IMLebanon

“شيعة السفارة… السورية”

كتب جان الفغالي في “نداء الوطن”:

ابتكرت الممانعة منذ وقتٍ طويل مصطلح «شيعة السفارة»، والمقصود السفارة الأميركية، في «تلطيش» للشيعة لمَن هُم خارج ولاء واصطفاف «حزب الله» وحركة أمل. فكل مَن هو خارج الثنائي هو من «شيعة السفارة»: من الشهيد لقمان سليم إلى السيد علي الأمين إلى إعلاميين وناشطين اجتماعيين.

ومَن يُصنَّف من «شيعة السفارة»، كأنه أُهدِر دمه، وتكون النتيجة، إمّا انكفاء وإمّا مواجهة.

في الفترة الأخيرة، ومع الدخول في الإستحقاق الانتخابي، ظهر أن هناك «شيعة السفارة»، ليس الأميركية، بل السورية، فما حصل ويحصل بين النائب اللواء جميل السيد والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، الإعلامي علي حجازي، يثبت أن هناك «شيعة للسفارة السورية»، حيث ضجّت وسائل الإعلام بدورٍ للسفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم علي، بإيعازٍ مباشر من دمشق، وتحديداً من اللواء علي مملوك، مدير مكتب الأمن الوطني السوري، وبثينة شعبان، المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد.

من النادر أن يكون هناك «صراع أجهزة» أو «صراع مستشارين» في سوريا، على ما يُعرَف بالملف اللبناني، فحين يصل الملف إلى مكتب «سيادة الرئيس»، ينتفي أي صراع، لكن ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً، أن الملف هذه المرة يرتبط بشخصيتين مثيرتيْن للجدل، فاللواء جميل السيد تولَّى أدواراً ومسؤوليات خلال حقبة الوصاية السورية من العام 1990 إلى العام 2005، وبعض هذه الأدوار ما زال يلفّه الغموض ويدخل في نطاق «أسرار الدولة» التي لم يحن الوقت لإماطة اللثام عنها.

والأمين الجديد لحزب البعث الاشتراكي علي حجازي، تراهن عليه القيادة السورية لضخ دمٍ جديد في عروق الحزب.

هنا تكمن «دقة الاختيار» لدى القيادة السورية بين شخصية أدَّت قسطَها، وهي في طريق الأفول، أي اللواء جميل السيد، وبين شخصية دخلت المعترك السياسي حديثاً ويعوَّل عليها لضخ دمٍ جديد في فرع البعث في لبنان والذي أصيب بالترهّل. وإن كانت المعطيات تؤشر إلى أن القيادة السورية زكَّت اللواء السيد باعتبار أن علي حجازي «مستقبله أمامه ويستطيع أن ينتظر أربع سنوات».

خبر تدخل السفارة السورية في لبنان في اختيار مَن يملأ أحد المقاعد الشيعية في دائرة بعلبك الهرمل، يمرّ في أوساط الممانعة من دون أن يخدش الكرامات والمقاومة وكأنه من باب تحصيل الحاصل أن تتدخل السفارة السورية في لبنان، ولو أن خبراً مشابهاً طاول السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، أنه زكَّى أو استقبل أحد المرشحين للإنتخابات النيابية، لكان سال لعاب الممانعين، وسالت أقلامهم «رفضاً للتدخل السعودي في الشؤون اللبنانية».

لم يَعنِ الممانعة أن حجازي يزكِّيه اللواء علي المملوك، واللواء السيد تذكّيه بثينة شعبان.

رحِم الله فيلمون وهبي وعبارته الشهيرة:

«الفرفور ذنبه مغفور».