IMLebanon

بري مُرشّح وحيد بعد إقفال “الثنائي” مقاعد الطائفة

كتب هيثم زعيتر  في “اللواء”:

أفرزت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان، واقعاً جديداً، يجب على المعنيين التعامل معه بمسؤولية وعناية، بعدما ثبت أنه لا أكثرية عددية لأي من المحاور، علماً بأن الجميع يعتبر أنه الرابح الأكبر!
ربما هي المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان هذا الواقع للمجلس النيابي، مُنذ انتخابات ما بعد «اتفاق الطائف» في العام 1992، من اصطفافات سياسية وطائفية تُنذر بعواقب وخيمة إذا لم يتم مُعالجة الأمور بحكمة ودراية.

سيكون المجلس محكوماً بالتعامل في العديد من الملفات، وفق كل منها، بما يُمكن تسميته على «القطعة» – أي أن التأييد أو الاعتراض سيتوقف على حسابات التكتلات داخل المجلس، التي لا شك أن التباين والاختلاف بين الكتل الكبيرة فيها، سيكون واضحاً، حتى بين الحلفاء المُتفقين على العديد من الملفات ظهر التباين في البعض منها، ما يُهدّد عدم إمكانية نيل أكثرية الأصوات داخل المجلس.
من الواضح أن هذا المجلس أمامه العديد من الاستحقاقات، وهي من أخطر المراحل التي يمرُّ بها لبنان بفعل الأحلام التي تُدغدغ مُخيّلة أصحاب «الرؤوس الحامية».

أول هذه الاستحقاقات انتخاب رئيس للمجلس النيابي، ومن ثم تسمية رئيس لتشكيل الحكومة وتأليفها، ومثولها أمام المجلس لنيل الثقة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن ثم تسمية الرئيس لتشكيل الحكومة وتأليفها ومثولها أمام المجلس لنيل الثقة، فضلاً عن ملفات مُتعددة!
يظهر واضحا أن رفع سقف الخطابات من بعض القوى السياسية، يتجاوز استحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب إلى استحقاقي الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية.
إنطلاقاً من أن العُرف هو انتخاب نائب شيعي لرئاسة المجلس النيابي، فإن الإسم الوحيد لهذا المنصب هو الرئيس نبيه بري، المُستمر به منذ 6 دورات، ما جعله «عميد رؤساء البرلمانات» في العالم، وأدخله «موسوعة غينيس» للأرقام القياسية كرئيس لأطول فترة مُتواصلة على مدى 30 عاماً، واليوم يدخل الموسوعة أيضاً، بأن يكون رئيس السن هو المُرشح ذاته لرئاسة المجلس.
وقد استطاع «الثنائي الشيعي» حركة «أمل» و«حزب الله» من الفوز بجميع المقاعد المُخصصة للطائفة البالغة 27 نائباً، ما أقفل الطريق على أي مُرشح لمُنافسة الرئيس بري على هذا المنصب.
لكن، في ضوء تشكيلة المجلس، فإن طريق إعادة انتخاب الرئيس بري لن تكون سهلة كما جرت في دورات سابقة، يوم انتخب رئيساً للمجلس وفق الآتي:

– 20 تشرين الأول 1992، اقترع 125 نائباً، ونال 105 أصوات، ومحمد يوسف بيضون 14 صوتاً، ووجدت 5 أوراق بيضاء وورقة مُلغاة، وتولى رئاسة السن قبلان عيسى الخوري.
– 22 تشرين الأول 1996: اقترع 126 نائباً، ونال 122 صوتاً، ووجدت 4 أوراق بيضاء، وتولى رئاسة السن قبلان عيسى الخوري.
– 17 تشرين الأول 2000: اقترع 126 نائباً، ونال 124 صوتاً، ووجدت ورقتان بيضاويتان، وتولى رئاسة السن قبلان عيسى الخوري.
– 28 حزيران 2005: اقترع 128 نائباً، ونال 90 صوتاً، وباسم السبع صوت واحد، ووجدت 37 ورقة بيضاء، وتولى رئاسة السن إدمون نعيم.
– 25 حزيران 2009: اقترع 127 نائباً، ونال 90 صوتاً، وعباس هاشم 3 أصوات، عقاب صقر صوت واحد، غازي يوسف صوت واحد، والمرحوم صبري حمادة صوت واحد، ووجدت 28 ورقة بيضاء و3 أوراق مُلغاة، وتولى رئاسة السن عبد اللطيف الزين.
– 23 أيار 2018: اقترع 128 نائباً، ونال 98 صوتاً، ووجدت 29 ورقة بيضاء وورقة مُلغاة (بإسم الفنانة نادين لبكي)، وتولى رئاسة السن ميشال المر.

«السيناريوهات» المطروحة
«السيناريوهات» المطروحة أن الرئيس بري سيكون ضامناً 53 صوتاً، تتوزع على: «كتلة التحرير والتنمية النيابية» التي يرأسها 15 نائباً، «كتلة الوفاء والمُقاومة» 15 نائباً، «كتلة اللقاء الديمُقراطي» 9 نواب، «كتلة المردة» مع النائب فريد هيكل الخازن 3 نواب، «حزب الطاشناق» 3 نواب، «جمعية المشاريع» نائبان، «حزب الاتحاد» نائب، ونائبان علويان وحلفاء وأصدقاء الرئيس بري، في طليعتهم النواب: جهاد الصمد، ميشال المر وسجيع عطية.

أما الكتل التي سيتوزع تصويتها بين التأييد أو الاعتراض بورقة بيضاء، أو اختيار مُرشح أو اسم آخر وبينها ما قد يدخل بين تصنيف الأوراق المُلغاة، فإن تصويتهم سيكون وفق حسابات كل منهم: «القوات اللبنانية» 18 نائباً، «التيار الوطني الحر» 17 نائباً، المُجتمع المدني وقوى التغيير 15 نائباً، المُستقلون 11 نائباً، «الكتائب» 5 نواب، «حركة الاستقلال» نائبان، «التنظيم الشعبي الناصري» نائب واحد، «الوطنيين الأحرار» نائب واحد، «الجماعة الإسلامية» نائب واحد، أعضاء سابقون من «تيار المُستقبل» 5 نواب.
لا شك أن عدداً لا بأس به من هؤلاء سينتخب الرئيس بري، ما يرفع الأصوات التي يتوقع أن ينالها إلى 60 نائباً، من دون أي تحالفات، على اعتبار أن الرئيس بري يُؤكد أن لا تسوية أو صفقة لجهة منصب نائب الرئيس. و«كتلة التحرير والتنمية» اتخذت قراراً بترشيح الرئيس بري لرئاسة المجلس.

أما أكثر ما سيكون لافتاً، أن الرئيس بري الذي كان يضمن أصوات 23 نائباً جنوبياً على مدى دورات عدة، لن ينال أصوات 7 نواب، هم: 2 في صيدا، الدكتور أسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري، وحليفهما في جزين الدكتور شربل مسعد، ومُمثلا «القوات اللبنانية» الدكتورة غادة أيوب أبو فاضل وسعيد الأسمر. كذلك نائبي الحراك المدني بدائرة الجنوب الثالثة قضاءي مرجعيون – حاصبيا فراس حمدان (المقعد الدرزي) والدكتور إلياس جرادة (المقعد الأرثوذكسي).

منصب نائب الرئيس
لا يقتصر الأمر على عدد الأصوات التي سينالها الرئيس بري في هذا الاستحقاق، والتي هي أقلّ مما ناله في الدورات الـ6 السابقة، لأنه ستكون هناك معركة على منصب نائب الرئيس، المُتعارف تخصيصه لطائفة الروم الأرثوذكس، والتي لكل منه حسابات، إذا ما جرى اختياره مُرشحاً له، لأن مُعارضيه سيكونون من أطراف وقوى وتكتلات أخرى.

الأسماء التي يُجرى التداول بها، هي: مُرشح «التيار الوطني الحر» النائب إلياس بوصعب، ما يعني أن «القوات اللبنانية» ستكون ضد ذلك. وإذا ما جرى ترشيح مُرشح «القوات اللبنانية» النائب غسان حاصباني، فإن «التيار البرتقالي» سيكون في موقع المُعارضة.

من هنا يبرز اسم المُرشح الفائز عن الحراك المدني وقوى التغيير ملحم خلف، وهو نقيب سابق للمُحامين في بيروت، وله باعٌ طويل وخبرة قانونية يحتاجها المجلس، الذي أمامه مهام تشريعية عدة.

أيضا يُشكّل نقطة التقاء بين الحراك المدني والمُستقلين وكتل أخرى، ما يُشعر هؤلاء أن هناك نيّة جديّة بالتغيير، والأخذ بعين الاعتبار أن تمثيل هذه القوى له تأثيره.

هذا مع تداول أسماء أخرى بينهم: ميشال إلياس المر الذي تولّى جدّه هذا المنصب، النائب سجيع عطية من دائرة الشمال الأولى – عكار، النائب عن قضاءي مرجعيون – حاصبيا الدكتور إلياس جرادة وعضو «كتلة اللقاء الديمُقراطي» الفائز عن دائرة البقاع الغربي – راشيا النائب غسان سكاف.

كما أن انتخاب هيئة مكتب مجلس النواب المُؤلفة من أميني سر و3 مُفوضين، ومن ثم رؤساء اللجان، سيدخل في إطار التوافقات والتحالفات، خاصة أن 60 نائباً جديداً قد دخلوا إلى الندوة البرلمانية.

سيتولى منصب أمين السر خلال جلسة الاقتراع، النائبان الأصغر سناً ميشال المر، وفراس حمدان، الذي يدخل المجلس وهو مصاب برصاصة ما زالت في جسده تلقّاها لدى مُشاركته بتظاهرة في مُحيط المجلس!

مُهمة «أبو مصطفى» لن تكون سهلة في مجلس النواب، الذي تعترض طريقه ألغامٌ عدة، عليه مع المُخلصين العمل على تفكيكها، تزامناً مع الاحتفال بالعيد الـ22 لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في 25 أيار 2000.