IMLebanon

الخاسران الأساسيّان في الإنتخابات

جاء في “نداء الوطن”:

صارت الانتخابات وراءنا من حيث إتمامها بشقّ النفس، الا ان نتائجها ستبقى تتردّد على مدى السنوات الاربع المقبلة، لانها خلخلت اركان المنظومة الحاكمة التي عاثت في المؤسسات فساداً وتدميراً، ومسحت كل ما بناه المؤسسون منذ الاستقلال، والرهان على الدم الجديد النابض بالثورة بأن يفرض ايقاعه في ساحة النجمة محصّناً في وجه «الفيروسات القاتلة» لأدوات المنظومة التي ستحاول في كل حين توريطهم بما لا يعلمون لتطويقهم.

خاسران أساسيان دون غيرهما في هذه الانتخابات، حسب توصيف مرجع وطني عابر للطوائف، هما: «حزب الله» والعهد، وعندما نسأل المرجع لماذا حصر الخسارة بهما؟ يجيب «لأن العاقل يعرف بأن حساب حقل الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب «المخضوض» جبران باسيل لم تتوافق وحساب بيدرهما، ان القمح المنتظر غلب عليه الزؤان».

ويضيف «بالترتيب التسلسلي اول الخاسرين نصرالله ويليه باسيل انطلاقاً من:

اولاً: ان «حزب الله» صار بلا الانياب المستأجرة التي كان يستخدمها مقابل أجر كلما اشتدّت الحجج في وجهه والتي تطوقه من جهات الوطن كافة، فكان يعمد الى اطلاقهم كأبواق للتوهين والتهديد ونسج سيناريوهات التآمر، ولكن سقوط كل من وئام وهاب وطلال ارسلان وصولاً الى فيصل كرامي وما بينهم من ادوات أقل شأنا، جعله وحيداً في الميدان، الامر الذي دفع رئيس كتلته النائب محمد رعد الى اطلاق مواقف انفعالية فاقدة للوعي السياسي مخترعاً عدواً جديداً والتهمة الممجوجة انهم «دروع اميركا واسرائيل»، مما اضطر قيادة الحزب الى التدخّل لسحب ما قاله بالصوت والصورة والنص، الامر الذي استفاد منه النائب حسن فضل الله الشريك المضارب الساعي لترؤس الكتلة كمرحلة اولى تمهيداً لجعل مصير رعد لاحقاً كما مصير محمد فنيش ونواف الموسوي، كما ان نصرالله «المنتصر في سوريا كما يقول، لم يستطع الحفاظ على ازلام النظام في لبنان، الامر الذي سيحرر الرئيس بشار الاسد في سعيه الدؤوب للانفتاح على العرب وتحديداً المملكة العربية السعودية عبر البوابة الاماراتية، وهو نال من المرشد السيد علي الخامنئي في زيارته الاخيرة الى طهران الضوء الاخضر للمضي في هذا الانفتاح، لان العرب وحدهم هم القادرون على اعادة اعمار سوريا.

ثانيا: أُصيب جبران باسيل بعطب بنيوي، بعدما خسر النواب الذين كان يستخدمهم في التصعيد لاستدراج عروض المحاصصات في المواقع على اختلافها، كما ان حلم الرئاسة تحول بعد خسارة المشروعية الشعبية المسيحية سراباً، بعدما تجاوزه حزب «القوات اللبنانية» وقوى الثورة بأكثر من مئة الف صوت مسيحي صافٍ وما كان ليستطيع ان يركّب بازل نوابه لولا دعم «حزب الله» والمجنسين من البقاع بدوائره الى الشوف وعاليه وبيروت والمتن وكسروان وجبيل وصولا الى عكار، ناهيك عن الاهتزازات العنيفة داخل «التيار» التي ستظهر تباعاً مع مرور الوقت، الامر الذي اثار غضب مؤسسه الرئيس ميشال عون الذي وصل النهار بالليل بانتظار معجزة تمنع عنه النهاية الدراماتيكية للعهد المنكوب بممارسات جبران، فأنهكه الانتظار بعدما صار بيته الداخلي والعائلي متشظيا في كل اتجاه».

ويوضح المرجع «ان الرئيس نبيه بري ومعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ادارا بحنكة المخضرمين عملية الإجهاز على العهد وباسيل، فأصابوا عصافير شتى بحجر الانتخابات وحجزا مقعدين اساسيين في التسوية الكبرى المرجوة، بانتظار التقاط الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون انفاسه بعد انتخابات رئاسية شاقة وانتخابات تشريعية على مرمى ايام ستكون اكثر صعوبة، لعلّه يلقي حبل النجاة فينتقل الجميع هذه المرة بطائرات متعددة الى احدى العواصم القريبة والبعيدة ليُملى عليهم ما يجب ان تكون عليه الحال حيث سيكون لقوى التغيير حق القبول والرفض ولن يمشي اي أمر من دون موافقتهم».

ويرى المرجع ان مصلحة «حزب الله» هي «في الانكفاء الى بيئته التي اهملها لعله يمنع المزيد من التحلل، اذ ان قراءة الارقام الصادرة من صناديق الاقتراع تشي بأن التحول في البيئة الشيعية كبير من خلال حجم الاصوات التي حازتها قوى التغيير مضافاً اليها الاوراق البيض الكثيفة وتلك التي تعمّد الناخبون وضع اشارات عليها لتصبح لاغية، والاخطر فيها العبارات التي كتبت على الاوراق التي لو جمّعت لشكلت مادة اساسية يستفيد منها الباحثون في دراسة التحول في البيئة الشيعية، خصوصا العبارات النابية التي تضمنتها هذه الاوراق».

ويستبشر المرجع خيراً «بالتحول الذي حصل والذي نجا منه نسبياً الرئيس سعد الحريري الذي فضّل الابتعاد لاعتبارات كثيرة وابرزها الخشية من نتائج كارثية كان يتوقعها فريقه اقله التدني في نسبة المقترعين للوائح «المستقبل» لو اكمل في خوض الانتخابات، والمهمة الاساسية على نواب قوى التغيير، بالاضافة الى محاصرة فساد المنظومة والضغط لاقرار القوانين الاصلاحية، هي الاسراع في طرح قانون انتخاب يصحح التمثيل ويمنع التزوير المقونن وفق القانون الحالي للنتائج، وكل ما في الامر تطبيق ما نص عليه الدستور».