IMLebanon

بوادر “يقظة شعبية” ترفع نسبة المشاركة في الانتخابات

جاء في “المركزية”:

على مسافة اقل من اسبوعين بيوم واحد من فتح صناديق الاقتراع في الخامس عشر من ايار المقبل توسعت رقعة السيناريوهات التي تتحدث عن حجم مدى انحلال الدولة ومؤسساتها الى درجة وعد فيه وزير المال يوسف خليل بأن يقوم “بجهد اضافي” لتوفير حوالى 350 مليار ليرة لبنانية هي من ضمن كلفة العملية الانتخابية. وهو تعهد قطعه على نفسه موحيا بأنه سيبذل “جهودا شخصية” من اجل توفير هذا المبلغ، وليس باعتباره وزيرا للمال مؤتمنا على كيفية التصرف بموارد الدولة ومحتويات خزينتها. وجاء تعهد وزير المال مكملا للتعهد الذي قطعه على نفسه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب بالسعي الى توفير ما تحتاجه العملية الانتخابية في بلاد الإغتراب ايا كانت كلفتها ولو اضطر الى “الشحادة” .

واستنادا الى هذه التعهدات بوجهيها الفردي والعام، عبرت مراجع سياسية وديبلوماسية تراقب عن كثب مختلف التطورات على الساحة اللبنانية منذ ان دخلت البلاد مدار الانتخابات النيابية لـ “المركزية” عن اسفها لكيفة مقاربة المنظومة للاستحقاق الدستوري في ظل الخلافات السياسية التي تعصف بالعلاقات البينية بين اهل الحكم والحكومة المتحكمين بالمؤسسات الدستورية الإدارية والقضائية الى درجة نسي هؤلاء جميعهم – ومن دون استثناء – بان معظم الخدمات العامة التي تقع على عاتقهم فقدت او هي في طريق الانهيار التام متجاهلين انها من ابسط حقوق المواطن، فيما لا يوجد شعب على وجه الارض يفتقدها، حتى اولئك الذين يعيشون في مجاهل القارات الواسعة.

وانطلاقا من هذه الصورة السوريالية يبدو للمراقبين ان هناك بوادر يقظة شعبية لا بد من ان تتكون في الفترة الفاصلة عن فتح صناديق الاقتراع ليس من اجل الاقتصاص من اهل الحكم والحكومة فحسب، بل من اجل ضمان قيام الدولة وإحياء مؤسساتها وخدماتها للقيام بالحد الادنى من واجباتها بعد هذا الاستحقاق وبقاء شعلة الأمل بأن هناك من يستطيع اعادة تكوين الدولة وبناء مؤسساتها من جديد، وانه لا بد لمن قاد البلاد الى هذه المرحلة من الهلاك الكامل لا بد من ان يشعر بالخجل من مواجهة الناخبين بدلا من الإصرار على حمل “شعلة الفشل” ليقود اللبنانيين الى مزيد من الانهيارات على مختلف المستويات.

على هذه الخلفيات يتوسع المنادون بهذه النظرية فيدعون الى ضرورة احداث تسونامي شعبي لا بد من تشهده العملية الانتخابية لتصويب البوصلة ليس على المستوى المناطقي والطائفي إنما على المستوى الوطني بدلا من توفير الدعم الكافي لمجموعة من المتحكمين بمصير اللبنانيين ليقودوا اللبنانيين الى ما هو اسوأ واخطر مما عاشه اللبنانيون في السنوات الخمسة الاخيرة من معاناة تفوق قدرة الإنسان على تحملها.

ويستند هؤلاء الى نتائج الإحصائيات الدراسات الأخيرة التي صدرت في الايام القليلة الماضي والتي عكست توجهات شعبية جديدة قلصت من حجم الكتل الناخبة المترددة التي كانت حتى الأمس القريب في المنطقة الرمادية التي كان يمكن في حال بقائها ان تسقط نسبة المشاركة الانتخابية الى ادنى المستويات التي شهدها اي استحقاق نيابي سابق. وهم يتوقعون ان تنمو هذه الاجواء بسرعة قياسية تساوي تلك التي يعيشها اللبنانيون الذين تسجلوا للمشاركة في الإنتخابات النيابية في حوالى 58 دولة في مختلف القارات. وخصوصا بعدما توقعت بعض الماكينات الانتخابية بان تصل نسب المشاركة في الانتخابات الى ما بين 65 الى 70 % في بعض الدول بعدما تكونت نسبة “الهجرة الحديثة” في السنوات الثلاثة الاخيرة بعدما انتقل اليها ما يقترب من 375 الف لبناني بشكل عائلي كامل سعيا الى لقمة عيش كريمة.

وفي هذه الاجواء يبدو للمراقبين ان هذه الانتخابات تكتسب اهمية بالغة الدقة والخطورة. فعلى نتائجها يتوقف الكثير مما هو متوقع في طريقة التعاطي مع الاستحقاقات الكبرى التي تنتظر المجلس النيابي الجديد ولا سيما منها المالية والنقدية والاجتماعية والصحية والتربوية. فالى مسؤوليته في تشكيل حكومة حيادية ومستقلة قادرة على ادارة شؤون البلاد بعيدا من الانقسامات الطائفية والمذهبية ومشاريع الهيمنة التي لربما قادت البلاد الى مزيد من الإنهيارات فالعالم لن يتعاطى مع سلطة شبيهة بتلك التي اقتربت من نهاية صلاحياتها الدستورية والسياسية وان لم يتعظوا من المشاريع الكبرى التي ينوي بعض الدول إطلاقها بمعزل عن الدولة ومؤسساتها لا يمكنه ان يفقه ما ينتظره من مصاعب وتعقيدات تتحكم بوقائع حياته اليومية.

وعليه، لا يمكن ان يتجاهل المراقبون ان الفترة المتبقية دون موعد الاستحقاق يمكن ان تشهد مزيدا من الحض على المشاركة في الانتخابات لتسجيل اعلى نسبة من المشاركة تلغي قرارات الإلغاء والاحتكار التي تشهدها بعض الدوائر الانتخابية. وتقلص من نتائجها. فبعض النماذج المعتمدة تهدد امن الانتخابات وقد تقود الى ما لا يحمد عقباه فعيون المراقبين الدوليين مفتحة على كل مخالفة ترتكب اليوم وفي الغد.