IMLebanon

قائد الجيش يعرّي الجميع في جلسة الحكومة

جاء في “نداء الوطن”:

تمخّض مجلس الوزراء الذي انعقد استثنائياً أمس للبحث في كارثة غرق قارب المهاجرين غير الشرعيين من لبنان عن قرارات، أقل ما يقال فيها إنها «لا تمرّ على طفل لم يبلغ الحلم»، وأغدق مجدداً وعوداً سمعها أبناء طرابلس والشمال من الحكومات المتعاقبة ولم ينفذ منها شيء، والأنكى طرح القرار بإنشاء مجلس لتنمية الشمال بينما المطلوب أن تتحول كلّ الدولة بمؤسساتها إلى هذه المنطقة المنكوبة، وإلغاء كل مجالس وصناديق الهدر والفساد.

وحدها مداخلة قائد الجيش العماد جوزاف عون عرّت الجميع، عندما شرح بالتفصيل ما حصل، متوجهاً إلى من يعنيهم الأمر بأن يكفوا عن استهداف الجيش وشنّ الحملات عليه لغايات صارت معروفة.

وعلمت «نداء الوطن» أنه بعد مداخلتي الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، قدّم قائد الجيش عرضاً تفصيلياً حول الحادث، وقال «إن رائد دندشي الذي نظّم عملية الهجرة غير الشرعية كان أوقف في 20/‏11/‏2021 ومعه شريك آخر هرّبا 91 شخصاً عبر قارب انطلق من القلمون، ولكن بعد سبعة أيام أطلق القضاء سراحه، وهذه المرة رائد نفسه بالتعاون مع سوري من آل حموي، حضّرا القارب وهو موديل 1974 وحمولته القصوى 10 أشخاص وكان على متنه 80 شخصاً وربما أكثر من اللبنانيين وعدد من السوريين وعلى متنه أيضاً 3 أطنان مازوت لأن وجهة سير المركب كانت ايطاليا عبر طريق معينة اعتادوا سلوكها في تهريب الأشخاص».

أضاف: «تقاضى دندشي وحموي 2500 دولار عن كل شخص، وكانوا أبلغوا الركاب أن العدد لن يتجاوز أربعين شخصاً على متن القارب وعندما وصلوا تبين أن عددهم 80 شخصاً، وانطلق القارب الساعة 19:14 مساء وعند الساعة 21:30 اعترضته دورية من القوات البحرية، وطلبت من القبطان والركاب العودة إلى الشاطئ، وتم تنبيههم إلى أن حمولة القارب بالأوضاع التي هم فيها لا تسمح بإبحاره بعيداً، ولكن القبطان لم يتجاوب (وفي هذه الأثناء كانت تعرض على شاشة كبيرة صور وفيديوات)، فحاولت الخافرة العسكرية إقناعه مراراً بالعودة إلا أنه لم يقتنع وبدأ ينفّذ مناورات للهروب إلى أن ارتطم بالخافرة وحصل الغرق، وسارعت القوة البحرية إلى إلقاء سترات النجاة وتم إنقاذ 45 أحياء وانتشال 7 جثث والبحث مستمر عن المفقودين».

وأكد قائد الجيش «أن القارب غرق بسرعة على عمق 400 متر تحت الماء وليس صحيحاً أن الخافرة العسكرية صدمت المركب لأنها كانت تعرضت للغرق كونها مصنوعة من مواد (فايبر كلاس)، وكل الكلام الذي قيل بأنها صدمت القارب غير صحيح وهذه محاولة للتغطية على المهربين ونقل القضية إلى مكان آخر، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الجيش للحملات، لذلك أشدد على ضرورة المحافظة على معنويات العسكريين لأنها أساسية وضرورية في ظل الظروف الراهنة والمهمات الكثيرة المطلوبة منهم، ولأن المعنويات هي أهم سلاح بالنسبة إلى الجيوش، وانتقد بقساوة الذين استغلوا حادثة غرق الزورق من سياسيين ومسؤولين لأهداف سياسية وانتخابية ووجّهوا اتهامات إلى الجيش بافتعال الحادثة وإغراق النساء والأطفال، فيما الجيش كان يحاول إنقاذهم».

وتشارك العماد عون ومدير المخابرات وقائد القوات البحرية بعرض معطيات ومعلومات تقنية حول القارب وكيف كان نازلاً في المياه بشكل كبير نتيجة الحمولة قبل غرقه.

وقال قائد الجيش: «بدأنا التحقيق وهناك موقوف سوري سوف يسلّم إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي وكل عناصر الدورية بتصرف القضاء والذي نريده اليوم قبل الغد، وانطلاقاً مني إلى كل الضباط والعسكريين نضع أنفسنا بتصرف التحقيق».

بعدها جرى حديث عن عمليات الإنقاذ والصعوبات التي تواجهها، لأن الجيش ليس لديه إمكانيات لرفع القارب عن عمق 400 متر، وقال قائد الجيش «إن قوات اليونيفيل أرسلت باخرة وهناك طائرة بريطانية تساعد إنما الأمر يحتاج إلى تقنيات ومعدات متطورة، وكل قدرات الجيش موضوعة في تصرف فرق الإنقاذ والقوات البحرية بحاجة إلى تعزيز وهناك هبة أميركية عبارة عن ثلاثة زوارق».

وطرح وزير العدل مسألة أن التحقيق سيكون غير كامل إذا لم ينتشل الزورق، وهنا حصل نقاش خلص إلى القرار بالسير في التحقيق مع الموجودين. ثم جرى حديث عن الظروف الاجتماعية التي تسبب الهجرة غير الشرعية مع وجود سوريين ينظمون رحلات غير شرعية لمواطنيهم ويستدرجون لبنانيين إلى هذا الفعل.

هنا كانت مداخلة ثانية ومطولة لرئيس الجمهورية وأبرز ما قاله «هذا الأمر لا يجوز أن يستمر، لأن لبنان بات ملجأ للسوريين والفلسطينيين وذوي الجنسيات الأخرى، وكثافة السكان باتت 600 شخص في الكيلومتر الواحد وهذا لا مثيل له في العالم. لقد سعيت مع المنظمات الدولية والأمم المتحدة والوفود الدولية التي تزور لبنان لتسهيل عودة السوريين إلى بلادهم، لكن مع الأسف دعواتنا لم تلق تجاوباً، لا مال لدينا ولبنان مكسور اقتصادياً وغير قادر على التحمل أكثر، وعلى الدول الغربية والأمم المتحدة أن تدرك بأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل أكثر مما تحمّل. علينا إبلاغ الأمم المتحدة كل هذه الوقائع، وطلبت أن تقدم المساعدات للسوريين في بلادهم وانا كفيل بأنهم سيعودون خلال 48 ساعة، لكن المؤسف أن يبقوا هنا ويتقاضوا هذه المساعدات إلى درجة بت أشك بوجود نيات سيئة تجاه لبنان. فسوريا أصبحت آمنة بقسم كبير من أراضيها، والدول الأخرى التي تستضيف نازحين تنال مساعدات بمليارات الدولارات، ولبنان حسب تقرير صندوق النقد الدولي دفع حتى الآن 47 مليار دولار لرعاية النازحين غير المساعدات التي يأخذونها من المنظمات الدولية. كيف يمكن أن نقبل باستمرار هذا الوضع ولبنان يعيش أزمة اقتصادية وأهله يجوعون ولا من يهتم؟ علينا التحرك مع الدول الغربية لأننا لم نعد قادرين على احتمال ضغوط الدول الغربية لإبقاء النازحين على أرضنا».

وأضاف: «نحن أمام وضع خطير لا يجوز أن يستمر، أنا لم اتحمل رؤية مشهد أطفال ونساء غرقى، لكن من غير الجائز أن تستمر هذه الفوضى مع وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين القادرين على العودة إلى بلادهم. لقد تفاهمنا مع القيادة السورية في الماضي على إعادة النازحين الراغبين طوعاً وعاد 500 ألف نازح، ولكن تبين لنا أن بعض هؤلاء كانوا يعودون إلى لبنان لأخذ المساعدات الدولية ثم يعودون إلى بلادهم ثانية ويتكرر الأمر شهرياً، وبعض هؤلاء يتاجر بالحصص التي تعطى للنازحين. عندما أثرنا هذا الأمر قلنا إن كل جريح ومصاب أبواب لبنان مفتوحة له للعلاج أما الباقون فلا مبرر لبقائهم في لبنان».

تلت مداخلات من وزراء شكوا من مضايقات النازحين، فوزير الصناعة شكا من الصناعة غير الشرعية التي تنتج مواد غير مستوفية الشروط، ووزراء آخرون أشاروا إلى الجرائم التي يرتكبها هؤلاء وأن العودة إلى تقارير الأجهزة الأمنية تظهر حجم الجرائم المرتكبة من قبل السوريين. ولفت وزير العدل إلى أن القانون يفرض ترحيل كل مخالف سوري كان أو غير سوري، فكم بالحري إذا ثبت ضلوع سوريين ببعض الجرائم التي تحصل من قتل وخطف وسلب(…)، ولفت وزير المهجرين إلى خطة عودة النازحين ودعا إلى تفعيلها، وأشار وزراء إلى أن 90 في المئة من الذين تم القبض عليهم في الإجراءات الأمنية الأخيرة كانوا من السوريين».

ولاحظ مجلس الوزراء أن بعض السوريين الذين يُقبَض عليهم يتم تعيين محامين لهم من قبل منظمات دولية وإخلاء سبيلهم، وقال وزير الثقافة إنه يجب ترحيل المخالفين فوراً.

بعدها طرح أهمية التنسيق والتكامل بين الأجهزة الأمنية والقضاء لأن أي خلل يصيب الآخر، خصوصاً في قضايا التوقيفات المرتبطة بالجرائم التي ازدادت بشكل خطير، مع التأكيد على وجوب عدم التهاون قضائياً مع المرتكبين وتطبيق القانون عليهم.المقررات الرسمية

وفي المعلومات الرسمية، قرر مجلس الوزراء الذي انعقد في جلسة استثنائية أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون ومدير المخابرات العميد الركن انطوان قهوجي وقائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي، تكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية المتعلقة بغرق الزورق في طرابلس وتكليف وزارات الشؤون الاجتماعية للتواصل مع الهيئات الدولية للبحث في إمكان تقديم المساعدة للضحايا وذويهم، والخارجية والمغتربين والدفاع الوطني للتواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تعويم المركب الغارق. كما طلب من قيادة الجيش إجراء تحقيق شفاف حول ظروف وملابسات الحادث تحت إشراف القضاء المختص وتكثيف جهود البحث عن المفقودين بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية.