IMLebanon

“الحزب” يستثمر بالمقاطعة وحجز الهويات

كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:

بعد انتهاء المهل القانونية لانسحاب المرشحين وتشكيل اللوائح، ما زال شكل الصورة العامة التقريبي تسوده الضبابية، مفتقداً الحماسة المعهودة، التي تتفاوت بين البرودة في القرى ذات الغالبية السنية، وفي مدينة زحلة، وذهاب بعض الناشطين للمقاطعة، وبين الحماوة في القرى الشيعية بتسعير خطاب «حزب الله» الطائفي والتخويني بغية شد العصب حوله وتحفيز الناس للاقتراع، ما يطرح سؤالاً عمّا اذا كان هذا «الفتور» تعبيراً اعتراضياً قد يظهر في صناديق الإقتراع مفاجآت ربما تغير كل التقديرات؟

فما يحصل حالياً في دائرة زحلة والبقاع الأوسط يتصف بالفتور مقارنة بالإستحقاقات السابقة، بعدما كانت تشهد حماوة وازدحاماً ونشاطا، ما يدعو الى التفسير أن «البرودة» الشعبية في البقاع ناجمة عن رؤية البعض الواقعية بأن لا تبديل في المشهد السياسي العام بعد ازمة ضربت أسس البنيان اللبناني وادخلت اللبنانيين على اختلاف مشاربهم وطوائفهم الى جهنم وبئس الانهيار.

قتامة مشهد اجواء «عاصمة البقاع»، تختلف اليوم كلياً عما كانت عليه في مثل هذه الأيام عندما كانت تصبح «محجة» المرشحين واللوائح لعرض برامجهم، لولا ان «عجقة» القواتيين لكان غاب فعلياً عن المدينة اي مظهر من مظاهر الحضور الانتخابي، في ظل غياب اية حالة شعبية وحضورية للتيار الوطني الحر.

كذلك هو الجو في القرى ذات الغالبية السنية حيث يسجل غياب ملحوظ للحركة الانتخابية، الا من بعض اللقاءات الفردية وفي صالونات القرى التي تشهد ترشح أحد أبنائها.

يعيد متابعون برودة الجو الانتخابي في مدينة زحلة والقرى السنية الى سببين رئيسيين، الأول غياب «نَفَس المنافسة» في المدينة والذي كان يحدثه الإنقسام بين بيتين سياسيين (سكاف وفتوش)، لتسلك لائحة الكتلة الشعبية برئاسة ميريام سكاف بعد تشكيلها منحى أكثر دراماتيكية من دون احداث ضجيج. ما يعطي انطباعاً عن تقديرات ترتكز على الحضور القواتي، لأن يكون هو الأكثر حصاداً للمقاعد المسيحية بعد الالتفاف الزحلي والشعبي حوله.

فيما الشارع السني يعيش حالتين قاسيتين، في فوضى «تفريخ» اللوائح غير المجدية، بعدما «انفخت دف الثورة وتفرق الثوار»، وانتقلوا من لائحة واحدة إلى اربع لوائح بين التغيير وزحلة تنتفض وقادرين، والقول والفعل، ما رفع من منسوب افتقاد هذا الشارع الى بوصلة ترشده الى اي صندوق انتخابي يتجه، او أن يتجه الى المقاطعة.

هذا الفراغ يستدعي «حزب الله» وماكينته الانتخابية للاستثمار في فوضى الشارع السني عن طريق محازبين معروفين بـ»سرايا المقاومة» وبالتعاون مع ماكينة فتوش الانتخابية السابقة.

وأشارت مصادر لـ»نداء الوطن» أن مجموعات حزبية تابعة لما يسمى «سرايا المقاومة» في القرى السنية بدأت تجميع الهويات مقابل مليوني ليرة عن كل هوية، بهدف منع التصويت للاستفادة من تقليل الحاصل، لعدم ثقة هذه الماكينة الانتخابية بالناس، ويتم جمع هويات اشخاص معروف عنهم انهم لا يصوتون الا لـ»المستقبل».

اما المشهد في الشارع الشيعي فبدأ يأخذ واقعاً مختلفاً بعدما ضغط «حزب الله» على عدد من المرشحين للانسحاب، محاولاً منع الحديث عن واقع البيئة الحاضنة والتبدل والمتغيرات في المزاج الشعبي الشيعي، وذلك بتزخيم حركته واحتفالاته «العزائية» وخوفاً من تراجع قدرته التجييرية، يركز على الشارع السني لمنعه قدر الامكان من توحد «الكتلة الناخبة» حتى لا تحدث تبدلاً تاما في النتائج، ولذلك لعب دوراً في تعدد اللوائح والتركيز على أن يكون المرشحون السنة لكل منهم حيثية مقبولة، بغية توزيع هذه الكتلة الناخبة.

لذلك يتم التصويب جيداً على لائحة «سياديون مستقلون» التي يرأسها ميشال ضاهر، بحجز الهويات باعتبارها الاكثر قرباً من المستقبل، لمنعها من تحصيل الحاصل الأول، بإعتبار أن الصوت السني هو اساس لهذه اللائحة، ومع سقوطها ترتفع نسبة كسور لائحة «حزب الله».

لا تخفي اوساط مقربة من «حزب الله» لـ «نداء الوطن»، أن المزاج الشيعي متغير، ولن يحقق الرقم نفسه كما في 2018، انما الترجيحات الحقيقية وفق نتائج دراسات أن التراجع يصل الى 12 الف صوت كقوة تجييرية للحزب، «لهذا السبب لم يغامر أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، بإعطاء تعهد لفتوش، وكذلك الحال لم يعط للنائب سليم عون 3 الاف صوت، يقيمون في سوريا كما يحاول أن يشيع، بهدف قطع الطريق امام القوات من احداث معركة على المقعد الماروني لصالح مرشحها ميشال التنوري بعد ضمان المقعد الكاثوليكي للنائب جورج عقيص، لأن اصوات القادمين من سوريا ستعطى الى المرشح السني على لائحة الحزب والتيار، ويتابع المصدر «الحزب ليس كاريتاس، لا يعطي أصواته لأحد، فأولوياته أن يقول للجميع هؤلاء هم مرشحو الحزب، وما نالوه من أصوات هو تأكيد على التمثيل».