IMLebanon

تحديات الحكومة الباقية: الانتخابات والتفاهم مع صندوق النقد

كتبت كارول سلوم في “اللواء”:

قد يسأل أحدهم: لماذا تحدث رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي عن الاستقالة وعاد وأكد بقاء حكومته إلى حين حلول موعد الانتخابات . هل أنه كان جدياً في طرح الأمر على بساط البحث ام انه تقصد رمي هذا الكلام لبعث رسالة ما؟ الأمر جائز . لكن من يتابع مجريات الأحداث يدرك جيدا أن اي قرار بالاستقالة بعيد كل البعد عن التحقيق ، فالرئيس ميقاتي وعلى الرغم من ادراكه الحدود القصوى التي تصل إليه حكومته في ما خص المعالجات الاجتماعية والاقتصادية، وصلت إليه إشارات إيجابية من الخارج عن أدائه وقدرته على التحرك وليس بعيدا عن ذلك خطوته في اتجاه دول الخليج وما قد يسجل بعدها من رد إيجابي مع العلم أن المواقف العربية الأخيرة مشجعة. وبغض النظر عن قصر الحلول التي تخرج عن الحكومة، فإن لا أصوات شعبية أو سياسية عارمة، تدعو إلى استقالتها. وهذه إيجابية يعوِّل عليها رئيس مجلس الوزراء الذي لن يخرج من حكومته دون إنجاز ما حتى أن ملف الانتخابات المتأرجح بين واقعية حصوله والتأجيل لسبب ما، يحاول الرئيس ميقاتي بث مناخ يعزز فيه أهمية إجرائه مهما كلف الأمر .. عن أي استقالة يتحدث اذا. الصفحة طويت وكأن الأمر كان عبارة عن فورة غضب ، فهل توجه بها إلى فريق ما؟ وهل أن ملف الكابيتال كونترول كان السبب ام ما هو خفي؟

إذا كان الأمر متصلا بتباعد الأفكار بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبينه ، فذاك ليس بسبب قوي إلى التلميح بالاستقالة أو المطالبة بطرحها، إلا اذا كان في المسألة ما هو أبعد من ذلك، أي الملفات التي تدرج على جدول الأعمال وتمسك كل واحد منهما برأي لجهة فرض ملف من بينها التعيينات والتشكيلات الديبلوماسية. لكن مصادر سياسية مطلعة تنفي ذلك وتقول أن ميقاتي توجه بكلامه في مجلس الوزراء أول من أمس إلى من يقوم بحملات على الحكومة لأهداف إنتخابية تحريضية وتعتبر أن الرئيس ميقاتي وحتى هذه اللحظة يحافظ على ما يقتضيه الدستور لجهة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. وأي تباين سواء كان صغيرا أو كبيرا لا يمكث لأيام ، وهناك نوع من اتفاق ضمني بينهما يحصل إما لتأجيل قضية أو بحثها في توقيت متفاهم عليه أيضا، وترى أنه في معظم اللقاءات لم ترد عبارة الاستقالة على لسان ميقاتي، وفي المقابل ثمة من يرى أن ميقاتي يناور ويريد فرض شروطه.

بالطبع لم يستشر ميقاتي أحدا وفي الأصل سحب الموضوع، وفق ما تؤكد هذه المصادر التي تشير إلى أن إمكانية طرحه الموضوع يتوقف على أحداث أو ضغوطات كبرى تواجهه، وحتى الآن الكل مشغول بالتحضير للإنتخابات النيابية والمعارك التي تنتظر هذا الاستحقاق. حتى أن رئيس مجلس الوزراء يعرف انعكاسات ما يجري على صعيد التحركات الخارجية على لبنان ، ويظبط إيقاع حكومته وفق ذلك.

وتوضح أن إقرار الكابيتال كونترول أراح الرئيس ميقاتي من ناحية مطلب صندوق النقد الدولي وقبل ذلك الموازنة، لكن هناك بعض النقاط التي تعد محرمات وقد لا يصار إلى التطرق إليها ونقاط أخرى لن تكون مقاربتها سهلة كهيكلة المصارف ورفع السرية المصرفية .وتؤكد المصادر أن الخطوات الإصلاحية الأخرى تنتظر أن تحظى بغطاء وزاري ونيابي، وليس معروفا ما إذا كان موضوع وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية أو الكابيتال كونترول هو الوحيد الذي تفرج عنه الحكومة التي لم يتبقَّ من عمرها إلا القليل .

وتشير إلى أن شهر نيسان والذي يعد شهر الأعياد لدى الطائفة المسيحية بالتقويمين الغربي والشرقي هو شهر مفصلي لها قبل الدخول في فلك الاستحقاق الانتخابي، وهناك جلسات مكثفة لها قبل اعتبارها مستقيلة دستورياً!

وتفيد أن ميقاتي سيسر إذا وقعت مذكرة التفاهم مع صندوق النقد قبل رحيل حكومته وسيسر اكثر في حال نجحت حكومته في مواكبة تطورات متسارعة يشهدها البلد ووضع أسس تفادياً لأي إشكالات متوقعة. وهذه مسألة ليست واضحة. وتؤكد أن رئيس مجلس الوزراء لا يريد الدخول في مواجهات مع أحد وأي موقف أراد إيصاله لن يجد صعوبة في ذلك سواء في خطاب أو كلام داخل اجتماع مجلس الوزراء أو حتى في أي مناسبة.وهناك توقعات أن تتعرض الحكومة إلى المزيد من الانتقادات كلما اقترب الملف الانتخابي من موعده. وتوضح هذه المصادر أن رئيس الجمهورية لم يقصد الرئيس ميقاتي بتاتا عندما تحدث عن أنه لا يجوز التفرد عند طرح أي قضية طالما أن كل مبادرة ستكون بالنتيجة امام مجلس الوزراء لمناقشتها ثم مجلس النواب اذا اقتضى الأمر ذلك.

الحكومة باقية ولا استقالة> لكن هل تنفجر أمامها أزمة غير محسوب لها؟