IMLebanon

الدول الخليجية لا تحبذ مقاطعة السُّنة للانتخابات

كتب عمر البدران في “اللواء”:

على مسافة أربعة أيام من “الأحد الكبير”، فإن التحضيرات اللازمة للانتخابات النيابية، اللوجستية والإدارية والأمنية، قد أنجزت، على وقع توقعات بمنافسة حامية بين عشرات اللوائح التي تخوض غمار هذا الاستحقاق الذي يرخي بثقله على المشهد الداخلي، وسط موجة تفاؤل يعبر عنها دعاة التغيير، استناداً إلى الأجواء التي رافقت انتخابات المغتربين، وما شهدته من نسبة إقبال مشجعة، سعياً من أجل إحداث هذا التغيير الذي يريده السواد الأعظم من اللبنانيين. وعشية الموعد الانتخابي المنتظر، بدا بوضوح أن هناك حملة استنهاض واسعة من جانب المكونات السياسية، لدفع الناخبين إلى أوسع مشاركة في هذا الاستحقاق، وتحدياً من جانب المكون السني الذي يخشى أن تقود مقاطعته للانتخابات في حال حصولها، إلى إحداث خلل لا يستهان به في نتائج هذا الاستحقاق، وما يمكن يتركه من تداعيات على صعيد التوازنات الوطنية الداخلية.

وتحت هذا العنوان، جاء تشديد القيادات السنية، السياسية والروحية، على ضرورة المشاركة في انتخابات الأحد المقبل، باعتبار أن الدعوة للمقاطعة من شأنها أن تنعكس ضرراً بالغاً على الحضور السني في البرلمان الجديد، وهذا الأمر لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال. عدا عن أن خيار المقاطعة يفسح في المجال لوصول نواب محسوبين على الفريق الآخر، ولا يمثلون الطائفة تمثيلاً حقيقياً، وتفادياً لمزيد من الانقسام  في الشارع السني، بعدما برز الخلاف بشكل واضح بين رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، على خلفية الموقف من الانتخابات النيابية والمشاركة فيها. وهذا ما سيفاقم حالة الإرباك السائدة في صفوف الطائفة، إذا كانت نسبة المشاركة ضعيفة في هذا الاستحقاق.

ولا تستبعد أوساط نيابية، أن تدفع الخلافات السنية، “حزب الله” إلى الاستفادة منها إلى أقصى الحدود، بحيث سيعمد إلى استكمال اختراقه لمناطق الطائفة، بهدف الدفع باتجاه وصول مرشحيه السنة إلى مجلس النواب، ما سيسمح له بالحصول على الغالبية، وهذا ما يسعى إليه في المرحلة المقبلة. ولذلك ترى مصادر سياسية، أن هناك مخاطر حقيقية تتهدد الوجود السني البرلماني، في حالة كانت نسبة مقاطعة ناخبي الطائفة كبيرة للاستحقاق النيابي. وهذا ما يقلق القيادات السنية السياسية والروحية، حرصاً على عدم التفريط بالدور البرلماني للنواب السنة في المجلس النيابي الجديد. وعلى هذا الأساس أجمع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، على أهمية وضرورة المشاركة الواسعة في الانتخابات، باعتبارها واجباً وطنياً أولاً، ولعدم تغيّب المكون السني المؤثر عن هذا الاستحقاق. وهو ما تنادي به الدول الخليجية والصديقة للبنان، من حيث أهمية عدم مقاطعة أي طرف سياسي للانتخابات النيابية.
واستناداً إلى ما تقوله المصادر، فإن زيارات السفير السعودي وليد البخاري لعدد من المرشحين في بيروت وعدد من المناطق، إنما تعكس رغبة بلاده في أوسع مشاركة بالانتخابات، دون التحيّز لأي فريق، باعتبار هذا الاستحقاق شأناً داخلياً لبنانياً. وإن ما يهم المملكة وسائر دول مجلس التعاون الخليجي أن تجري الاستحقاقات الدستورية في لبنان بموعدها، لكي يقول الشعب اللبناني كلمته، دون ضغوطات من هذا الطرف أو ذاك. في وقت يراقب المجتمع الدولي عن كثب مسار الانتخابات وما سيصدر عنها، سيما وأن المساعدات للبنان مرهونة بحصول تغيير جدي في الأداء والممارسة، من خلال ولادة مجلس نيابي ديمقراطي جديد، يواكب عملية إقرار المشروعات الإصلاحية التي تكفل استجابة لبنان لشروط الدول المانحة، من أجل وضعه على سكة التعافي التي طال انتظارها.

وتكشف أوساط دبلوماسية خليجية لـ«اللواء»، أن «دول مجلس التعاون الخليجي لا تحبذ مقاطعة الطائفة السنية، ولا أي طائفة لبنانية، للاستحقاق النيابي، أو لأي من الاستحقاقات الدستورية»، مشدداً على أن «السنة في لبنان كانوا دائماً في قلب كل الاستحقاقات ولا يجوز بالتالي أن يغيّبوا أنفسهم. فهم مكون فاعل في تاريخ وحاضر هذا البلد، كما هم عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في مستقبله، وفي مستقبل المنطقة. ولذلك فإن مقاطعة الانتخابات أمرٌ سلبي لا تشجعه بالتأكيد دول مجلس التعاون».

ويبدو واضحاً، أن «حزب الله» يحشد بكل قوته من أجل أن تكون له الغلبة في هذه الانتخابات مع حلفائه، وهذا وللأسف ما قد يتحقق له بعد دعوات البعض إلى مقاطعة الانتخابات، لأن للحزب حسابات ما بعد الاستحقاق، وتحديداً ما يتصل بالانتخابات الرئاسية التي يريد أن تكون له الكلمة الفصل فيها، على غرار الدورة الرئاسية الماضية، عندما أباح الفراغ الرئاسي سنتين ونصف السنة، حتى كان له ما أراد بانتخاب الرئيس ميشال عون، استباقاً منه للتسويات الإقليمية التي قد لا تكون بعيدة، مشيرة في هذا السياق إلى ما سمته «ابتزازاً» من جانب «التيار الوطني الحر» لرئيس مجلس النواب نبيه بري، في محاولة للضغط عليه من بوابة رئاسة المجلس النيابي، بإعلان النائب جبران باسيل عدم التصويت للرئيس بري، باعتبار أن الأخير مقرب من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وسيصوت له، لا لرئيس «البرتقالي» إذا كان السباق محصورا بينهما في خندق «8 آذار».