IMLebanon

“حزب” الأكثرية الموعودة يحتاج للمساعدات لا للسلاح

كتب منير الربيع في “المدن”:

يعرف حزب الله أنه لا يزال يقود سفينة تعرضت لأكثر من ثقب. كان في المرحلة السابقة يقودها وسط تيارات متعاكسة، فوصل إلى مرحلة الاصطدام وبداية الغرق. لذلك يعيش اليوم في حال ارتباك استراتيجي، يتعلّق بخياراته الحقيقية، أو الوجودية الكبرى.

الوصاية على البلد

فحزب الله يسعى في النهاية إلى الوصاية السياسية الشاملة على البلد. وهي بدأت تكرسها تسوية العام 2016. ولكن المعادلة التي رُكِبّت على ذاك الأساس، انفرط عقدها بسبب غياب سعد الحريري، والخلاف المستمر بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، ولا سيما بعد الوصول إلى مشارف انتهاء ولاية عون.

يحتاج تكريس وصاية حزب الله الكاملة إلى وقت طويل. وفي سعيه إلى إنجازها، يحتاج إلى مقومات لم تتوفر مثلًا حتى في معالجة مشكلة المحروقات والمازوت. وثمة أسئلة كبرى تطرح داخل البيئة الشيعية: كيف يمكن الاستمرار في الوضع الحالي، فيما تتكاثر الأجواء السلبية حول المستقبل القاتم، الذي يقلص حماسة الناس إلى التصويت في الانتخابات. وهذا يفرض على حزب الله القيام باستعراضات جماهيرية تحفز جمهوره وتطلق حماسته. ولربما يتجلى ذلك قبيل موعد الانتخابات، وفي إحياء ذكرى يوم القدس العالمي الذي يتحدث فيه نصرالله و”يضع النقاط على الحروف”.

حزب الأمن والإيديولوجيا

لكن ارتباك حزب الله الاستراتيجي يبقى مستمرًا، في ظل انعدام توفر المقومات المعيشية للبقاء، طالما حسابات الحزب عينه منذورة كلها للشؤون الخارجية، الإقليمية والدولية. وهي نذور من طبيعة أيديولوجية وأمنية أصلًا، يضمر فيها الشأن المعيشي التفصيلي والعام.

هذا فيما كان الحزب إياه في السابق قادرًا على التفرغ لشؤونه الأمنية والاستراتيجية، تاركًا لمؤسسات الدولة ولقوى سياسية عدة، توفير مصالح البلاد الضرورية وشؤونها المعيشية. لكن الدولة تفككت واهترأت مؤسساتها، وانفرط عقد التفاهم بين قواها السياسية.

الشيعة ليسوا استثناءً

واليوم لا يمكن الحديث عن أن الشيعة عامة متميزون عن باقي الطوائف في مشهد البلاد العام. فهناك نسبة منهم تعيش حال تميز بسبب ارتباطها المباشر بحزب الله، علمًا أن الوضع الشيعي العام قابل للانفجار في أي لحظة على الصعيد الاجتماعي، في ظل غياب خيار جدّي وعملاني للتعامل مع الأزمات المتناسلة.

أما الحلول البديلة التي اقترحها حزب الله سابقًا، فظلت بلا أي نتيجة. ومنها التوجه شرقًا وتأمين المازوت والبنزين من إيران.

الحاجة إلى شرعية وتسويات

رغم هذا يستمر سعى حزب الله في التحول قوةً سياسية، معتمدًا على الانتخابات المصرِّ فيها على نيل أكبر عدد من النواب. لكن أكثريته لن تغير المعطيات الواقعية. فهو لن يكون قادرًا على تقديم مرشحه لرئاسة الجمهورية. وجل ما يستطيعه هو استدراج عروض للدخول في تسوية مع جهات إقليمية ودولية. علمًا أن لبنان لا يمكن أن يستمر إذا حكمته جهة ما بلا شرعية داخلية ودولية. فالنظام السوري بقوته ومقدرته وقوة حلفائه ومقدرتهم على السيطرة، كان يحتاج إلى قوى محلية تؤيده وشرعية دولية.

لذا، لن يتمكن حزب الله من إدارة اللعبة اللبنانية وحيدًا. بل يحتاج  إلى تركيبة أو تسوية جديدة، مرحلية أم طويلة الأمد، لإضفاء شرعية دولية على دوره ووجوده وخصوصية سلاحه، مقابل توفير استمرار المرافق العامة بالتعاون مع المجتمع الدولي وشروطه.

في المرحلة المقبلة سيكون حزب الله أكثر المحتاجين لإبرام تسوية، ولو كان ذلك يتعارض مع توجهه. وإلا سيكون البلد قابلًا للانفجار اجتماعيًا. وأي تسوية تفترض تنازلات متبادلة، لتغيير الواقع القائم، بالتعاون مع المجتمع الدولي. وهذا يستوجب تلبية شروط اقتصادية ومالية وسياسية.

في المقابل، لن يجد حزب الله أنه في وضع بسيط أو سهل في ظل الرفض السني والمسيحي والدرزي له. وهناك تساؤلات بدأت تطرح داخل البيئة الشيعية حول المستقبل والمصير.

فحتى لو حصل حزب الله على الأكثرية، ليس لديه مشروع واضح، لأن لبنان مهدد بكيانيته ووجوده. وهو يحتاج إلى مساعدات مالية واقتصادية، لا يفيد فيها بالسلاح. فيما الحاجة تتمثل في التوجه نحو الغرب، في ظل عدم قدرة إيران وروسيا على المساعدة.