IMLebanon

السلطة تضغط على الجيش “الحيادي”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تُخاض الإنتخابات النيابية هذا العام وسط أجواء ملبّدة تلفح الوضع اللبناني، فعدا عن الهمّ المعيشي والإقتصادي يدخل الهمّ الأمني كعنصر قد يعكّر صفو الإنتخابات.

لا شكّ أن هناك قوى سياسية معروفة تريد تعطيل الإنتخابات خوفاً من النتائج التي قد تكون كارثية عليها، وتستمرّ محاولات التعطيل بشتى الطرق لكن الأكيد أن قطار الإنتخابات يسير بخطوات ثابتة مهما كانت غايات وأمنيات المعطلين.

وفي السياق، فإن الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني تؤكد أنها مستعدة لإجراء الإنتخابات اليوم قبل الغد، وهي على أتمّ الإستعداد للقيام بهذا الدور، وليس هناك من تقصير في هذا المجال.

والواضح أن أهل السلطة يحاولون إستغلال كل ما توفّر أمامهم من سلطة لتثبيت نفوذهم والحفاظ على مواقعهم بعد الضربات القوية التي تعرضوا لها بسبب إنتفاضة 17 تشرين.

ومن بين تلك المؤسسات التي كان أهل السلطة يراهنون على استعمالها تأتي مؤسسة الجيش في الطليعة، وذلك نظراً إلى حجمها الكبير ودورها وإنتشارها على إمتداد الوطن، وأيضاً الإحترام الذي تحظى به من كل فئات الشعب.

وفي السياق، فإن الدور الأبرز في محطات سابقة من تاريخ لبنان كان لمخابرات الجيش، وذلك لقلب النتائج خصوصاً في الدوائر ذات الغالبية المسيحية، وتبقى قصص وروايات المكتب الثاني تتردّد اليوم وفي كل محطة إنتخابية في كسروان حيث كان الوجود والتأثير الأكبر لهذا المكتب الأمني، والذي تحوّل الذراع السياسية للعهد الشهابي.

وزاد من دور مخابرات الجيش في الإنتخابات بعد تبوّؤ فؤاد شهاب سدّة الرئاسة، وكان المكتب الثاني يُدير الحملات الإنتخابية ويؤثّر على الناخبين ويُربّح من هو موالٍ للشهابية ويُخسّر الخصوم.

بعد الحرب الأهلية، دخل الإحتلال السوري وحكم لبنان مباشرةً، وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية تحت إمرة اللواء غازي كنعان ورستم غزالي من بعده، وكان التزوير سمة كل الإنتخابات التي جرت من 1992 إلى 2000، وبعد الإنسحاب السوري، أجرى العماد ميشال عون من باريس صفقة مع السوري، فعملت الأجهزة في إنتخابات 2005 لصالحه لأن تركيبتها كانت لا تزال تركيبة سورية.

في إنتخابات 2018 الأخيرة، لم ترد شكاوى كبرى عن تدخّل الأجهزة في الإنتخابات، إلا في بعض الأماكن البسيطة والمألوفة، أما بالنسبة إلى إنتخابات 15 أيار المقبلة، فإن القرار من قيادة الجيش واضح وصريح وهو أن مهمتها تأمين أمن الإنتخابات وحماية المقترعين ومنع حصول صدام على الأرض والأهم عدم التدخل من قِبَل أي كان في سير العملية الإنتخابية.

وتعمل قيادة الجيش منذ 17 تشرين على الحفاظ على صورة الجيش عند المواطنين، فعند اندلاع إنتفاضة 17 تشرين طُلب من قائد الجيش العماد جوزف عون قمع المتظاهرين وفتح الطرق بالقوة، فرفض هذه المطالب معتبراً أن الجيش اللبناني هو للشعب وبخدمة الشعب وليس جيش نظام أو أشخاص، وهدفه حماية التظاهرات السلمية والأملاك العامة والخاصة والمؤسسات.

واليوم، فإن أهل السلطة ومهما ضغطوا على قيادة الجيش من أجل العمل لصالحهم فإن قرار القيادة هو حماية العملية الإنتخابية وعدم إدخال الجيش في الزواريب، فالجيش ليس أداة للسلطة، بل هو لكل اللبنانيين، وبالتالي فإن الرهان على إستعماله لمصلحة طرف ضدّ آخر هو في غير محلّه، خصوصاً وأن قائد الجيش قاد المؤسسة العسكرية في أصعب مرحلة من تاريخ لبنان ونجح باجتياز كل المطبّات، لذلك فإنه يعمل لبقاء الجيش محيّداً عن كل الصراعات الداخلية.