IMLebanon

إحذروا أكل اللفت اللبناني لهذه الأسباب!

كتبت ليلي جرجس في “النهار”:
ينشغل اللبنانيون في حماوة الانتخابات، تتسابق الخطابات والشعارات المنادية بالأمن الغذائي والصحي والهمّ الاقتصادي، لكن ما يُحكى في البرامج الانتخابية يختلف تماماً عن الواقع الذي نعيشه. في 17/3/2022 أعلنت ألمانيا وجود مادّة الرودامين المسرطنة في كبيس اللفت اللبناني الأحمر. أرسل الاتّحاد الأوروبي تحذيراً إلّا أنّ أحداً لم يكلّف نفسه لسحب عينة من هذا اللفت الموجود في الأسواق اللبنانية لمعرفة مدى جودته وخلوه من هذه المادة. لا أحد يهتمّ لهذه الفضيحة، لأنّ الخوف على أصوات الناخبين أهمّ ممّا يأكلونه!

فإذا كانت العينة المُرسلة من لبنان إلى الخارج تحتوي على هذه المادة الخطيرة والمسرطنة، ماذا عن تلك الموجودة في السوق اللبناني؟ عادة يرسل البلد أفضل بضاعته للخارج للحفاظ على ماء الوجه والإبقاء على الاستيراد قائماً، غير أنّ ما كشفته ألمانيا عن وجود مادة مسرطنة في اللفت اللبناني يُعيد إلى الأذهان فضيحة مشابهة في العام 2017… ولنا مع سلامة الغذاء وأمنه محطات كثيرة خائبة.
يشرح البروفسور في مركز سلامة الغذاء في جامعة جورجيا في الولايات المتحدة عصمت قاسم في حديثه لـ”النهار” أنّ “التلوث الموجود في اللفت أصعب لأنّنا نتحدّث عن تلوّث بمادة كيميائية وهي “الرودامين ب” وليس ببكتيريا، ويُمنع استخدام هذه المادة في الأغذية بشكل قاطع وتستخدم في دراسات التتبع والتسرّب المائية.. وهي فلورسانت.
أعادت هذه الحادثة فضيحة العام 2017 عندما وجد الاتحاد الأوروبي مادة “الرودامين ب” في عدد من عينات الكبيس الأحمر. وتندرج هذه المادة ضمن المسرطنة وتُسبّب تشوهات بالحمض النووي والخلايا التناسلية (تؤثّر على النسل) والخلايا الجسدية التي قد تسبب سرطاناً. ويؤكّد قاسم “أنّه نتيجة ذلك أرسل الاتحاد الأوروبي تحذيراً إلى لبنان وتحركت حماية المستهلك التي عثرت على مادة “الرودامين ب” في العديد من العينات في السوق المحلّي.
وبعد الفحص تبيّن تبين أنّ 25 في المئة؜ من العينات موجودة فيها “الرودامين ب” بشكل كبير، وتمّ إحالة 7 مصانع على أساسها للتحقيق. وهذه المادة منذ اكتشافها من قبل الاتحاد الأوروبي، أصدرت وزارة الصناعة مرسوماً رقمه 1/119 ( أقرّ في 15 أيلول 2017)بمنع استخدامه بشكل قاطع في المخللات. ولكن المفاجأة كانت وفق قاسم “بتحذير جديد من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان في العام 2019 بعد العثور على مادة الرودامين ب ” في المخللات. وبعد إجراء البحث لاكتشاف أسباب استخدامه في لبنان تبيّن أنّ السبب الرئيسي يكمن في قدرته على إعطاء اللون الأحمر للفت من خلال الغشّ به عوّض استخدام الطريقة التقليدية بالاعتماد على الشمندر.
ومع ذلك، نشرت Food and Feed safety alerts على موقعها الإلكتروني بياناً في العام 2020 تكشف فيه وجود “الرودامين ب” في كبيس اللفت اللبناني في اللوكسمبرغ. ورغم كلّ هذه التحذيرات، أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً جديداً في 17 آذار 2022 نتائج وجود هذه المادة المسرطنة في اللفت اللبناني في ألمانيا هذه المرّة، وقد تمّ سحب هذه العينات من الأسواق هناك، تحت خانة الخطير.
وبديهياً عند سحبها من السوق في ألمانيا يتمّ ابلاغ السلطة المحلية، وإذا كان المنتج المصدّر مسرطناً، فمن يكشف عن المنتج الموجود في السوق المحلي والمصانع المصدّرة لهذا المنتج؟ والمسألة كما يطرحها قاسم “ليست مرتبطة باللفت فقط وانّما هناك الملفوف الأحمر وغيرها من المنتوجات وهل تحتوي على مادة الرودامين ب؟ فما صحّة ما نأكله وهل نستهلك من دون علمنا مادة مسرطنة؟
هذه الحقيقة قد تعكس حالات السرطان المتزايدة في البلد ونسبة التلوث التي تزيد من عوامل الخطر. وما يستوجب التوقف عنده أنّ استخدام الرودامين ب في هذه الأغذية ليس ضرورة ولا غنى عنه، وبالتالي استخدام هذه البودرة الكيميائية عمداً هو فعل اجرامي في ظلّ غياب الرقابة.
5 سنوات ندور في المشكلة نفسها، حيث يتعرض المستهلك اللبناني إلى مادة مسرطنة من دون أن يتحرك أحد للمساءلة والمحاسبة، برغم من التحذيرات المتكرّرة للاتحاد الوروبي.فهل من يسمع أو يهتم؟
الفلتان في سلامة الغذاء يؤدّي إلى هذه النتائج التي نسمعها جميعاً، والأخطر أنّه لولا الفضيحة في الخارج لما خرج أحدهم ليحذّر ويناشد السلطات اللبنانية بالتحرّك. هذا ما نعرفه بعد أن علت الصرخة في الخارج والتحذيرات المتكررة، في حين نجهل محتوى الأغذية الموجودة في الأسواق اللبنانية، ولا يمكن القول سوى “الله يستر” وحالات السرطان المتزايدة قد تعللها هذه الفضائح الغذائية وما خُفي أعظم!