IMLebanon

مرضى السرطان يئنون: “المستشفيات تبتزّنا”

كتب جوني فخري في “العربية”:

“شو بدّي خبّرك. الوضع مأساوي جداً علينا. لا العلاج الكيميائي نستطيع دفع كلفته، لأن سعره بات خيالياً نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ولا الدواء متوفّر في الأسواق. والله هيدي مش عيشة طبيعية”.

بهذه الكلمات التي خرقها السعال بشكل دائم، روى حكمت العرم لـ”العربية.نت” معاناته مع مرض سرطان الرئة الذي أُصيب به منذ قرابة السنتين، في ظل الصعوبة في تأمين العلاج الكيميائي بسبب ارتفاع سعره نتيجة تدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، والدواء الذي بات سلعة “نادرة” في الأسواق.

إلا أن حكمت ليس وحده، فهو واحد من عشرات آلاف مرضى السرطان في لبنان الذين يعانون من تبعات الأزمة الاقتصادية القائمة، حيث يعجزون عن الحصول على العلاجات اللازمة وتأمين الأدوية الضرورية التي ورغم استمرار الدعم الرسمي لتوفيرها، فإنها غير متوفرة في الأسواق بكميات كافية.

ومع أن العرم (48 عاماً)، الاب لثلاثة أولاد، لديه جهة ضامنة ما زالت حتى الان تُغطّي جزءاً لا بأس به من نفقات علاجه، إلا أن عجزه عن العمل بسبب تراجع وضعه الصحي حال دون قدرته على تأمين الجزء الاخر من العلاج ودفع كلفة الأدوية، وهو ما دفعه إلى اللجوء لجمعيات خاصة تهتم بمرضى السرطان طلباً للمساعدة.

وقال “تعبت من النزول إلى بيروت من أجل تأمين كلفة العلاج. لم أترك مؤسسة خاصة إلا وطرقت بابها، ومع كل شهر تأخير عن موعد العلاج الكيميائي والتخلّف عن أخذ الدواء بشكل مُنتظم، كان المرض يتمدد وينتشر أكثر”.

وبالإضافة إلى الكلفة الباهظة للعلاج الكيميائي وللدواء (إذا توفّر)، تشمل “رحلة العذاب” لمريض السرطان في لبنان ارتفاع أسعار الفحوصات الدورية التي يتوجّب على المريض إجراءها من أجل مراقبة تطور حالته.

فقد شدد العرم على أن مرضى السرطان في البلاد “يقاومون على جبهتين، الأولى ضد مرضٍ قُدّر لخارج إرادتهم، والثانية ضد تقاعس الدولة عن تحمّل مسؤوليتها تجاه المرضى”.

كما تساءل “أين وزير الصحة مما يحصل معنا؟ لماذا لم يتحرّك منذ أن تولّى منصبه؟ ألم يكن الأجدى به أن يرفض الجلوس على طاولة مجلس الوزراء قبل تأمين الدعم الرسمي لأدوية السرطان”؟ وتابع “حاولت التواصل مع وزير الصحة فراس الأبيض لكنه لم يردّ على رسائلي. “يا عيب الشوم. صرلي أكثر من شهر بلا دوا”. وضعي الاقتصادي لا يسمح لي بشرائه بشكل مستمر من تركيا، كما أن كلفة الفحوصات الدورية المُلزمة أصبحت باهظة جداً. فكيف سنقاوم المرض”؟

ويصارع العرم السرطان بلا دواء يخفف أوجاعه، على الرغم من أنه استطاع في الشهرين السابقين تأمين شرائه من تركيا بكلفة 1500 دولار (نحو 30 مليون ليرة)، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لبلد انهارت عملته وبات الدولار الواحد يساوي نحو 21 ألف ليرة في السوق السوداء.

من جهته، قال هاني نصّار، رئيس جمعية “بربارة نصّار” لمرضى السرطان لـ”العربية.نت” ” هناك 445 دواء لمرضى السرطان لا يتوفّر منها في لبنان سوى العشرات، وهذا إجرام بحق المرضى، إذ لا يجوز التعاطي بخفّة مع مسألة تأمينهم وإنما يجب وضع ميزانية ثابتة لذلك من قبل مصرف لبنان، لأن علاج مريض السرطان دائم”.

كما لفت إلى “أن معاناة مرضى السرطان مضاعفة، فهم من جهة لا يستطيعون تأمين كلفة العلاج والدواء اللازم، ومن جهة أخرى مشكلة الفواتير مع المستشفيات، حيث تلجأ بعضها إلى “ابتزاز” المرضى وطلب مبالغ خيالية للدواء في حال توفّر عندها”.

أبدورها، أكدت الدكتورة إيمان الشنقيطلي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان لـ”العربية.نت” “أن الوضع النفسي لمرضى السرطان في لبنان سيّئ جداً نتيجة الصعوبات التي يواجهونها من أجل تأمين الدواء والعلاج، في وقت تعاني السلطات الصحية صعوبةً بتأمين التمويل لتغطية دعمها”.

وكما أوضحت “أن المنظمة تواجه تحديَ تأمينِ الرعاية النفسية لمرضى السرطان سواء في لبنان أو العالم أجمع نتيجة إنتشار جائحة كورونا”.

إلى ذلك، أشار إلى أن المنظمة قدّمت الشهر الماضي الأدوية لنحو 600 طفل مصابين بالسرطان، لكنها أكدت أن هذا غير كافٍ.

كما أضافت “أن الحلّ المستدام للأزمة التي يواجهها مرضى السرطان في البلاد يحتاج إلى تأمين الدعم الدائم لعلاجه”، مشيرة إلى أن المنظمة العالمية تحاول مساعدة الحكومة اللبنانية في هذا المجال، لكنها لفتت إلى أنها لا يجب أن تكون الحلّ البديل للأزمة القائمة.

يذكر أن أدوية الأمراض المُزمنة كالسكري والضغط وأدوية القلب وأدوية الأمراض السرطانية، لا تزال مدعومة رسمياً من الدولة، لكنها غير متوفرة نهائياً في الصيدليات.

فيما يحاول اللبنانيون توفيرها إما من قبل أقاربهم وأصدقائهم في الخارج، أو شرائها من تركيا والأردن أو يتبادلون ويتقاسمون ما توفّر من الجرعات والحبوب منها.