IMLebanon

التناقضات اللبنانية وتحرك هوكشتاين

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

بعد الاتصالات البعيدة من الأضواء وزيارتيّ كل من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن في الأسبوعين الماضيين، باتت الفرصة متاحة أكثر من الأشهر القليلة الماضية من أجل دفع المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، بعيداً من إخضاع هذا الملف للمزايدات والسقوف العالية في طرح الشروط والمطالب، من هنا ومن هناك، وصولاً إلى تهديدات الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بمنع الإسرائيليين من بدء التنقيب الذي ستتولاه سفينة الحفر التابعة لشركة «هاليبورتون» الأميركية بتلزيم من شركة «إينرجين» اليونانية، والتي وصلت إلى المياه الإسرائيلية، لتبدأ عملها في الأيام المقبلة. بقدر الحاجة الدائمة إلى توحيد الموقف اللبناني وتقلباته في التفاوض، وهو الأمر الذي تلح عليه الأمم المتحدة والوسيط الأميركي وسائر من يعرف تفاصيل المفاوضات، فإن ما يتفق عليه معظم المتابعين للملف أن على لبنان أن يقدم الأجوبة الخطية على العرض المزدوج الذي تقدم به الوسيط الأميركي المكلف كبير خبراء وزارة الخارجية لأمن الطاقة آيموس هوكشتاين، نتيجة آخر زيارة له. وتضمن خرائط وخيارين مكتوبين في شأن الحل الوسط الذي يقترحه لحصول لبنان على حقل قانا بالكامل والواقع بأكثره ضمن الخط 23، الذي هناك إجماع بين رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة على التمسك به.

اللواء ابراهيم قال قبل 3 أيام عن إثارة هذا الملف في واشنطن إن «الولايات المتحدة تنتظر رد لبنان على المقترح الاميركي (حملته السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى الرئيس ميشال عون في آذار) الذي قدمه هوكشتاين». وأضاف: «قدم لنا هوكشتاين اقتراحاً مكتوباً وعلينا ان نرد، وهذا الرد سيفتح باب النقاش والتفاوض مجدداً».

ما زال التباين اللبناني في مقاربة آلية تجديد تحرك هوكشتاين قائماً، وهو سبق أن فرض تأخيراً في استئنافها…

وفي الوقت الذي يوحي كلام ابراهيم أن تشغيل هوكشتاين محركات وساطته الجامدة منذ آخر لقاءاته في بيروت في 10 شباط الماضي، تتوقف على تسلم المسؤول الأميركي هذا الرد، الذي صاغه ممثلون عن رئاستي الجمهورية والحكومة وخبراء من وزارات معنية، بعد تسلم خرائط هوكشتاين والنص المكتوب في آذار الماضي، فإن وزارة الخارجية تلح على أن يجدد تحركه بصرف النظر عن إرسال الرد أو عدمه، وأن إنجاح وساطته لن يتم بزيارة أو زيارتين كل شهرين أو أكثر بل بتكثيف لقاءاته في بيروت وتل أبيب. فاللجنة التي سميت تقنية على مستوى الموظفين، أنجزته بعد امتناع الرئيس نبيه بري عن إشراك ممثلين عنه في اللجنة. وبعد إنجاز الرد لم يتم إبلاغ الأميركيين به من دون توضيح الأسباب. وحجة واشنطن لعدم تحرك الوسيط مجدداً، أنه لم يحصل على الرد، وأنه منشغل في أمور أخرى منها متابعة التفاوض على الصعيد الدولي من أجل تأمين بدائل الغاز الروسي للدول الأوروبية والحلفاء بعد حرب أوكرانيا، والتفاوض مع دول الخليج النفطية على رفع مستوى إنتاجها للنفط لخفض أسعاره… إستند الجانب اللبناني في حثّه واشنطن على إعادة تحريك الوساطة وأن «هناك فرصة ذهبية كي ينجح هوكشتاين في مهمته»، إلى ثلاثة معطيات: أولها أن الجانب الأميركي أبلغ الوزير بو حبيب واللواء ابراهيم أنه متحمس لإنهاء هذا الملف. ثانيها أن هناك اتفاقاً بين الرؤساء الثلاثة في لبنان على ذلك أيضاً وعلى اعتماد الخط 23، لا الخط 29 للترسيم. وسبق لهوكشتاين أن تبلغ ذلك مرتين (وقبله ديفيد هيل في العام 2021 حين كان ما زال في منصبه في الخارجية الأميركية). وثالث هذه المعطيات أن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا نقلت إلى الوزير بو حبيب قبل أسابيع بعد زيارة قامت بها إلى إسرائيل، أن رئيس وزرائها نفتالي بينيت أبلغها أنه جرى إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان. لكن من دوافع لبنان للإلحاح أن لبنان بعد أن أطلق دورة التراخيص الثانية للتنقيب في 8 بلوكات نفطية في الجنوب والشمال، تنتهي مدة تقديم الطلبات إليها في 15 حزيران الجاري، كان هناك تردد من قبل هذه الشركات في الإقبال على الاشتراك فيها في ظل استمرار النزاع مع إسرائيل. كما أن شركة «توتال» الملتزمة مع شركتين إيطالية وروسية، التنقيب في البلوك الرقم 9 جنوباً منذ 2018، أخرت بدء الحفر بانتظار الحل.

من التناقضات، ما أعلنه اللواء ابراهيم عن أن لبنان يعتبر «في المبدأ أن الخط 29 هو خط التفاوض. وكل ما هو داخل الخط 29 يصبح مناطق متنازع عليها… ولا يحق للعدو استخراج النفط او التصرف بأي شيء شمال هذا الخط». كما هدد نصرالله بمنع سفينة الحفر في حقل «كاريش» الإسرائيلي (يقع ضمن الخط 29 فيما لبنان قرر التزام الخط 23 ) عبر إرسال مسيّرة لإنذارها. الازدواجية تتناول موقف «حزب الله» نفسه. فالمسؤولون اللبنانيون تبلغوا بأن لا مشكلة في مواصلة التفاوض. ولذلك يعتقدون أن التصريحات الصادرة عن «حزب الله» للاستهلاك وليست عقبة أمام استئنافه وفق ما تبلغوه من الحزب.