستعدة لمتابعة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية.

وتأتي زيارة المبعوث الأميركي المرتقبة إلى لبنان عقب إعلان واشنطن استثناء لبنان من عقوبات “قانون قيصر” تسهيلاً لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن مرورا بالأراضي السورية.

وكان وزراء الطاقة والنفط في لبنان والأردن ومصر وسوريا اتفقوا مطلع أيلول الماضي على “خارطة طريق” لإمداد لبنان بالكهرباء لحل أزمة طاقة يعاني منها منذ شهور.

في ظل الحديث عن استئناف المحادثات تشير عدة مصادر إلى تشبث لبنان بالخط 29 حدودا له، طالما أن الجانب الإسرائيلي متمسك بالخط رقم 1 حدودا لإسرائيل

وفي الثالث عشر من كانون الثاني الجاري أعلن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب أن المسؤولين الأميركيين جددوا التأكيد على دعمهم لاستجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان، مضيفاً أن “الأميركيين أبلغوه استثناء لبنان من القيود التي يضعها قانون قيصر (عقوبات تفرضها واشنطن على النظام السوري)، حيث تم ذلك بواسطة المسؤولين المصريين”.

وتعد أزمة الطاقة والوقود إحدى أبرز تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ أواخر 2019، وتنعكس انقطاعا في التيار الكهربائي عن المنازل والمؤسسات لساعات طويلة يوميا.