IMLebanon

الإستشارات النيابية الملزمة… التأليف قبل التكليف!

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

من مجلس النواب وما شهدته تحديداً نقاشات انتخاب هيئة مكتب المجلس يمكن التنبؤ بما ستكون عليه النقاشات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة. الفوضى والتحدي والنكد السياسي ستحكم المشاورات حكماً بالنظر الى غياب الكتل الكبيرة مقابل كتل صغيرة منقسمة في ما بينها، ولا تتوحد على توجه محدد وتختلف على سلم الاولويات حتى بين الحلفاء.

شُرِّع باب البحث الحكومي على مصراعيه. المتوقع دعوة رئيس الجمهورية لإستشارات نيابية ملزمة خلال الأيام العشرة المقبلة ريثما تكون تشكلت الكتل النيابية وتبلغت بها دوائر القصر الجمهوري. خلال لقائهما الاخير بعد زيارة الرئيس نبيه بري قصر بعبدا، بحث ورئيس الجمهورية موضوع الحكومة المقبلة. أمل بري بمرحلة من التعاون خلال ولايته السابعة بينما تعهد عون بتنفيذ الخطوات الاصلاحية مصراً على تشكيل حكومة لمواجهة تحديات الازمة واستحالة تسليم صلاحياته لحكومة تصريف اعمال. منذ أعلنت نتائج الانتخابات بدأ التداول بشكل الحكومة الجديدة ومستوى تمثيل الكتل النيابية والأسماء المؤهلة لترؤسها. مثل هذا النقاش تضج به كواليس كل القوى السياسية من دون استثناء انطلاقاً من تقييم المشاركة وحجمها في اي حكومة مقبلة.

من بين القوى من استعرض الوقائع ربطاً بنتائج الانتخابات وبنى عليها. قوى أخرى فضلت التريث ريثما تتوضح الرؤية في ما يتعلق بالدور السعودي وحجمه. وهل سيكون هذا الدور مشابهاً لذاك الذي شهدناه في الانتخابات النيابية، والدفع باتجاه دعم شخصية محددة لتولي العمل الحكومي، ام تكتفي بالترصد عن بعد تجنباً لتجربتها في الانتخابات النيابية؟ وماذا عن الدور الفرنسي والاميركي ربطاً؟

سعودياً، تقول اوساط مراقبة إن لديها معلومات حتى الساعة تفيد بأن المملكة ترفض اعادة تكليف رئيس الحكومة الحالي، وعلى عكسها الموقف الفرنسي الذي يشجع على اعادة تكليف ميقاتي مجدداً مع بعض التعديلات على حكومته الحالية. في المعطيات ان الفرنسيين باشروا جسّ النبض الحكومي مع القوى السياسية البارزة. زيارة السفيرة الفرنسية آن غريو لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل تصب في هذا الاتجاه، كذلك زيارتها المرتقبة الى ضاحية بيروت الجنوبية. ووفق ما رشح عن زيارتها باسيل ان البحث تطرق الى التكتلات النيابية وتوزّعها والحديث عن عدم وجود أكثرية نيابية مرجّحة. عطفاً على خطابه السابق والشروط التي وضعها لرئيس الحكومة المقبل، يمكن الاستنتاج ان خيار «التيار» لن يكون ميقاتي حكماً وسيختلف مع الثنائي الشيعي الذي يميل لاستمرار ميقاتي، وهو ما تؤكده مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي أنها لمست تشجيعاً فرنسياً على اعادة تكليف ميقاتي مع تعديلات طفيفة على الحكومة الحالية. في بورصة الاسماء، جملة ترشيحات مطروحة الى جانب ميقاتي من بينها عبد الرحمن البزري ونواف سلام وآخرون. وفي المقابل تعتبر خيارات من نوع اشرف ريفي وفؤاد مخزومي محروقة سلفاً.

المشهد المربك على الساحة السنية لا سيما في ضوء نتائج الانتخابات النيابية سيعقّد حكماً عملية الاختيار لغياب المرجعية وعدم وجود شخصية قيادية. من غير المعروف بعد من هي الجهة الممسكة بالقرار السني ومن سيقرر تمثيلهم، السعودية ام مصر مثلاً المحبذة لاستمرار ميقاتي؟ مقتضيات النظام التوافقي تعني التوافق مع اي طائفة على ممثلها فمع اي جهة سيكون الاتفاق بخصوص رئيس الحكومة السني؟ وهل يمكن حصر التمثيل الدرزي بالحزب «الاشتراكي» بعد فشل رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال ارسلان انتخابياً، ام ستمثل قوى التغيير؟ وتمثليها ان لم يكن درزياً فسيسحب من درب اي طائفة؟

الاجوبة على مثل هذه الأسئلة تحدِّد بوصلة الحكومة المقبلة ورئيسها وهذه تتوقف على شكل الكتل النيابية وعددها وخريطة طريقها السياسي ومقاربتها للحكومة. وهل يشارك حزبا «القوات» و»الكتائب» في الحكومة وبأي حجم مقابل تمثيل «التيار»؟ وماذا عن تمثيل «حزب الله» وهل سيكون التمثل مع «القوات» في نفس الحكومة بعد موقعة الطيونة؟ بمعنى آخر كلمة الفصل في تشكيل الحكومة ستكون للاكثرية الجديدة أم للمعارضة؟

ومن هي الشخصيات المحتمل ان تختارها «القوات» او تسميها قوى التغيير وترضى بها «الكتائب» وماذا لو كانت خيارات صدامية؟

نقطة ثانية مهمة وهي رفض رئيس الجمهورية التكليف قبل الاتفاق مع أي رئيس مكلف على التأليف والبيان الوزاري، وكل التفاصيل المحتمل أن تعيق تأليف الحكومة وتستنزف الوقت المتبقي من عمر العهد من دون حكومة، ومنعاً لاستمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية مع صلاحيات رئيس الجمهورية وهو سيناريو محتمل وقد استعد له ميقاتي، بدليل تلميحه الى إمكانية الدعوة إلى جلسات حكومية واعتماد منطق المراسيم الجوالة.

اما الثالثة والاهم فهي رفض طرح حكومة الاختصاصيين او التكنوقراط والاصرار على حكومة سياسية وام المعارك فيها ستكون، واكثر من اي وقت مضى، على حقيبتي الطاقة والخارجية حيث المستقبل لاستخراج الثروة النفطية وموقع لبنان ودوره الخارجي في زمن التسويات المنتظرة في المنطقة.