IMLebanon

بيروت تتنفس وتترقب التوافق على رئاستي الجمهورية والحكومة

كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:

بيروت تتنفس من جديد، قالها النائب فريد هيكل الخازن تعقيبا على إزالة بعض الجدران الأسمنتية المزروعة حول مجلس النواب منذ ثورة 17 أكتوبر، مع الشروع بإعادة تهيئته ليعود مجلسا نيابيا كعهده منذ الاستقلال، فيما ينتظر أصحاب المؤسسات والمتاجر التي طال إقفالها، رفع المزيد من الجدران الأسمنتية من طريق أقفل المجلس بوجوههم كثوار، وعاد اليه بعضهم نوابا.

ولم يتردد الرئيس نبيه بري في التجاوب مع مطالبة النائبين التغييريين إلياس جرادة ووضاح الصادق، بإزالة جدران «برلين اللبنانية»، ليكونوا بعد إزالتها أول الداخلين الى حصن ساحة النجمة، مستقبلين بالتحية من شرطة مجلس النواب، التي طالما قابلتهم بالعصي واعقاب البنادق وسواهما من اسلحة القمع المؤذية.

الرئيس بري المشغول بترتيبات إعادة انتخابه، قال امس، انه سيدعو الى جلسة لانتخاب رئيس المجلس ونائبه عندما يلمس ان الاجواء مؤاتية، وليس من الضرورة ان نبقى حتى نهاية مهلة الخمسة عشر يوما، كما قال لصحيفة «النهار».

ويعمل بري على تعزيز حاصله الانتخابي، بعدما بات لديه حوالي 60 نائبا ينتمون الى تكتل أمل وحزب الله والمردة والطاشناق ونواب كتلة عكار الأربعة وبعض النواب المستقلين، ونواب كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة تيمور جنبلاط، الذي استقبل وفدا من كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، في إطار التشاور حول رئاسة المجلس ونيابة رئاسة المجلس، وهو تشاور شكلي لأن تحالف بري ـ جنبلاط الأب، عصي على الانفكاك، كما دلت التجارب.

وللحاصل أهمية سياسية ومعنوية بالنسبة لبري، اما فوزه فهو من تحصيل الحاصل، كونه المرشح الشيعي الوحيد والأكبر سنا، وهاتان الحالتان، تضمنان له الفوز بالتزكية، ما يعني ان معركة رئاسة المجلس، هي عمليا معركة نائب رئيس المجلس، والخط السياسي الذي ينتمي اليه، والكرة الآن في ملعب التيار الحر، ومدى استعداده لقبول المقايضة التي يطرحها حزب الله ويتقبلها بري، ألا وهي الرئاسة لبري، لقاء نيابة الرئاسة لمن يرشحه جبران باسيل ونقطة على السطر.

حكوميا، بات واضحا ان هذا المسار متقاطع مع مسار رئاسة الجمهورية العتيدة، وكلاهما مرتبط بخريطة الطريق التي رسمها «المنسق الدولي» لحل أزمات لبنان، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالتعاون مع المحيط العربي، وفي هذه الخريطة طرح لعقد مؤتمر للحوار الوطني اللبناني على غرار مؤتمر الدوحة الذي طوب الرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، لكن البعض يخشى من ان يكون مؤتمر الحوار غطاء لمؤتمر «تأسيسي» يراد منه اعادة النظر باتفاق الطائف.

إلا أن المصادر المتابعة، شددت على انه لا مؤتمر تأسيسي بالمعنى الذي يريده البعض فرصة للتلاعب بالتوازنات الوطنية السائدة، بل قد يكتفى بمؤتمر اقتصادي، لإخراج لبنان من حالة الاختناق التي يفرضها عليه الدولار، ليأتي بعده الحوار الوطني، مع نضوج التفاهمات الدولية، حول المسار السياسي النهائي للحل في لبنان، ومهمة هذا المؤتمر، إقرار الاصلاحات الضرورية واستكمال تطبيق الطائف وإقرار اللامركزية الادارية وإقامة مجلس شيوخ وترسيم الحدود اللبنانية جنوبا وشرقا وشمالا واستطرادا التفاهم على اسمي رئيسي الجمهورية والحكومة.

على ان ثمة استحقاقا فرنسيا ملحا، يتعين على لبنان انتظاره، ويتمثل بالانتخابات التشريعية الفرنسية في يونيو المقبل، والتي يراهن عليها الرئيس ماكرون لتعزيز تمثيله في الجمعية الوطنية، وقبل انجاز هذا الاستحقاق، تبقى معالجة المستجدات اللبنانية الطارئة على عهدة السفيرات والسفراء العاملين على خط بعبدا، السراي وعين التينة.

وتعتبر سفيرة فرنسا آن غريو، الأنشط باتجاه بعبدا، وزياراتها تكاد ان تكون شبه يومية، وفي زيارتها الأخيرة أمس الثلاثاء تناولت مع رئيس الجمهورية ميشال عون، مرحلة ما بعد الانتخابات في لبنان، والاستحقاقات الدستورية المنتظرة نيابيا وحكوميا ورئاسيا، فضلا عن العلاقات الثنائية، وجددت غريو التأكيد على موقف الرئيس ماكرون الداعم للبنان.

وبمعزل عن توضيحات رئاسة الجمهورية حول كلام النائب جميل السيد حول عدم مشروعية تسليم الرئيس ميشال عون السلطة لحكومة تصريف اعمال بعد انتهاء ولايته، واعتبارها اجتهادا شخصيا، فإن الفتوى الدستورية التي جاء بها السيد ليست جديدة، وقد سبقه اليها المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، وطبقت في نهاية عهد الرئيس اميل لحود، عندما اعتبرت حكومة فؤاد السنيورة مبتورة، نتيجة استقالة الوزراء الشيعة، ونصح الرئيس لحود بأن يسلم السلطات للجيش بقيادة العماد ميشال سليمان، بدلا من حكومة السنيورة، ومن باب مؤتمر الدوحة، دخل العماد سليمان الى رئاسة الجمهورية.

وفي الحالة الحاضرة، تبدو التحضيرات في هذا الاتجاه، فتعطيل تشكيل حكومة جديدة، يخدم فريق العهد، الذي يراهن على البقاء في بعبدا، اذا لم يتيسر له تشكيل حكومة جديدة بغير رئاسة نجيب ميقاتي، المتحالف نيابيا مع نبيه بري، ويكون جبران باسيل قابضا على زمامها، تمهيدا للقول: اما باسيل رئيسا وإما عون في بعبدا الى اجل غير مسمى.

وهذا الوضع يناسب حزب الله، لأنه يرى نفسه في حكومة ميقاتي ورئاسة عون، افضل من أي حكومة اخرى.

وحتى لو سعى فريق الحكم الى تشكيل حكومة جديدة، فالمعارضة التغييرية متمسكة بنواف سلام الذي اوضح مؤخرا انه مع الاستراتيجية الدفاعية، وليس ضد سلاح حزب الله.. فيما تقول «النهار» البيروتية ان ثمة من طرح على الرئيس عون اسم وزير البيئة طارق الخطيب، النائب السابق لرئيس التيار الحر جبران باسيل، كي يشكل حكومة آخر العهد.

ويبقى السؤال، هل نحن امام السيناريو الذي اوصل العماد سليمان الى سدة الرئاسة، عبر تكليف عون للجيش بتسليم سلطاته كما فعل الرئيس لحود، أم ان مؤتمر الوفاق الذي تحضر له فرنسا بالتعاون مع المحيط العربي، خلال سبتمبر المقبل سيتولى معالجة كل الاستحقاقات، الحكومية والرئاسية، قبل مغادرة عون لقصر بعبدا في 31 أكتوبر؟