IMLebanon

المجلس الدستوري اللبناني تحت المجهر

كتب ناصر زيدان في صحيفة الأنباء:

الأنظار الداخلية والخارجية شاخصة باتجاه المجلس الدستوري في لبنان، بعد التصريحات التي صدرت عن قيادات لبنانية مختلفة حول الطعون المقدمة أمام هذا المجلس، خصوصا ما قاله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: إن تكتله يضم 18 نائبا، لكن سيضم أكبر من هذا العدد عند بث المجلس الدستوري بالطعون المقدمة من بعض نوابه الذين فشلوا في الانتخابات، لاسيما في دائرة جزين وفي البقاع.

وترافق هذا الموقف مع تصريح للنائب السابق فيصل كرامي الذي ينتمي إلى ذات الفريق السياسي، ذكر فيه أن سقوطه في الانتخابات كان لسبب سياسي وعودته إلى النيابة أو عدمها، بعد البث بالطعن الذي قدمه، سيكون بقرار سياسي أيضا.

والقاضية غادة عون المحسوبة على الحكم، استجوبت النائب الكتائبي إلياس حنكش دون غيره بتهمة رشوة الناخبين، وأحالت الملف الى المجلس الدستوري صاحب الصلاحية لاتخاذ القرار المناسب.

ومجموعة من وسائل الإعلام ومواقع التواصل، ذكرت أن اتفاقا حصل بين فريق الرئيس نبيه بري وحزب الله مع فريق النائب جبران باسيل، يقضي بأن يمنح قسم من نواب كتلة باسيل أصواتهم لبري في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، مقابل تأييد العضوين المؤيدين لهذا الأخير في المجلس الدستوري للطعن المقدم من نائبين من كتلة باسيل، وبالتالي تأمين إعادة فوزهم وإسقاط منافسيهم.

كما لوحظ أن حملة مركزة تجري لتحريض مرشحين خاسرين لتقديم طعن ضد نواب فازوا ومحسوبين على القوى السيادية وقوى التغيير، لاسيما في بيروت، بهدف تبديل كفة الأكثرية لصالح قوى الممانعة، برغم أن هذه القوى فازت بقوة الأمر الواقع برئاسة مجلس النواب، وبمنصب نائب رئيس المجلس بفعل تشتت قوى المعارضة.

المجلس الدستوري الذي أنشئ بموجب القانون 250/1993 يتألف من 10 أعضاء من كبار القضاة وأساتذة القانون والعلوم السياسية، ينتخب 5 منهم مجلس النواب، ويعين الـ 5 الآخرين مجلس الوزراء بموجب العرف الطائفي، وفي الغالب يؤثر النواب والوزراء في اختيارهم، رغم أن قراراتهم مستقلة، ولا تخضع لأي سلطة أخرى، وأحكامهم تصدر بغالبية الثلثين، وهي نهائية وغير قابلة لأي تمييز أو مراجعة.

ومن أبرز صلاحية المجلس البت بالطعون التي يتقدم بها المتضررون في الانتخابات النيابية، وهو قد يبطل نيابة الذين شاب فوزهم عيبا مخالفا للقانون، كما يرفض قبل الطعون إذا لم تتوافر فيها أدلة دامغة عن وجود مخالفات.

والرصد الدقيق لأداء أعضاء المجلس الدستوري في هذا الوقت بالذات، يحصل جراء المخاوف التي تعتري بعض القوى المعارضة من إقدام أعضاء من المجلس على تغليب الأهواء السياسية، أو الخضوع للضغوطات، وبالتالي إصدار قرارات لا تستند الى أدلة دامغة، وحرمان بعض النواب من حقهم في الفوز، واستبدالهم بمعارضين لهم عن غير وجه حق. وهناك تجارب سابقة حصلت في الماضي، تخاف الأوساط السياسية الداخلية والخارجية من تكرارها.

ففي العام 2002 قبل المجلس الدستوري الطعن ضد مؤسس تلفزيون أم تي في غبريال المر في دائرة المتن، وأسقط نيابته، وهو كان قد نال 34745 صوتا، وأعلن فوز غسان مخيبر الذي لم ينل سوى 1773 صوتا.

من المؤكد أن الرأي العام يرحب بأي تصويب يتبناه المجلس الدستوري، يستند الى وقائع دامغة، خصوصا اذا كانت قرارته تهدف لاستعادة حق واضح لمرشح ظلم جراء اختلال في العملية الحسابية، لكن تبني أي قرار من دون أن تكون هناك مخالفات واضحة، سيؤدي الى تفاقم الاضطرابات السياسية، ولن يمر مرور الكرام، علما أن الماكينات الانتخابية للأحزاب وللمرشحين تملك صورا عن محاضر الأقلام ولجان القيد، ولديها مكاتب قانونية تابعت مجريات العملية الانتخابية بكل تفاصيلها.