IMLebanon

ثلاثة أهداف إسرائيلية من “الترسيم” مع لبنان

جاء في “العرب” اللندنية:

ثمّة ثلاثة أهداف تتوخاها إسرائيل من اتفاق محتمل حول الحدود المائية مع لبنان، غير أن فُرص هذا الاتفاق لن تكون ممكنة دون التدخل الأميركي الفاعل.

وتريد إسرائيل كسب الشرعية من البلدان في محيطها، ومن ناحية ثانية تعتقد أن تحسّن الاقتصاد اللبناني من شأنه أن يضعف حزب الله، فضلا عن استفادتها اقتصاديا من هذا الاتفاق.

وكانت وسائل إعلام عبرية قد تحدثت الأسبوع الماضي عن اتفاق وشيك بين لبنان وإسرائيل، إثر وساطة الموفد الأميركي الخاص بملف ترسيم الحدود البحرية بينهما، عاموس هوكشتاين.

ونقلت صحيفة هآرتس العبرية الخميس الماضي عن مسؤولين كبار في المنظومة الأمنية اعتقادهم بأن “الطريق بات ممهدا” لتوقيع اتفاق بحري بين إسرائيل ولبنان بوساطة الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة إن هذا الاعتقاد السائد لدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية يأتي بعد رسالة نقلها المبعوث الأميركي هوكشتاين إلى تل أبيب في الأيام الأخيرة، مفادها أن زعيم حزب الله حسن نصرالله أعطى موافقته للحكومة اللبنانية على التقدم في المفاوضات.

محمد مجادلة: إسرائيل تريد الاستفادة اقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا

وبين لبنان وإسرائيل منطقة متنازع عليها تبلغ مساحتها 860 كلم مربع، بحسب الخرائط المودعة من جانب لبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وتعد هذه المنطقة غنية بالنفط والغاز.

ويرى محمد مجادلة، المحلل في قناة 12 الإسرائيلية، أن تل أبيب تريد من وراء الاتفاق مع لبنان تحقيق هدفين، الأول استراتيجي ويتمثل في محاولة الدولة العبرية كسب الشرعية في محيطها العربي عبر “أي شيء سواء التطبيع أو اتفاقيات سلام أو اتفاقيات اقتصادية، باعتبار أن ذلك يحقق مصلحة استراتيجية لإسرائيل على المدى البعيد”.

ويضيف مجادلة “الهدف الثاني هو أن إسرائيل تريد إلى حد ما أن تتوصل إلى اتفاقيات مع لبنان، تعتقد أنها تساعد في استقرار الوضع الداخلي اللبناني، وذلك لأنها تخشى انفجار الأوضاع الداخلية في لبنان لأن من شأن شظاياه أن تصل إلى إسرائيل، حسب التقديرات الإسرائيلية، أو يساعد بعض الجهات في لبنان مثل حزب الله”.

وتابع “التقديرات في إسرائيل هي أن حزب الله سيحاول الهروب من الأزمة الداخلية في لبنان، باختلاق أزمة خارجية مثل حرب مع إسرائيل، ولذلك فهي تحاول التوصل إلى اتفاقيات ظنا منها أن ذلك سيساهم في الاستقرار الداخلي في لبنان”.

ومنذ عامين يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح الوقود والأدوية وفقدان قدرتهم الشرائية.

وكانت قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار مستقرة طوال أكثر من ربع قرن عند حدود 1510 ليرات، إلا أنها اهتزت للمرة الأولى في ديسمبر 2019، وبدأت تتدهور تدريجيا حتى وصلت إلى 33 ألف ليرة.

وفي مطلع تموز الماضي وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها “الأكثر حدة والأكثر قسوة في العالم”، وصنفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.

ولفت مجادلة إلى العوائد المالية التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من الاتفاقيات المتعلقة بالحدود المائية.

وقال “هناك نقاش محتدم في إسرائيل حول كل ما يتعلق بالحدود المائية الإسرائيلية وبثروة الطاقة عموما، ولذلك تحاول إسرائيل التوصل قدر الإمكان إلى اتفاقيات تكون في مصلحتها”.

وأشار مجادلة إلى أن “الإدارة الأميركية فاعلة جدا في هذا الموضوع، وهذا يساعد إسرائيل التي ترى فيه فرصة من الممكن ألا تتكرر مستقبلا”.

وأوصى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، الحكومة بـ”إظهار المرونة في مناقشة الحدود البحرية مع لبنان”.

واعتبر المعهد في تقريره السنوي الذي أُعلن في شباط الجاري أن من مصلحة إسرائيل “عدم انهيار لبنان”.

وقال المعهد في تقريره “كان التطور الرئيسي في لبنان عام 2021 هو الانهيار الداخلي السريع المستمر للبلاد، ولاسيما الانهيار الكامل لنظامه الاقتصادي والمالي، والشلل المستمر لنظامه السياسي والبنية التحتية المعطلة خاصة في مجالات الكهرباء والطاقة والرعاية الصحية والغذاء والمياه”.

وأضاف “سكان لبنان بلا حول ولا قوة ولا أمل في الأفق؛ أكثر من ثلاثة أرباع السكان يعيشون تحت خط الفقر”.

وفي المقابل قال المعهد إن حزب الله “يحافظ على مكانته ونفوذه الرئيسي في عملية صنع القرار في لبنان، ويشير البعض إلى الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها في أيلول على أنها ‘حكومة حزب الله’، لأنه يؤثر أو يشل قراراتها حسب مصالحه”.

وأضاف “يواصل حزب الله جهوده لبناء قواته العسكرية بمساعدة إيران، لاسيما استمرار مشروع الصواريخ الدقيقة وشراء أنظمة دفاع جوي، مع محاولة الحفاظ على معادلة الردع مع الجيش الإسرائيلي. في الوقت نفسه من الواضح أن الأزمة في لبنان وانتقاد حزب الله في أرضه يشكلان عاملاً مقيدًا لنشاطه ضد إسرائيل”.

وتابع معهد دراسات الأمن القومي “بالنسبة إلى إسرائيل تُشكل الأزمة في لبنان معضلة: هل من الممكن مساعدة السكان في لبنان على تخفيف محنتهم دون تعزيز حزب الله بشكل غير مباشر؟ وكيف يتم ذلك؟ وكيف يمنع استيلاء حزب الله وإيران بشكل مطلق على الدولة اللبنانية؟”.

كما تساءل المعهد عمّا إذا كان يتعين على إسرائيل “تغيير طريقة عملها ضد حزب الله” عسكريا، في حال قررت “في ظل أي ظروف (مستقبلية) مهاجمة مشروع الصواريخ الدقيقة” للحزب في لبنان مباشرة.

ويرى آفي يسسخاروف، المحلل في صحيفة معاريف، أن إسرائيل تعتقد أنها سوف تستفيد اقتصاديا من الاتفاق، وبشكل خاص ما تعلق منه باستخراج الغاز من المنطقة المائية.

ويقول يسسخاروف “من المعروف أن ما يهم إسرائيل بعد الأمن هو الاقتصاد”.

وأضاف “قد يكون من شأن هذا الاتفاق فتح آفاق اقتصادية لإسرائيل مع جيرانها، بما في ذلك لبنان، وهذا أمر ترحب به إسرائيل”.