IMLebanon

النقاش حول الكهرباء: مشاهد DEJA VU… لحرق المليارات!

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

تأجّل النقاش في مجلس الوزراء حول ملف الكهرباء، من باب طلب سلفة خزينة للقطاع ورد ضمن مشروع الموازنة العامة، إلى اليوم، وسط سجال قديم – جديد بين مكونات مجلس الوزراء حول مصير هذه السلفة (5250 مليار ليرة) والتي ستُحرق ملياراتها، كما أحرقت عشرات المليارات قبلها وعلى مدى عقود من الزمن، في شراء الفيول اويل، الذي يعرف الجميع، بمن فيهم الجالسون الى طاولة مجلس الوزراء، بأنّه «أوقح» مزراب للفساد، وأكثره «كرماً».

بالأمس أيضاً، تجدد النقاش العقيم ذاته والذي خيّم لسنوات، فوق جلسات مجلس الوزراء المتعاقبة، وتحديداً في كل مرة كان يطلب فيها وزير الطاقة سلفة خزينة لتغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان، التي صارت مضرب مثلٍ لفشل الإدارة العامة ولتشريع الهدر.

حاول وزير الطاقة وليد فياض كما أعلن وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي، شرح أسباب الحاجة إلى السلفة بربطها بالخطة التي عرضها على مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنّها «بمثابة دعم مالي في السنة الأولى لتنفيذ خطة اصلاح القطاع بالتوازي مع تنفيذ بنود هذه الخطة الاصلاحية التي تشمل زيادة التغذية، تقليص الهدر في الشبكة، رفع التعرفة بما يسمح بتغطية الجزء الأكبر من الكلفة في مرحلة أولى، وبما يقلّص من قيمة فاتورة الكهرباء على المواطنين وكامل الكلفة في مرحلة لاحقة، زيادة الطاقة الانتاجية بمشاركة القطاع الخاص واعتماد نموذج أكثر كفاءة لقطاع توزيع الطاقة بمشاركة القطاع الخاص أيضاً، والتغييرات التشريعية والتنظيمية».

ولكن شرح الوزير المعني لم يسعفه في اقناع الحاضرين بجدوى تلك السلفة، خصوصاً وأنّه لا ضمانات جديّة تثبت بأنّ المساعدة المطلوبة لن تكرّ وراءها سلفات مماثلة، فخرج عدد من الوزراء من الجلسة، كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بانطباع سلبي: إنّها النغمة ذاتها التي تُردد منذ سنوات… خطّة نظرية مرسومة على الورق، تهدف فقط الى خطف سلفة مالية، ستُصرف هدراً، في استمرار للنهج السابق الذي أرهق الخزينة العامة وفوّت على القطاع كل الفرص الإصلاحية. أمّا التنفيذ فمتروك لقدر اللبنانيين مع العتمة!

ولهذا، لم يبلع بعض الوزراء اقرار تلك السلفة، وتقرر تأجيل البتّ فيها لليوم، بعد اقتراح رئيس الحكومة ربط صرفها بالخطوات الإصلاحية الواردة في الخطّة التي عرضها وزير الطاقة، ما يعني أنّ مؤسسة كهرباء لبنان لن تتمكن من الاستفادة من أي مساعدة مالية إلا بعد العودة من جديد إلى مجلس الوزراء لاقرار الدفعة بعد التأكد من أنّ بعض الخطوات الاصلاحية قد وجدت طريقها للتنفيذ.

وقد أعلن وزير الاعلام بالوكالة بعد الجلسة أنّه «تقرر أن تلحق الكلفة بالموازنة على أن يرتبط الانفاق فيها على ضوء اقرار الخطة أولاً، ومن ثم على ضوء تنفيذ الخطوات الاصلاحية المشار إليها»، وكذلك دراسة رفع التعرفة لعرضها على مجلس الوزراء.

وبموازاة السلفة، شهد مجلس الوزراء نقاشاً حول تعرفة الكهرباء، والتي هي جزء من الهدر المقونن الذي يخنق مؤسسة كهرباء لبنان. منذ العام 1994، تمّ تثبيت تعرفة مؤسسة كهرباء لبنان عند شطور تبدأ من 138 ليرة للكيلوواط/ ساعة، يوم كان ثمن برميل النفط يقارب عشرين دولاراً. ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت أسعار النفط عالمياً على مراحل، وصولاً إلى مستويات تتجاوز 80 دولاراً للبرميل، أي نحو أربع مرّات ثمن البرميل سنة 1994، من دون أن يتمّ تبديل هذه التعرفة على الرغم من ارتفاع كلفة المحروقات المستخدمة في المعامل. ومع حصول الانهيار المالي وتدهور قيمة الليرة، انخفضت قيمة التعرفة بالدولار النقدي إلى ما دون سنت واحد، بعدما كانت تتجاوز تسعة سنتات سابقاً.

ولهذا، يقول مصدر حكومي إنّ كلفة قطاع الكهرباء للعام 2022 تبلغ حوالى مليار دولار، بين مواد أولية من فيول اويل وغاز اويل وصيانة وتشغيل، اذا ما افترضنا أنّ البنك الدولي وافق على مساعدة لبنان بإقراضه حوالى 270 مليون دولار تدفع على مراحل مربوطة بسلّة الشروط. ويضيف أنّه في حال قرر مجلس الوزراء رفع التعرفة، فإنّ هذه الكلفة قد تنخفض إلى 300 مليون دولار، ما يعني أنّ الجباية قد تؤمن حوالى 700 مليون دولار. أمّا اذا رفض مجلس الوزراء رفع التعرفة فسيكون ملزماً بتأمين السلفة، وإلا لا كهرباء.